بالرغم من مئات بل الاف التقارير الدولية والأممية وتقارير مراقبين مختصين من عديد الدول في الأوضاع الإقتصادية والإنسانية في فلسطين المحتلة، وعلى الرغم من تقارير منظمات حقوقية وإنسانية وإقتصادية محلية وإسرائيلية وأجنبية مُستقلة، في مقدمتها التقارير الدورية الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، التي أجمعت بمجملها على أن الإحتلال الاسرائيلي لأرض دولة فلسطين هو السبب الرئيس للتدهور الحاصل في الأوضاع الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة في مختلف مجالات الحياة، بالرغم من ذلك كله، تُصر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على إعادة إنتاج الطروحات والمواقف الإسرائيلية الإستعمارية التوسعية القديمة بأثواب جديدة، التي تدعو الى التعامل مع القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا الوطنية العادلة والمشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير بوصفها (مسألة سكان)، يحتاجون الى (برامج إغاثية)، بعيداً كل البعد عن السبب الرئيس والجوهري لهذه المعاناة المتمثل بالإحتلال الإسرائيلي.
تؤكد الوزارة من خلال متابعاتها الحثيثة لتحركات الإدارة الأمريكية الحليف الأكبر للاحتلال وسياساته، أن مُحاولات إبراز المعاناة الإنسانية لشعبنا في هذه المرحلة بالذات، تقع في هذا السياق، بهدف تبرئة الإحتلال ومنحه شرعية الإستمرار في مخططاته لإبتلاع ما تبقى من أرض دولة فلسطين، وأن هذا التحرك الأمريكي ينسحب ليس فقط على قطاع غزة ومعاناته الكبيرة والواسعة، وإنما أيضا على الضفة الغربية المحتلة، في إستغلال بشع لتلك المعاناة وتسويقها للعالم بمعزل عن بُعدها السياسي الحقيقي. وفي الإطار نفسه تتواصل محاولات الإدارة الأمريكية ودولة الإحتلال لإسقاط القضايا الجوهرية للصراع، وفي مقدمتها قضية القدس من خلال إعلان ترامب المشؤوم، وقضية اللاجئين عبر تفكيك وكالة "الأونروا"، وإعادة تركيبها من جديد للقيام بدور (إغاثي عام) يشمل الفلسطينيين بعيداً عن الدافع الحقيقي لإنشاء الوكالة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ويفضح مواقف الإدارة الأمريكية وتبنيها المطلق للاحتلال وسياساته: أين المنطق والعقل من الدعوات الأمريكية لمساعدة الفلسطينيين في رفع معاناتهم الإنسانية، في ظل تجاهل الإحتلال وإجراءاته وتدابيره اليومية وإستيطانه التي تدمر أي مقومات للحياة؟، أليس ذلك قمة الإستغباء للمجتمع الدولي؟!.
هذا ما تعمل وزارة الخارجية والمغتربين على توضيحه للدول وللأمم المتحدة وللرأي العام العالمي، من خلال حراك دبلوماسي نشط سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد، وهو ما سيوضحه بصراحة وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي في القمة الإفريقية التي تستضيفها نواكشوط، بشكل يترافق مع التحذيرات التي تطلقها الوزارة للجهات الدولية كافة من مخاطر ما تروج له الولايات المتحدة وإسرائيل تحت مُسمى (صفقة القرن)، والنتائج السلبية والكارثية للتعاطي معها على مستقبل الشعب الفلسطيني وفرص تحقيق السلام على أساس حل الدولتين. تؤكد الوزارة أن شعبنا بصموده ووعيه الجمعي قادر على إسقاط هذه المؤامرة كسابقاتها.