تشارك دولة فلسطين في الدورة التاسعة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المنعقد بمقر الأمم المتحدة في فيينا.
وألقت مندوبة بعثة دولة فلسطين المراقبة الدائمة لدى الامم المتحدة في فيينا صفاء شبات، بيانا أمام المؤتمر ذكرت فيه أن مكافحة الجريمة العابرة للحدود والتصدي لها يعتبر أكثر تعقيدا في فلسطين عن غيرها من بقية دول العالم، ويعود ذلك إلى كونها دولة تحت الاحتلال، وبالتالي لا وجود لسيطرة فلسطينية فعلية على الحدود بسبب سيطرة اسرائيل على هذه الحدود بالكامل مما يعيق الحكومة الفلسطينية من اتخاذ التدابير اللازمة لملاحقة مرتكبي الجرائم في العديد من القضايا، بالإضافة الى أن إسرائيل عبر ممارستها اليومية من مصادرة الأرض لأغراض الاستيطان واقتحام المدن والقرى والبلدات الفلسطينية وغيرها من الممارسات الاحتلالية تحول دون بسط السيادة وتحقيق العدالة وانفاذ القانون في تلك المناطق.
وأكدت شبات، أن استمرار الاحتلال، هو مسبب للتطرف، والعنف، ويحرم الشعب الفلسطيني من التنمية المستدامة، كما ان غياب المساءلة والافلات من العقاب يغذي التطرف، والعنف، "وعليه فإننا نؤكد على القرارات الدولية ذات الصلة، وعلى ضرورة اتخاذ الاجراءات اللازمة من اجل مواجهة الارهاب، من خلال العمل على انهاء الاحتلال في الاراضي الفلسطينية، وفض النزاعات الدولية، والحوار، وتعزيز الحوكمة، وحقوق الانسان، واعمال قواعد القانون الدولي ومبادئه، والاعتراف بالحقوق غير القابلة للتصرف للشعوب، وتمكين الشباب باعتبارهم محرك التغيير نحو الافضل، وتحقيق خطة الامم المتحدة للتنمية المستدامة وأهدافها وخاصة الهدف 16 منها، من خلال وضع اليات للرصد والتقييم بالإضافة الى المُساءلة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الانسان، والقانون الدولي الانساني، والقانون الجنائي الدولي".
كما سلط البيان الضوء على أن فلسطين وبحكم تاريخها الذي يمتد لآلاف السنين، هي ملتقى الديانات السماوية الثلاث ومن احدى أقدم الحضارات، ولان تراثها وممتلكاتها الثقافية هي جزء اصيل من التراث المشترك للبشرية وشاهد فريد وهام على عمق ثقافة الشعب العربي الفلسطيني وهويته الوطنية والقومية والإنسانية، فإنها تحتاج الى اهتمام وحماية دولية معززة في ظل ما تتعرض له الممتلكات الثقافية الفلسطينية من تدمير وتخريب واستحواذ وتعدي على مواقع اثرية في المناطق المسماة ب و ج والقدس الشرقية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد رصدت مؤسساتنا الوطنية إجراءات اتخذت لتغيير الطابع الفلسطيني الثقافي والتراثي في مدنها وعلى أراضيها المحتلة فالحفريات التي تجرى تحت المسجد الأقصى وهدم عدد من البيوت ومعالم اثرية في احياء القدس الشرقية أضر كثيرا بالممتلكات الثقافية الفلسطينية وأهملت وتعارضت مع قرارات "اليونسكو" وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حال النزاع المسلح لعام 1954 وبروتوكولها.
كما أشار البيان إلى أن دولة فلسطين تعمل بجدية على تأسيس مؤسسات قائمة على احترام القانون وتعزيز الحوكمة الرشيدة لإنارة طريقها للمستقبل وعليه انضمت للعديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تساعدها على تحقيق أهدافها وتعزز التدابير والجهود الوطنية في تنفيذ السياسات والاستراتيجيات الوطنية، كما وتساند من خلالها الجهود الاقليمية والدولية في محاربة الجريمة بأشكالها المختلفة، وفي سبيل ذلك قامت دولة فلسطين بالانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وغيرها من الاتفاقيات الدولية وكذلك الإقليمية في أطار جامعة الدول العربية.
وعبر البيان عن أهمية انعقاد هذا المؤتمر الدولي في ظل الظروف الراهنة حيث ينعقد في ظل ظروف دولية وإقليمية ومحلية غاية في الصعوبة والخطورة والتعقيد، فالجريمة تتنامى بوتيرة سريعة وبخطورة متزايدة على نحو أصبحت تشكل آفة تهدد النسيج الاجتماعي والاقتصادي واستقرار وأمن المجتمعات، وتكمن خطورتها في أن نشاطها لم يعد يقتصر على مجال دون اخر كجرائم الاتجار بالأشخاص والفساد وغسل الأموال، والإرهاب، وإنما تعداها بظهور أنواع مستجدة مثل الجرائم التي لها تأثير على البيئة، والجرائم المتعلقة بالإتجار بالممتلكات الثقافية، وجرائم الاحتيال الاقتصادي، والجرائم الالكترونية، والاتجار بالأعضاء، وجرائم الكراهية، ولهذا فإن هذا المؤتمر يقدم فرصة لمعالجة موضوعات مختلفة في مجال منع الجريمة وتحسين العدالة الجنائية بهدف تعزيز سيادة القانون وتحقيق الأمن والسلام حول العالم.
وفي ذات السياق اشار البيان إلى أهمية إنشاء آلية محايدة شاملة حكومية دولية وشفافة وفعالة لاستعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة عبر الوطنية وبروتوكولاتها، وأن تكون متسقة تماما معها وكذلك مع المبادئ والخصائص التي حددها مؤتمر الدول الأطراف بالاتفاقية، وأهمية توفير المساعدة التقنية وتعزيز التعاون الدولي.
وأكد البيان، أهمية أن يستمر دور مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في لعب دوره الهام في مساعدة الدول الأعضاء للخروج بتوصيات تساهم في صياغة السياسات والاستراتيجيات لمنع الجريمة، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال تماشيا مع احكام اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكولاتها.
وفي الختام نقلت مندوبة البعثة للمؤتمر، تطلعات دولة فلسطين في الاستمرار في ارساء دولة آمنة ذات سيادة يحكمها دستور يكفل الحرية لمواطنيها والسلام لمجتمعها، ويتمتع مواطنيها بحقوق وحريات ويلتزم بالواجبات تحت مظلة سيادة القانون، وان نساهم في الجهود الإقليمية والدولية في دعم تنفيذ فعال لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكولاتها.