تباينت التحليلات الإسرائيلية حول حيثيات جولة التصعيد التي شهدها قطاع غزة في الساعات الأخيرة، وحول المكاسب والخسائر التي عادت على إسرائيل، وهل أن طي صفحتها، يعني أن الإغلاق مؤقت، وقد نعود إلى جولة قريبة قادمة.
المحلل العسكري في صحيفة إسرائيل اليوم، يوآف ليمور، قال إن "جولة التصعيد الحالية تفرض على حماس أن تجيب على سؤال مركزي: هل تريد هدنة أم حربا؟ رغم نجاح الجانبين في عدم الانزلاق لمواجهة عسكرية واسعة".
وأضاف في تحليل مطول ترجمته "عربي21" أنه "بدا واضحا أن الفلسطينيين لم يوسعوا في قصفهم، ليطال مدنا إسرائيلية أبعد من غلاف غزة، مثل بئر السبع واسدود وتل أبيب، بل اكتفوا بالقذائف قصيرة المدى كالهاونات، مما جعل ردود إسرائيل معقولة وقابلة للاستيعاب، بحيث لا يتم كسر القواعد المتفق عليها منذ أربع سنوات، ولم تؤد عمليات القصف لسقوط خسائر بشرية فلسطينية".
وختم بالقول أنه "مع انتهاء هذه الجولة من التصعيد فمن الصعب الجزم بالقول أنها آخر الجولات الساخنة في المواجهة بين غزة وإسرائيل، فالأولى تبدو مشتعلة لأكثر من سبب، سواء بسبب الوضع الاقتصادي الكارثي، أو جمود العملية السياسية ، وفي ظل استمرار هذين العاملين فإن حماس سيكون أمامها خيارين لا ثالث لهما: الهدنة أو الحرب، ويبدو حتى الآن أن كليهما ما زالا على الطاولة".
الخبير العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، قال إنه "رغم اللحظات الحرجة التي مرت بها إسرائيل يوم أمس، فقد كانت جولة يمكن استيعابها، والقفز عنها، رغم أنها مثل جولات أخرى سابقة كانت كفيلة بأن تدفعنا للدخول إلى قطاع غزة".
وأضاف "رغم أن الجيش الإسرائيلي كان لديه توجه منذ ساعات صباح أمس بتجاوز هذا التصعيد، وعدم التوقف عنده كثيرا، في ظل وجود أطراف أخرى تساعد على كبح جماح هذا التدهور، فإن إسرائيل لديها تقدير استراتيجي مفصلي في علاقتها بغزة، يقضي بعدم الدخول حاليا في عملية عسكرية كبيرة في ذات الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لمواجهة النفوذ والتأثير الإيرانيين في سوريا".
الخبير بشئون الجماعات الإسلامية المسلحة والمحاضر الأكاديمي بجامعة بار-إيلان، البروفيسور هيلل فريش، قال لموقع "القناة السابعة" التابع للمستوطنين إن "أي تسهيلات تحظى بها غزة بعد جولة التصعيد الحالية ستعني تقوية لحماس، وإني أحذر من أي تخفيف للحصار المفروض على القطاع، فالأزمة الإنسانية السائدة هناك ستجد طريقها في ضغط الشارع الفلسطيني على حماس".
وأضاف أن ماشهدناه بالأمس من إطلاق قذائف الهاون القصيرة باتجاه التجمعات الاستيطانية المحاذية لقطاع غزة، وليس استخدام الصواريخ الطويلة، إنما هي خطوة دقيقة ومحسوبة من الفصائل الفلسطينية، لأنها غير معنية بمواجهة واسعة، تشمل إدخال آلاف الإسرائيليين للملاجئ".
وأكد أنني "لا أعلم إن كانت معركة غزة 2014 هي الأخيرة، أم أنها قبل الأخيرة، وأن هناك معركة أمامنا بعد، ولذلك فإن إسرائيل مطالبة بعدم منح حماس أي نافذة ضوء من خلال تحسينات ظروف الحياة في غزة، يجب على الفلسطينيين هناك أن يعيشوا تحت الضغط كي يوجهوه نحو حماس، ويجب التصدي لأي حملة دبلوماسية سياسية ضد إسرائيل، تتهمها بالتضييق على الفلسطينيين في غزة، والتسبب بكارثة إنسانية هناك".
وأشار الخبير العسكري في موقع "ويللا"، أمير أورن ، أن "موجة التصعيد التي انتهت قبل ساعات في غزة، تطرح السؤال: هل هي العاصفة التي تسبق الهدوء في غزة، لأن الحسم بين الجانبين لن يكون على الأرض، وإنما في الغرف المغلقة من المفاوضات، بين تل أبيب وغزة والقاهرة".
وأضاف في مقال مطول أنه "أي صدفة هذه التي تزامنت بين الأحاديث عن قرب التواصل لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية، وبين أن تقوم خلايا مسلحة في غزة بإطلاق قذائف صاروخية باتجاه التجمعات الاستيطانية شرق القطاع".
وأوضح أن "مطلقي القذائف تعمدوا أن يكون الوقت في الصباح، لأن حركة المستوطنين نشطة، وكفيلة بإيقاع إصابات بينهم، ومن ثم استدراج إسرائيل إلى رد فعل كبير، التي تخشى كليا من أي حرب استنزاف قد تتعرض لها على هذه الشاكلة، فهي ليس لديها الصبر والتحمل الكافيين، مما يضطرها للمسارعة في الحسم الميداني".
وختم بالقول أن "جولة التصعيد الحالية التي أصبح خلف ظهورنا أثبتت أن الحدود مع غزة تجعل إسرائيل تعيش في ذات المعضلة القديمة الجديدة، وبدلا من أن تحل عمليات القصف والاجتياح مشكلة غزة، فإنها تعقدها أكثر، وقد اعترفت جميع الحكومات ورئاسات الأركان الإسرائيلية أن الوضع في غزة يتطلب استدارة سياسية، وليس فقط اتفاقات لوقف إطلاق النار تكون مؤقتة ومحددة بسقف زمني".
وقال الخبير العسكري في القناة الإسرائيلية العاشرة، أور هيلر ، إن "الجبهة الجنوبية شهدت في الساعات الأخيرة يوما قتاليا فعليا، فقد تواصل إطلاق القذائف، واستمرت صافرات الإنذار، وبقي سلاح الجو الإسرائيلي في أجواء غزة يقصف أهدافا مختلفة، بغرض إنهاك الطرف الآخر الذي كسر قواعد اللعبة مع إسرائيل التي استمر العمل بها منذ انتهاء حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد في صيف2014".
وأضاف في تقرير تلفزيوني أن "الجيش الإسرائيلي غير معني كما يبدو بمزيد من التدهور للوضع الأمني في غزة، لأن الجبهة الحقيقية التي تؤرق إسرائيل اليوم هي الشمالية، والمعركة التي تخوضها فعليا هو منع التواجد الإيراني في سوريا".
وختم بالقول أن "الاستخلاص الأساسي الذي خرج به الجيش الإسرائيلي من هذه الجولة أن حماس ما زالت تسيطر على الوضع في غزة بصورة محكمة، فهي ترفع من وتيرة مقاومتها في القطاع، وتخفض منها، حسب الوضع القائم".