هل ينجح الرزاز؟ حمادة فراعنة

الثلاثاء 26 يونيو 2018 01:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل ينجح الرزاز؟ حمادة فراعنة



خسر رئيس الوزراء عمر الرزاز ثقة قطاع من الأردنيين على أثر تشكيل حكومته من جهتين الأولى لأن أكثر من نصف الوزراء الذين اختارهم من الحكومة السابقة المستقيلة، والثانية لأن بعض الذين اختارهم لم يكونوا بمستوى التطلعات السياسية المطلوبة خاصة وأنه بشّر الأردنيين أن حكومته ستكون سياسية مهنية، في لحظة أردنية فارقة كانت تستوجب نقلة نوعية في كيفية تشكيل الحكومة ومع ذلك سجل الرئيس نقاطاً إيجابية لصالحه أولها ثقته بنفسه وقدرته في التعبير عن برنامجه عبر المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزيرة الإعلام، وثانيها القضايا الحيوية التي طرحها وتخدم مصالح قطاع من الجمهور الأردني المهتم، مما يدلل على ضرورة التأني وعدم التسرع في الحكم للرئيس أو عليه. 
حصيلة المشاغبة الأردنية تعكس عمق المأزق متعدد العناوين الذي نعيشه، فمن جهة يتحاشى الأردني مظاهر الانزلاق نحو تدمير الذات كي يتجنب ما حصل في بلدان الربيع العربي التي أكلت الأخضر واليابس وأدت إلى الدمار والخراب العراقي الليبي السوري اليمني، ومن جهة أخرى يتطلع إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية كي تُبقيه كريماً معززاً وفق القيم الدستورية باعتبارها الحكم الفيصل بينه وبين السلطات وهي صاحبة الولاية في نفس الوقت، وأداة التوازن والحكم بين السلطات نفسها، فالأردني يتطلع لأن يُسهم حقاً في اختيار نوابه لا أن يُفرضوا عليه بما لا يرضى كما هو حاصل وكما هو قائم، ويتطلع أن يُسهم في إختيار وزراء أكفاء سياسياً ومهنياً ونظافة، وأن يُحاسبهم عبر مجلس نوابه المنتخب. 
مثلما يتطلع إلى سيادة القانون وتوفير العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الأردنيين لا أن يبقى أحدهم ابن الداية وأخرهم ابن الجارية، لأسباب عائلية أو جهوية أو دينية أو جنسية (رجل وامرأة)، وبمناسبة ذكر الفوارق بين الرجل والمرأة على الوزيرات أن يعملن على توفير الحاضنة الدستورية والقانونية لتغيير المواد الدستورية والقانونية التي تعكس غياب المساواة بين الجنسين في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والإدارية والإنسانية عبر الالتزام بمعادلة الحقوق والواجبات، إذ لا يعقل أن يقفز التمثيل النسائي إلى ما يقارب ربع أعضاء مجلس الوزراء، والتشريعات مازالت غير منصفة لهم لحساب الرجال، ويجب أن يكون واضحاً أن الإنسان الذي لا يستطيع الدفاع عن حقوقه وحمايتها لا يملك الشجاعة للدفاع عن حقوق الآخرين، وهذا هو التحدي الأول المفروض عليهن وعلى حكومتهن أمام مجلس النواب المسترجل. 
فإذا كان رأس الدولة عبر أوراقه النقاشية يتطلع إلى هذه الإصلاحات التي لم تجد طريقها نحو برنامج عمل واقعي، وإلى حكومة تتبناها، فقد راهن الأردنيون على خيار جلالة الملك، باختيار عمر الرزاز، الذي لن يجد لدى قوى الشد العكسي والمؤسسات العميقة سوى وضع العراقيل أمامه لإفشال حكومته، وسنرى النتائج أمامنا بدءاً من خطابات ومواقف الاتجاهات اليمينية والمحافظة التقليدية لدى نواب منافذ الشد العكسي، والتدخلات غير الشعبية لجعل مجلس النواب هجيناً يستجيب لما يُسمى «الألو التلفونية» المعهودة. 
أحبط رئيس الوزراء اندفاع حراك الرابع الشعبي التعددي، ولكن الحراك ينتظر خطوات الرئيس لعلها تستجيب لتطلعات الأردنيين ويكون الرئيس «على قد» الرهان لعله يُخرجنا من أزمة الانتظار نحو وضع البرنامج على الطريق عبر خطوات محسومة مدروسة تُوصلنا إلى بر الأمان: أردن تعددي ديمقراطي يحتكم لمعايير الدستور.