مبادئ رسخت حتى أضحت ثوابت ومدارس و عقيدة ثورية ، تربى عليها أجيال و إتبعتها حركات و تنظيمات في الإقليم و إمتد تأثيرها إلى ما خلف شواطئ أمريكا اللاتينية و أعماق أفريقيا و أطراف الشرق الأقصى .. مثل : البندقية غير المسيسة ، قاطعة طريق .. الفعل العنيف ثورياً لابد أن يوازيه أداء سياسي يجني الثمار . وطن بمساحة خيمة أفضل من مليون قصر خارجه .
وغيرها من بدهيات و خطوط و قواعد .. شكلت في مضمونها و مجموعها أو أجزائها أحياناً ، مرتكزاً لشكل الكفاح الفلسطيني للعودة و تقرير المصير ببناء الدولة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف و عودة وتعويض اللاجئين .
ولا يجب أن ننسى المقولة الخالدة لأبوعمار ، في أحد خطاباته الجماهيرية ، في غزة بعد العودة ، أننا مازلنا في مرحلة النضال و المقاومة ولكن بأدوات مختلفة .. و أننا نخطئ التقدير إن ظننا أن العملية إنتهت ، و الدولة أقيمت ، و بدأنا في الجدل حول المؤسسات و المشاركة و المشاطرة و شكل النظام ... و للأسف ، ذهب أبو عمار ، و لأننا ننسى ، و لا نعتبر ، ذهبت أيضاً تعاليم القائد المؤسس ، و رويته أدراج الرياح ، رياح الإنقسام و الجدل و حب السلطة و الفساد ، و عديد من الآفات و الأمراض التي أصابت طبقاتنا السياسية و الإجتماعية ، ناهيك عن المؤثرات الخارجية التي أججت و نفخت في النار .. لتأكل الأخضر و اليابس .. و لنخسر بشكل متتابع ، وكلما خسرنا دفعنا العناد ، و ليس الأمل ولا الصمود ، بل هو الإصرار على الخطأ .. إلى الإعلان أننا إنتصرنا ..
بدأت القصة من حيث أنتهت ، أو هي إنتهت حيث بدأت .. كلاهما صحيح .. فكل ما حاولنا فعله على مدى ربع قرن مضى ، يعاد بشكل آخر اليوم ، بأيدٍ ووجوه مختلفة ، ولكن ، بمزيد من قلة الخبرة ، و قصر النظر ، و السذاجة ، و لا يمكن أن نقول الخيانة ، وإن كان الغباء و الجهل يصب في النهاية في مصلحة الأعداء ، و يدمر مصلحة الوطن ، و يفعل ما تفعله الخيانة .. وقد أصبح السيناريو سهل ، و محفوظ ، و يمكن قراءته عن ظهر قلب ، مكرر ، فمثلاُ ، ما يحدث هذه الأيام من حراك يريد من يقف واراءه أن يظهره وكأنه مبهم يعطي المؤشرات التالية :
إذا إستمرت موجة النقد و التشكيك ، في محاولات التوصل إلى هدنة و حلول " إنسانية " لفصل قطاع غزة عن الوطن و إنهاء قضية اللاجئين و نسف الحق بالدولة و القدس ، و إقامة كيان مرتزق .. تحقيقاً للرؤية الأمريكية الصهيونية لإعادة ترسيم خارطة الشرق الأوسط و التي تبدأ من نواة فلسطين و تحديداً من غزة .. إذا ظل هذا السيناريو يواجه مشاكل و نقد ، فلابد من تنقيحه ، كيف ؟
الإجابة : صناعة بطولة ..
بشن حرب محدودة ولكن بضربات قاسية ، تجعل العالم يقف وينادي بضرورة وقفها و تكون خلالها الضربات المسددة لإسرائيل ثقيلة ( أو هكذا يتم إظهارها ، على غرار سلاح الصورايخ النووية الورقية الحارقة الذي ضخمته إسرائيل و الإعلام الأمريكي ) .. و هنا ... يتم وضع شروط للقبول بوقف إطلاق النار .. و ترضخ إسرائيل .. و في طيات هذا الإتفاق يتم حل قضية الأسرى الإسرائيليين ، و أسرى فلسطينيين ، و غير مستبعد أن يكون مروان البرغوثي أو / و أحمد سعدات بينهم ، لذر الرماد في العيون ، و إظهار الإنتصار العظيم ، و نسف منظمة التحرير الفلسطينية و مؤسساتها وسلطتها و رموزها تماماً ، و هنا تخرج الجماهير المضللة ، تصفق و تهلل ، و تتغنى بالأمجاد و البطولات ، ويبدأ قطار ترامب / نتنياهو في المسير ... مكملاً رحلة بدأها شارون الذي بدأ الخطة بالإنسحاب الأحادي المفاجئ من قطاع غزة بعد أن تأكد من قوة تيار المجمع وقدرته على قلب الطاولة خلال بضع سنين ، وهذا ما تم .. و يتم إلى الآن ..