أطلقت المحكمة الجنائية الدولية، الأسبوع الماضي، حملة للتواصل مع "ضحايا الأوضاع في فلسطين"، ما أثار غضب مسؤولين اسرائيليين وانتقادات من مستشار قضائي سابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية.
ففي بيان صحفي صدر الجمعة، أمر ثلاثة قضاة، أعضاء في ما يعرف بالغرفة ما قبل المحكمة التي تتعامل مع "الشكاوى الفلسطينية حول جرائم حرب إسرائيلية" مفترضة، سجل المحكمة "ان تقيم في اقرب وقت ممكن نظام معلومات عامة ونشاطات للتواصل مع الضحايا والمجتمعات المتأثرة من الأوضاع في فلسطين".
إضافة الى ذلك، طلب القضاة من السجل، وهو طرف محايد في المحكمة يوفر الدعم الإداري، بفتح "صفحة معلومات في موقع المحكمة" مخصص للفلسطينيين، ولتقارير حول تقدم نشاطاتها كل ثلاثة أشهر.
وكتب القضاة بيتر كوفاكش، مارك بيرين دو بريمبو، وريني اديلايد سوفي الابيني غانسو، في بيانهم: "سوف يقيم السجل، بأقرب وقت ممكن، نظام معلومات عامة ونشاطات تواصل من أجل المجتمعات المتأثرة وخاصة ضحايا الأوضاع في فلسطين".
وهدف القضاة هو إقامة "نظام استمراري للتواصل بين المحكمة والضحايا، داخل أو خارج فلسطين" وفقا لما ورد في بيانهم.
يذكر انه في كانون الثاني/ يناير من 2015، فتحت المدعية العامة الرئيسية في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، تحقيقا أوليا في "الاوضاع في فلسطين"، بعد توقيع الفلسطينيين على معاهدة روما وقبولهم رسميا بصلاحية المحكمة في اراضيهم.
وقبل شهرين، قدم الفلسطينيون الى المحكمة ما يعرف بإحالة حكومية، تطلب من المدعية التحقيق في "جرائم ماضية، جارية ومستقبلية، ضمن صلاحية المحكمة، ترتكب في جميع اجزاء اراضي دولة فلسطين"، التي تعتبر الضفة الغربية، القدس الشرقية وغزة.
ورفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق على المسألة هذا الأسبوع. غير ان مسؤولين اسرائيليين أكدوا ان تصريح القضاة يتحدث فقط عن ابلاغ الناس بنشاط المحكمة ولا يتخذ موقفا بخصوص الفحص.
وفي الوقت ذاته، اعتبر البيان "استثنائيا وغريبا" من قبل المسؤولين الاسرائيليين، لأن تواصل غرفة ما قبل المحكمة الفعلي مع المتضررين في قضية لم تتقدم الى مرحلة التحقيق، امر غير مسبوق.
ولطالما اكدت اسرائيل أن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك أي صلاحية للنظر في مسائل متعلقة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لأنها غير مخولة الصلاحيات في اسرائيل (لأن إسرائيل ليست دولة عضو في معاهدة روما)، ولأن فلسطين ليست دولة، ولهذا لا يمكن للمحكمة ممارسة صلاحياتها في الضفة الغربية.
ودان الان بيكر، المستشار القانوني السابق لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية، الذي شارك في التفاوض على معاهدة روما التي انبثق عنها محكمة الجنايات الدولية، بيان القضاة الثلاثة قائلا: "انه جنوني". وقال إن المحكمة سمحت لنفسها بأن تصبح اداة للدعاية السياسية الفلسطينية.
وقال بيكر في حديث لموقع "تايمز اوف إسرائيل": "يبدو لي هذا جنونيا، والمحكمة تحول نفسها علنا الى محرك دعاية سياسة فلسطينية، مثل مجلس حقوق الإنسان [التابع للأمم المتحدة]، مع نظام تقارير دائم حول فلسطين فقط وتخصيص قسم خاص في موقعها لفلسطين".