نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" الناطقة بالألمانية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على مسيرة العودة، التي شارك فيها الشباب في الصفوف الأمامية. ويعدّ عدم رضا الشباب عن الوضع السياسي الدافع الذي يحركهم للانتفاض ضد المحتل.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من الأشخاص القاطنين في مخيم أبو صفية بمدينة بيت حانون شاركوا في مسيرة العودة، في الثامن من حزيران/ يونيو، التي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا. ومن بين هؤلاء، نذكر محمد أبو عماشة، البالغ من العمر 31 سنة، الذي بترت ساقه جراء إصابته بطلق ناري.
وعلى الرغم من أن أبا عماشة لم يكن مسلحا، إلا أنه كان يمثل خطرا بالنسبة للقناصة الإسرائيليين، علما بأنه لم يكن من بين المشاركين في المسيرة، وإنما أراد مشاهدة ما يفعله المتظاهرون. وبعد أن بترت ساقه، أصبحت عائلته دون عائل.
وأشارت الصحيفة إلى أن كل أهالي قطاع غزة يؤكدون أن الإسرائيليين يستعملون الذخائر المتفجرة والرصاص الانشطاري، الذي يخلف إصابات خطيرة. ومن جهته، يدعي الجيش الإسرائيلي أنه يستخدم أسلحة يسمح بها قانون الحرب الدولي، والحال أن الرصاص الانشطاري محظور وفقا لاتفاقية لاهاي.
وأوضحت الصحيفة أن مخيم أبو صفية يعدّ معقل مسيرة العودة، حيث نصب مجموعة من المراهقين خيامهم أمام السياج الحدودي منذ أسابيع. ومن بين الذين شاركوا في المسيرة، نور أبو جازر، البالغ من العمر 20 سنة، الذي يسرق الأسلاك الشائكة من السياج الحدودي، وأبو إسلام البالغ من العمر 22 سنة، المكلف بتوفير المعدات اللازمة لحرق حقول الفلاحين اليهود في سديروت، ومحمد الترامسي، الذي يعبر الحدود بانتظام "لمضايقة الإسرائيليين".
وأضافت الصحيفة أن هؤلاء الشبان يستغلون العطلة الصيفية لنصب خيامهم. وفي بعض الأحيان، يعودون إلى بيوتهم للاستحمام. وحيال هذا الشأن، أكد رئيس وحدة بمخيم أبو صفية، أبو عواد، أن "المظاهرات سلمية بشكل كامل". وعلى الرغم من أنه يسير على عكازين، إلا أنه يخاطر بحياته من أجل حماية الشبان. في هذا الإطار، أفاد أبو عواد: "أعرض حياتي للخطر في سبيل وطننا، أخاطر بحياتي نظرا لأنني أريد العودة إلى وطني، ولأن حركتي فتح وحماس دمرتا كل شيء".
وأشارت الصحيفة إلى أن وحدات أبو عواد تلقي بلا هوادة الحجارة وقوارير المولوتوف على قوات الاحتلال؛ بهدف لفت أنظار العالم، حيث قال أبو عواد إنه "يجب علينا أن نخاطر بحياتنا من أجل نيل الحرية". والجدير بالذكر أن مسيرة العودة خلفت 132 شهيدا و15 ألف جريحا، خاصة أن القوات الإسرائيلية لا تستهدف إلا الأشخاص العزل. وقد كان الصحفي ياسر مرتجى والممرضة رازان النجار من بين الذين استشهدوا.
وأفادت الصحيفة بأن الموت بات مشهدا يوميا في فلسطين. ومنذ انطلاقها، كانت المسيرة سلمية، ولعل ذلك ما أكده صلاح عبد العاطي، وهو محام شاب وأحد الأعضاء المؤسسين لمسيرة العودة، الذي قال إن "المسيرة سلمية وغير عنيفة، وهي مفتوحة لكل أصحاب النوايا الحسنة". وفي سياق متصل، أضاف عبد العاطي أن "هذه المسيرة من تنظيم مجموعة من الشبان المستقلين، وهي حركة شعبية تهدف لإحياء ذكرى النكبة، ووضع حد لقانون الغاب في غزة".
ونقلت الصحيفة عن عبد العاطي قوله: "لا أثق في كل الأحزاب السياسة، خاصة حركتي فتح وحماس، اللتين لم تقدما شيئا لقطاع غزة، وتتحملان مسؤولية معاناة الأهالي". وفي حديثه عن حمام الدماء التي أريقت خلال يوم افتتاح السفارة الأمريكية بالقدس، أفاد عبد العاطي: "لقد سقط في صفوفنا العديد من القتلى والجرحى، ما ولّد لدينا شعورا بالخوف، وجعلنا غير قادرين على المواصلة".
في سياق متصل، أورد عبد العاطي: أقر أن "أعمال العنف التي قام بها عناصر حركة حماس خلال المسيرة، ساهمت في تراجع حماس المتظاهرين. وعلى الرغم من أن عناصر من حركتي فتح وحماس ألقوا الحجارة وقوارير المولوتوف فقط، إلا أن الحركة أعلنت أن أغلب الضحايا كانوا من التابعين لها".
وذكرت الصحيفة أن المشهد العام في قطاع غزة معقد للغاية، حيث تنقسم الآراء بين من يعتقد أن الآلة الإسرائيلية الوحشية تقمع مظاهرة سلمية، وبين من يحمل حركة حماس مسؤولية العنف الذي رافق المسيرة، باعتبارها العقل المدبر الذي خطط لها.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن حركة حماس غيرت استراتيجيتها خلال شهر أيار/ مايو الماضي. ففي السابق، لم ترسل الحركة صواريخ تستهدف إسرائيل، في حين تكفلت جهات أخرى على غرار حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وأنصار المقدس بهذا الأمر. أما في الوقت الراهن، فتنسق حماس مع هذه الحركات، لتشن هجمات منتظمة انتقاما ليوم العودة الدموي.