كشف أمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، عن أن حالة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (أبو مازن)، كانت خطيرة للغاية عندما رقد في المستشفى في رام الله، في أيار/مايو الماضي.
وقال عريقات إن "أبو مازن مات في أيار/مايو الماضي، عندما عانى من الالتهاب الرئوي الشديد، لكن بطرقة ما عاد (إلى الحياة)... ووصل مستوى البروتينات في دمه إلى 391، وعانى من تلوث خطير في الرئتين، ودرجة حرارة جسده وصلت إلى 42 درجة، ولم يعتقد أحد أن ثمة احتمال بنجاته، لكنه عاد".
جاءت أقوال عريقات في مقابلة معه نشرته صحيفة "معاريف" اليوم، الجمعة. وتحدث عريقات عن العملية الجراحية لزراعة رئة، التي أجراها في واشنطن، العام الماضي. وقال إن "كلانا عدنا من العالم الآخر. لقد كنت في حالة موت سريري خلال عملية الزرع لمدة دقيقتين و40 ثانية في 12 تشرين الأول أكتوبر 2017".
وأضاف عريقات حول الخطوات التي اتخذها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ضد الفلسطينيين مؤخرا، أنه قريب من عباس، "وقلت له إنك فعلت كل ما بوسعك. وأنا فعلت كل ما بوسعي من أجل تحقيق السلام. انتهى الأمر".
وأشار عريقات إلى أن عباس يعتزم إلقاء خطاب أما اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في 27 أيلول/سبتمبر الحالي. وأضاف أنه "إذا لم يزود أبو مازن البضاعة التي ينبغي أن يزودها في نهاية هذا الشهر، فإنني سأضع مفاتيحي على الطاولة قبل انتهاء خطابه".
وتابع: "لقد فشلنا في تطبيق اتفاق أوسلو، ويجب أن نعترف بذلك... اعترفنا بإسرائيل في حدود العام 1967، وافقنا على تبادل أراضي، وهذه فكرتنا أصلا. وافقنا على دولة منزوعة السلاح، من دون جيش؛ وعلى حل عادل ومتفق عليه للاجئين، لا يتم فرضه على إسرائيل؛ على وجود طرف ثالث، حلف الناتو أو الأميركيين، كي يطبق ويتيقن من تنفيذ الاتفاق ويتواجد في الأراضي الفلسطينية فقط، لا في إسرائيل ولا في الأردن. وعلى ماذا حصلنا في المقابل؟ على نتنياهو يواصل توسيع المستوطنات في كل مكان".
وقال عريقات إنه أبلغ صهر ومستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنير، بأن إغلاق وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) سيهدد استقرار الأردن. "لقد قال الأميركيون لي إنهم يريدون إغلاق أونروا. ذكّرتهم بأن أونروا أقيمت بموجب اقتراح السفير الأميركي في الأمم المتحدة، في كانون الأول/ديسمبر العام 1949. أونروا تعني 477 ألف تلميذ فلسطيني، و309 مراكز طبية، و13 مركز تأهيل، وتعني قروضا للمحتاجين، للنساء الشابات والطلاب الجامعيين. أونروا ليست وكالة فلسطينية. ومن سيتضرر من إغلاقها، عدا الناس العاديين؟ ليس نحن. بل الأردنيون. قلت لكوشنير إن استقرار الأردن هام لنا جميعا. هذا مفتاح السلام. لا تلعبوا هذه اللعبة".
واعتبر عريقات أن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين "بسيط جدا. بواسطة التوقيع على نهاية الصراع وغياب المطالب. هذا هو مفتاح الحل. وعندما تكون المعادلة، مثلما كُتب في مبادرة السلام العربية، هي حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، يكون قد تم الاتفاق على أنه لا يمكن فرض أي شيء على إسرائيل في هذا الموضوع. ماذا تريدون أيضا؟ اللاجئون سيحصلون على أربعة خيارات: بإمكانهم الاختيار بين دولة ثالثة، المكان الذي يعيشون فيه، الدولة الفلسطينية أو إسرائيل، ولكن عندما يكون الحل باتفاق الجانبين، لن تكون هناك إمكانية فرض استيعاب لاجئين على إسرائيل. وجامعة الدول العربية توافق على ذلك. لذلك كُتب في خطة كلينتون ’حل عادل ومتفق عليه’. هذا هو الموقف الفلسطيني الرسمي، ولا يوجد غيره".
وأضاف عريقات: "إذا كنت أريد حق العودة، لماذا أقدم هذه التنازلات، لماذا لست متمسكا بفكرة الدولة الواحدة مع مساواة في الحقوق؟ ونحن لم نوقف أبدا، ولو للحظة واحدة، التعاون الأمني معكم ومع الأميركيين".
وفي الوقت الذي تُتهم فيه السلطة الفلسطينية، بواسطة أجهزتها الأمنية، بملاحقة النشطاء الفلسطينيين ومنع مقاومة الاحتلال وأنها تعمل عمليا لمصلحة الاحتلال بواسطة ما يسمى "التنسيق الأمني"، قال عريقات إن "الإرهاب هو تهديد وجودي لنا. ونحن لا نصنع جميلا لكم. لدينا قنوات مفتوحة معكم ومع CIA".
اللافت أن عريقات يتحدث طوال المقابلة عن أن الإسرائيليين، وفي مقدمتهم رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، لا يريدون السلام مع الفلسطينيين، لم يفسر السبب الذي يجعله يقدم تنازلات بالغة، كهذه التي تحدث عنها حول حق العودة، بصفته "كبير المفاوضين" الفلسطينيين، وحتى أنه يفعل ذلك من خلال صحيفة إسرائيلية تعتبر يمينية، وأمام صحافي، هو بن كسبيت، الذي كتب بعد اعتقال المناضلة الفلسطينية الشابة، عهد التميمي، أنه "في حالة الفتيات، يجدر جباية الثمن في فرصة أخرى، في الظلمات، من دون شهود وكاميرات".