لهذه الأسباب لن تنجح إسرائيل في إخراج إيران من سورية..محمد ياغي

الجمعة 13 يوليو 2018 11:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT



هنالك خوف إسرائيلي كبير من الوجود الإيراني في سورية يتم التعبير عنه بطرق مختلفه:
تصريحات شبه يومية للقادة الإسرائيليين بأنهم لن يسمحوا لإيران بالتموضع في سورية وتحديداً على حدود الجولان مهما كلف الأمر. 
زيارات متتالية لروسيا من أجل إقناعها بممارسة الضغوط على إيران لإخراجها وحلفائها من سورية وربما عرض صفقات مثل رفع العقوبات الاقتصادية عنها مقابل قيامها بتلك المهمة.
ضربات عسكرية "تحذيرية" في معظمها لمواقع في سورية تقول إسرائيل إنها لوحدات أو لمخازن أسلحة إيرانية.
الضغوط الإسرائيلية على الإدارة الأميركية للحفاظ على وجود عسكري في سورية تحسباً من احتمال وقوع حرب مع إيران وحلفائها تكون فيها إسرائيل وحيده في هذه المواجهة.
الحملة الإسرائيلية لإخراج إيران من سورية لها دوافع أمنية حقيقية. 
حتى وقت قريب اعتقدت إسرائيل أن الحرب في سورية أنهكت الدولة السورية وفتتتها بين مئات المجموعات المسلحة، وأن ذلك قد وفر لها فرصه تاريخية لابتلاع الجولان بعد أن كانت حتى العام 2000 موضع تفاوض مع الجانب السوري. 
عزز من هذه القناعة أن الجماعات المسلحة التي تحارب الدولة السورية قد تجاهلت كلياً أن الجولان أرض سورية تجب استعادتها من إسرائيل وأن هذه الجماعات خصوصاً تلك الموجودة على حدود الجولان تتلقى الدعم والمساندة من إسرائيل. 
كل ذلك قد سمح للأخيرة بالاعتقاد أن ملف الجولان قد تم طَيه إلى غير رجعه وأنه قد أصبح فعلاً أرضاً إسرائيلية. 
انتصار الدولة السورية على المجموعات المسلحة لا يقضي فقط على حلم إسرائيل بالاحتفاظ بالجولان ولكنه أيضاً يجعل منه جبهة جديدة محتملة للمواجهه مع إسرائيل في ظل رغبة حلفاء سورية (إيران وحزب الله اللبناني والجماعات المسلحة "الشيعية" التي أحضرتها إيران للقتال إلى جانب النظام السوري) بجعل الجولان ساحة مواجهة جديدة مع إسرائيل. 
بمعنى آخر، في ظل الحصار الذي تتعرض له إيران من الولايات المتحدة وفي ظل التهديدات الإسرائيلية شبه اليومية لإيران، ترى الأخيرة أن من مصلحتها زيادة نفوذها في مناطق التماس مع إسرائيل كطريقة للردع برفع كلفة الحرب، وللحرب نفسها إذا اقتضت الضرورة.
إسرائيل لا تتوهم ذلك ولكنها تعلمه. قبل سنوات كانت هنالك محاولات بقيادة عضو حزب الله، سمير قنطار، لبناء مجموعات مسلحة سورية لمحاربة إسرائيل في الجولان دفع حياته من أجلها. 
جهاد عماد مغنية، عضو حزب الله، ومعه جنرالات إيرانيون دفعوا أيضاً حياتهم من أجل تعزيز وجود حزب الله وحلفاء النظام السوري على حدود الجولان.
إيران نفسها قامت بالرد على إسرائيل في الجولان السوري المحتل انتقاماً للضربات العسكرية الإسرائيلية التي تعرضت لها.
الشيخ حسن نصر الله، زعيم حزب الله، لا يكف عن تذكير إسرائيل بأن الجولان جزء من الجبهة المفتوحة للحرب مع إسرائيل في ظل أي مواجهة شامله.
إيران إذاً لها مصلحة في الوجود في مناطق التماس مع إسرائيل والأخيرة تدرك ذلك جيداً وتعمل بكل الطرق على منع هذا التموضع على حدودها تحديداً. 
لكن هل بإمكان إسرائيل تحقيق ما تريد؟
لا يوجد سبب مقنع للاعتقاد بأنها ستنجح في ذلك ـ حتى لو تمكنت من عقد صفقة مع الروس في هذا الاتجاه. الأسباب التي تدعو للاعتقاد بأنها ستفشل عديدة: 
أولاً، إيران استثمرت عشرات المليارات من الدولارات وخسرت العشرات ربما من جنودها من أجل إسناد النظام السوري. 
دون هذا الدعم الإيراني المالي والعسكري، كان النظام السوري سيسقط منذ زمن طويل، لا يوجد سبب يدفع إيران للتخلي عن سبع سنوات من "الاستثمار" في سورية خصوصاً أن هدفه الأساس كان ولا يزال حماية أمنها هي من إسرائيل وحلفائها. 
ثانياً، قبل الحرب، كان النفوذ الإيراني في سورية محدوداً ومرتبطاً بشكل أساسي بالعلاقة مع رأس الدولة السورية. 
خلال الحرب، نسجت إيران علاقات مع الجيش ومع المجتمع السوري، ولها إضافة لذلك مجموعات مسلحة عديدة أحضرتها من العراق وإيران وأفغانستان ودول أخرى للقتال إلى جانب النظام السوري. 
هذا النفوذ المتعاظم في سورية يجعل من الصعب على النظام السوري إخراج إيران من سورية حتى وإن أراد ذلك. 
ثالثاً، الحضور الإيراني الأبرز في سورية مرتبط بالجماعات المسلحة التي تم إحضارها للقتال إلى جانب النظام السوري، وبالتالي يمكن لإيران دائماً الادّعاء بأن وجودها في سورية استشاري ورمزي ويمكنها القول إنها انسحبت من سورية إذا اقتضت الضرورة دون أن يكون ذلك صحيحاً. 
رابعاً، صحيح أن روسيا تشكّل المظلة السياسية والعسكرية التي يحتمي بها النظام السوري من أميركا وحلفائها، وهو بالتالي عرضة لتبديل موقفه من الوجود الإيراني في سورية إذا ما طلبت منه روسيا ذلك.
لكن، لا الروس لهم مصلحة في هذه المطالبة بسبب حجم التبادل التجاري مع إيران الذي يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، ولا النظام السوري بقادر على فرض إرادته على إيران إذا ما خضع لضغوط روسية. 
خامساً، حتى لو أراد الروس خروج إيران من سورية بالاستناد إلى صفقه مع أميركا وإسرائيل، فإننا نشك في قدرتهم على إجبار إيران على القيام بذلك. 
الوجود الروسي مرتبط بقاعدة روسيا العسكرية في طرطوس السورية، وهي تعتمد في دعمها للنظام السوري على طائراتها العسكرية وليس على جنود مشاتها. 
الحقيقة أنها تقصف "المعارضة" من الجو بينما حلفاء إيران بالاشتراك مع الجيش السوري من يقومون بالتقدم على الأرض. هذا يعني أن تأثيرهم على إيران محدود.
بإمكان نتنياهو أن يفعل ما يشاء من أجل إخراج إيران وحلفائها من سورية، لكن الواقع على الأرض يقول إنه سيضطر في نهاية المطاف للتعايش مع واقع جديد في سورية تكون فيه الجولان ساحة جديدة للمواجهه تضاف إلى الساحات العديدة المفتوحة بين إيران وحلفائها من جهه وإسرائيل وحلفائها من جهة أخرى.