كشف المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" العبرية ، عاموس هرئيل، اليوم الأربعاء، أن كلا من إسرائيل وحركة حماس أقرب من أي مرحلة سابقة في الشهور الأخيرة إلى "تسوية صغيرة"، تهدئة مقابل تسهيلات في الحصار المفروض على قطاع غزة. وفي حال نجحت جهود الوساطة التي يقودها مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، والاستخبارات المصرية، فمن الممكن أن يسود الهدوء على حدود قطاع غزة لعدة شهور، على الأقل.
يأتي ذلك بينما يدرس نتنياهو التوجه نحو الانتخابات، وذلك على خلفية الأزمة الائتلافية بسبب "قانون التجنيد"، إضافة إلى اعتبارات أخرى. وبالنتيجة فإن وقف إطلاق النار يتيح له إدارة المعركة الانتخابية بحيث لا يضطر للرد على الاتهامات بالتخلي عن منطقة الجنوب، وإبقائها عرضة للصواريخ والحرائق.
وبحسب هرئيل، فإن الجانب السلبي للتفاهمات مع حركة حماس، بالنسبة لنتنياهو، هو أنه عمليا يجري مفاوضات مع حماس، وإنكاره ذلك لا يقنع أحدا، فهو يعرف بالضبط إلى أي عنوان يحمل الوسطاء أجوبته. وكان قد حصل ذلك في السابق، في ظل حكومة إيهود أولمرت، بعد الحرب العدوانية على قطاع غزة في كانوني 2008 و 2009 (الرصاص المصبوب)، وفي ظل حكومة نتنياهو عام 2012 (عامود السحاب) و2014 (الجرف الصامد).
واعتبر ذلك نجاحا بالنسبة لحركة حماس التي "بدأت التصعيد على الحدود في المظاهرات التي بدأت في نهاية آذار/مارس"، بحسبه، ويتوقع أن تؤدي هذه التفاهمات إلى تخفيف الضغط الإسرائيلي على قطاع غزة.
ينضاف إلى ذلك، بحسب المحلل العسكري، أن هذه التفاهمات سجلت إنجازا آخر لحماس، وهو اعتبارها "شريكا مهما وشرعيا في الاتفاقيات الإقليمية. وقد حقق ذلك عن طريق المقاومة العسكرية، بشكل مخالف تماما للخط الذي يتبناه المعسكر الفلسطيني الخصم، فتح والسلطة الفلسطينية".
ويضيف أن نتنياهو اختار على ما يبدو الخيار الأقل سوءا بالنسبة له، حيث أنه "من الممكن أن يتجنب قتل عشرات الجنود والمواطنين الإسرائيليين في مواجهة عسكرية واسعة في غزة في الشهور القريبة. ونظرا لأنه لم يضع لنفسه هدفا واضحا يمكن إنجازه خلال الهجوم على القطاع، فهو على استعداد لتلقي انتقادات من اليمين واليسار بسبب إظهار الضعف أمام الأرهاب، حتى لا يجد نفسه في حرب لا يعرف كيف ومتى تنتهي".
وأشار في هذا السياق إلى أن الوزير نفتالي بينيت، كان قد انتقد الاتفاق، يوم أمس، وحذر مما اعتبره "جائزة للإرهاب"، وعرض في اجتماع المجلس الوزاري شن هجوم على حركة حماس، دون إدخال قوات برية إلى داخل القطاع، بيد أن اقتراحه لم يلق تأييدا.
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي كان قد قرر فتح معبر كرم أبو سالم، اليوم، وتوسيع منطقة الصيد قبالة شواطئ غزة. ويتوقع تقدم تسهيلات أخرى بشكل تدريجيا في حال ظل الهدوء سائدا على الحدود.
ولكن، بحسب هرئيل، فإن الاتفاق بشأن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة سيظل صعبا على التنفيذ بسبب إصرار حماس على إطلاق سراح عشرات الأسرى الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، في حين أن الشاباك لا يزال يعارض إطلاق سراحهم.
كما لفت إلى قضية أخرى لا تزال على جدول الأعمال وهي المصالحة الفلسطينية، مشيرا إلى معارضة السلطة الفلسطينية ومساهمتها في زيادة حدة التوتر في قطاع غزة بسبب العقوبات التي اتخذتها ضد غزة.
ويخلص إلى أنه في حال إنجاز الاتفاق مع حركة حماس، فإن إسرائيل تكسب الوقت لاستكمال الحاجز الذي تبنيه تحت الأرض على طول الحدود مع قطاع غزة لمواجهة الأنفاق الهجومية، والذي ينتهي العمل فيه نهاية عام 2019. كما تظل، بالنسبة لإسرائيل، قضية القوة العسكرية لحركة حماس عالقة، حيث تربط إسرائيل بين إعادة إعمار غزة وبين نزع أسلحة حماس. ويبدو أن ذلك لن يتحقق في هذه الجولة خاصة وأن الحكومة الإسرائيلية ليست على استعداد لدفع الثمن في حال اللجوء إلى عملية عسكرية ضد القطاع لو قررت مواصلة رفض التفاهمات.