يقول زيف شافيتس في موقع “بلومبيرغ” إن جاريد كوشنر أثناء زيارته للمنطقة تجنب تقديم تفاصيل عن خطة ترامب للصفقة الإسرائيلية- الفلسطينية و”أنت لست بحاجة للتفاصيل كي ترى مسار الأمور” فقد وضح موقفه في مقابلة مع صحيفة فلسطينية، وقال للقارئ الفلسطيني إن “العالم تقدم للأمام وبقينا في الخلف” و”لا تسمحوا لنزاع أجدادكم أن يحدد مستقبل أبنائكم”.
وبعبارات أخرى فالحرب ضد الدولة اليهودية قد انتهت، وقد خسرتم وعليكم التعايش مع الوضع. وتجاهل كوشنر القضايا الفلسطينية التقليدية – حق العودة والسيادة الكاملة بما في ذلك السيادة على القدس الشرقية ووقف الاستيطان في الضفة الغربية واعتبرها مجرد “نقاط للحوار” في نزاع لا نهائي. ووصف فلسطين في ظل محمود عباس على أنها معارضة و”سنعلن عن خطة السلام وستعجب الفلسطينيين لأنها ستقود لفرص جديدة لهم وستوفر لهم حياة أفضل”. ويفترض كوشنر أن الأجيال الفلسطينية الجديدة ستغلب مصالحها المادية الخاصة على الدوغما أو الآيديولوجية المعادية للصهيونية وتقبل بخطة السلام مع إسرائيل التي تمنحها السيطرة على الأماكن الإسلامية في القدس وسيادة محدودة في الضفة الغربية وتطورا اقتصاديا في القطاعين العام والخاص.
ويصف كوشنر الخطة بأنها فرصة للفلسطيينيين الذين تم تجاهلهم ولعقود من أجل “القفز للعصر الصناعي ودمجهم في النظام البيئي لوادي السيلكون في الشرق الأوسط، إسرائيل”. ويعتقد كوشنر أن الجيل الفلسطيني الجديد المتحرك والذي ينظر للأمام قد ينتهز الفرصة ويقف. وهذا ليس سهلاً، فهي مثل مواجهة ديكتاتور بعيد مثل المصريين أثناء الربيع العربي، ولكنها ستكون شخصية ورفضاً للكبار والأقارب والشتات والسرد المتفق عليه وطنيا. لكن هناك ملامح للتفاؤل منها عدم انفجار الضفة الغربية كما توقع البعض بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والسبب الثاني هو رغبة الفلسطينيين للعمل بسلام داخل إسرائيل.
وفي أثناء زيارة كوشنر أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها ستمنح 7.500 إذن عمل للمقيمين في الضفة الغربية التي تصل فيها نسبة البطالة إلى 20% وجاء القرار بناء على اعتقاد أنهم لن يشكلوا خطرا أمنيا. وينبع هذا التقييم من حقيقة وجود 100 ألف أو اكثر يعملون في داخل إسرائيل. لكن الازدهار الذي يتحدث عنه كوشنر لا علاقة له بتوفير العمالة في تل أبيب ولكن على قدرة إدارة ترامب لتقديم منافع اقتصادية وسريعة.
وكلام كهذا يدعو للشك فبعد اتفاق أوسلو عام 1993 جرى الحديث عن الاستثمارات الدولية في الإقتصاد الفلسطيني إلا أن الإنتفاضة الثانية عام 2000 خففت من حدة الكلام هذا وكذا الفساد المستشري داخل النخبة الحاكمة والبيروقراطية. كما أنه لم يتم الترحيب برجال الأعمال الإسرائيليين خشية الاتهام بالعمالة. ويجب أن تقدم خطة ترامب “السلام خلال الازدهار” نتائج.
إلا أن الخطة التي تعمل عليها إدارة ترامب يقال عنها الكثير بدءاً من موقف ترامب الذي أكد على تحيزه إلى إسرائيل ،التي ينظر للأمور من خلالها. فلو رفضت القيادة الفلسطينية الخطة ولم يتقدم أحد لتبنيها فهذه مشكلتهم. وفي حالة اختفى الشريك الفلسطيني فسيترك ترامب لإسرائيل فرض الصفقة التي تريدها على الضفة الغربية. وهذه ورقة ضغط خطيرة، فلم يعد الفلسطينيون يعتمدون على دعم الحكومات العربية، وأصبح دعم السعودية ودول الخليج ومصر والأردن مجرد كلام. وتعتمد هذه الدول على الولايات المتحدة لحمايتها من تنظيم “الدولة” وإيران وتفهم طبيعة ترامب التعاقدية. ولا يؤمن بحكمة وزارة الخارجية حول ضرورة مراضاة العرب. وبالنسبة له فعلى العرب مراضاته، وهذا يعني مساعدته للحصول على صفقة القرن في الشرق الأوسط. ولن يقبل ترامب منهم أية مبررات مرتبطة بكراهية الشارع لإسرائيل وإن لم تستطع الدول هذه المساعدة فما الفائدة منها؟ وهذا المدخل مختلف عن أي شيء اقترحته أمريكا من قبل. وتقوم على فكرة أن الفلسطينيين يريدون حياة أفضل وليس الانتقام ولا جيلاً عاجزاً جديداً. وربما كان ترامب ساذجاً إذا فكر بهذه الطريقة وقد تكون خطته مجرد مناشدة غليظة لإسعاد الذات. وقد يكون محقاً لكن ما يهم هو الخطوة المقبلة.