قال كاتب إسرائيلي إن "الهدوء الذي تحقق منذ انتهاء حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد 2014 بدأ بالتبدد والتآكل، في ظل صدور مزاعم إسرائيلية بأننا أقوياء أكثر من أي وقت مضى، ولا حاجة لنا بإيجاد حل استراتيجي طويل المدى مع غزة، وإنما حل تكتيكي مؤقت، ما قد يوصلنا إلى وضع كنا فيه قبل أربع سنوات قبيل اندلاع الحرب الأخيرة، وهي التي توجد حاليا في الزاوية، ونراها عن قرب".
وأضاف يوسي ميلمان، الخبير الأمني الإسرائيلي بصحيفة معاريف، أنه "بينما يحيي الفلسطينيون والإسرائيليون ذكرى حرب الجرف الصامد، الحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة، ربما يكونون على موعد مع الحرب الرابعة، صحيح أن حماس أصيبت بالردع في أعقابها، لكنها لم تعد مردوعة حاليا".
وأوضح ميلمان، أن "الحرب الأخيرة اندلعت دون أن يكون للطرفين رغبة بالذهاب إليها، لا إسرائيل ولا حماس، بل إنهم استدرجا إليها من خلال تصعيد بدأ بفعل ورد فعل، والأخطر أنه لم يكن لديهما خطة لإنهاء هذه الحرب بعد اندلاعها، حيث تخللها وقف إطلاق النار لعشر مرات، تم الاتفاق عليها، ثم خرقها مرة بعد أخرى".
وأشار إلى أن "الحرب الأخيرة كشفت حدود القوة للطرفين، النابعة في الأساس من ضعف وقوة كل منهما، ففي حين امتلك الجيش الإسرائيلي كثافة نارية هائلة، قابلتها قوة محدودة لمواجهة حروب العصابات والأنفاق الدفاعية التي انتهجتها حماس، وقد جبت الحرب أثمانا بشرية باهظة من الجانبين: أكثر من سبعين قتيلا إسرائيليا و2400 جريح، مقابل 2200 (شهيد) فلسطيني وآلاف الجرحى".
كما أن الحرب شهدت "إطلاق 4600 قذيفة صاروخية باتجاه إسرائيل، تسببت ببعض الأضرار، بفضل تصدي القبة الحديدية لها، لكن أياما طويلة عاشتها إسرائيل وهي في حالة شلل كامل؛ لأن بعض القذائف التي سقطت في وسطها تسببت بتعطيل المطار الدولي الوحيد لمدة 24 ساعة، بعد أن رفضت شركات الطيران الدولية الوصول خشية من الحرب، في حين كانت أضرار غزة كبيرة وهائلة، آلاف البيوت تهدمت، و400 ألف من سكانها هجروها بفعل الحرب".
واستطرد ميلمان، وثيق الصلة بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بأن "الحرب الأخيرة سجلت عدة إنجازات لإسرائيل، منها أن حماس أدركت القوة النارية للجيش الإسرائيلي، وأن القبة الحديدية طرأ عليها تحديثات كثيرة، وطورت إسرائيل إمكانيات جديدة لمواجهة تحدي الأنفاق، وتم اكتشاف 15 نفقا منذ انتهاء الحرب، وأدركت حماس أن إسرائيل أبطلت مفعول أحد أسلحتها الإستراتيجية، كما أن الضغط المصري تواصل لمنع حماس من تهريب الأسلحة، فضلا عما أفرزته الحرب من زيادة في التنسيق الأمني والعسكري بين مصر وإسرائيل خلال السنوات الماضية".
في المقابل، يقول ميلمان إن "حماس تعلمت من الحرب دروسا عديدة، أهمها أنها بحثت عن أسلحة جديدة لمواجهة إسرائيل، ومنها القذائف الصاروخية قصيرة المدى، وتأهيل المزيد من كوادر الكوماندو والوحدات الخاصة البحرية، وإقامة سلاح جوي، ووحدات السايبر، وقبل ذلك وبعده اكتشاف سلاح الطائرات الورقية والقنابل الحارقة، وبسبب كل ذلك تواجه إسرائيل صعوبات في التصدي لهذه الأسلحة، وعدم إيجاد حلول لها، وترفض الانصياع للدخول في عملية سياسية اقتصادية تجاه غزة".
ووصل الكاتب إلى خلاصة مفادها أن "حماس، التي تجد نفسها في الشهور الأخيرة في شرك خطير، قد تتخذ قرارا مغامرا بالذهاب لمواجهة عسكرية؛ لأنها باتت أقل خشية من تكلفتها، على اعتبار أن هذه المواجهة هي الكفيلة فقط بإنقاذها من تبعات هذا الشرك".
وختم بالقول إن "إسرائيل ربما تبدو معنية بأن تسقط حماس من الداخل، عبر إخراج الناس في غزة للمطالبة بالإطاحة بحماس، كل ذلك يعني أننا قد نجد أنفسنا في الوضع الذي عشناه مع حماس قبل أربع سنوات، جولة مواجهة جديدة من الحرب الدامية لا يريدها أحد منا".