نشرت صحيفة "يني شفق" التركية تقريرا مطولا سلطت من خلاله الضوء على تاريخ دخول الأتراك للإسلام.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها أنّ تاريخ الأتراك مع الإسلام تعود جذوره إلى غزوة الخندق. وتقص بعض الروايات أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم جلس في خيمة من صنع الأتراك في تلك المعركة. وقد أكد البروفيسور توفان غوندوز هذا المعطى التاريخي.
ونقلت الصحيفة عن البروفيسور غوندوز الرواية التاريخية الكاملة لدخول الأتراك للإسلام. ويُعتقد أنّ هذه الخيمة التي جلس فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، وصلت للعرب بفضل التقاء التجار العرب مع التجار الأتراك أثناء سفرهم عبر طريق الحرير التجاري. ولم يكن العرب يعلمون الشيء الكثير عن الأتراك بسبب بعد المسافات.
وقالت الصحيفة وفقا لغوندوز أن الأتراك في آسيا الوسطى كانوا يؤمنون بوجود إله في السماء، وأن هذا الإله واحد، وهو خاص بالأتراك فقط. وبالتالي، كانوا يؤمنون أنهم عندما يموتون، ينتقلون للجنة مباشرة. وكان الأتراك عبارة عن مجموعة قبائل تعيش في خانية غوك تورك، ولديهم هيكل تنظيمي يعمل على إدارة أمور الدولة.
وأشار البروفيسور إلى أنّ فتح مكة المكرمة تزامن مع احتلال الصينيين لخانية غوك تورك، حيث سيطروا في بادئ الأمر على نصف الأراضي التركية هناك. وخلال 28 سنة، سيطر الصينيون على كل الأراضي التي تعيش فيها القبائل التركية، ليصبح الأتراك بلا دولة، وذلك تحديدا في سنة 658 ميلاديا.
وأضافت الصحيفة أنه حسب توفان غوندوز، شهد العالم الإسلامي الجديد الكثير من الفتوحات، في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن تبعه من خلفاء راشدين، فيما بقي حال الأتراك على ما هو، خاضعين لسيطرة الصينيين. واستمر الأمر على هذا النحو حتى ما بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان.
ونوه غوندوز إلى أن الوضع الصعب الذي كان يعيشه الأتراك لم يستمر طويلا، حيث انتهى سنة 682 ميلاديا. وقد تزامن ذلك مع المحنة الكبيرة التي كان العالم الإسلامي يمر بها نتيجة ما حصل في كربلاء سنة 680 ميلادي، أي بعد مرور أقل من سنتين على استشهاد الحسين. في الأثناء، حاول الأتراك استعادة كامل السيطرة على مناطقهم من خلال شن حروب في الشرق والغرب من أجل التوسع. وقد كللت مساعيهم بالنجاح في سنة 701 ميلادي.
وبينت الصحيفة نقلا عن غوندوز أن هذه الحقبة الزمنية اتسمت بتعدد الفتوحات الإسلامية الكبيرة في الشرق والغرب. وفي حين كان الأتراك يحاولون التوسع في أقصى شرق آسيا، كان المسلمون ينتشرون في أفريقيا وحتى أقصى غرب أوروبا. والتقى المسلمون والأتراك في القوقاز، وفي شمال أذربيجان. وفي بعض الأحيان، كان بعض المناوشات تنشب بين القبائل العربية وبين الأتراك، كما كانوا يتبادلون السيطرة على بعض المناطق بين الفينة والأخرى.
وأورد غوندوز أن قتيبة بن مسلم قد غيّر المسار التاريخي لبلاد ما وراء النهر، وذلك عندما استلم ولاية خراسان، ولم يكن يتجاوز من العمر 40 سنة. وقد خرج بن مسلم في سنة 707 للسيطرة على بخارى، التي كانت تعتبر مركزا جغرافيا هاما للأتراك. ولكن بن مسلم اضطر لتأجيل دخول بخارى بعدما خاض حربا ضروسا أنهكت جيشه.
وأوردت الصحيفة أن قتيبة بن مسلم دخل بخارى سنة 708- 709 ميلادي، وقام بتحويل المعبد الرئيسي فيها إلى مسجد، وحث الناس على أداء صلاة الجمعة. وكان ذلك سببا في دخول جزء من الأتراك الإسلام. وكانت الصلاة تُؤدى بطريقة خاصة، حيث كان متحدث باللغة الفارسية يدل الذين دخلوا الإسلام حديثا على طريقة أداء الصلاة، مناديا باللغة الفارسية "اسجد الآن، اركع الآن، انهض من الركوع".
وأشار غوندوز إلى أن قتيبة بن مسلم، وبعد فتح المدينة، حث الناس على الدخول للإسلام ولم يرغمهم على ذلك. فقد كان يدعوهم لأداء صلاة الجمعة ويقدم لهم المكافآت والمحفزات حتى يصلوا. كما لم يُرغم بن مسلم أهالي المدينة على مشاركة منازلهم مع الضيوف العرب، واتخذ مكانا بجانب المدينة استقر فيه رفقة عناصر الجيش والأهالي العرب.
وأردف غوندوز أن الاتصال والقتال المباشر بين المسلمين والأتراك كان فقط في القوقاز وما وراء النهر. ولم يكن دخول الأتراك للإسلام في معظمه بقوة السيف، وإنما من خلال التبادل الثقافي وطيب المعاملات والحياة المجتمعية بين المسلمين والأتراك في ذلك الوقت.
وأضافت الصحيفة وفقا لغوندوز أن عملية دخول الأتراك جميعهم للإسلام استغرقت ما يقارب 300 سنة. ويدل ذلك على أن إسلام الأتراك لم يكن بقوة السيف، بل كان عن قناعة تامة، ودراسة لهذا الدين العظيم. وساهم الحراك التجاري بين التجار العرب والأتراك في المناطق التي يتموقع فيها الأتراك في تعزيز قناعاتهم بشأن بالإسلام.
وفي الختام، شددت الصحيفة على أن قدرة الأتراك القتالية الكبيرة ساهمت في حماية المسلمين في الكثير من المراحل المفصلية التاريخية بعد تلك الحقبة، وخصوصا في عهد العباسيين.