كشفت التحقيقات في إطار "الملف 4000"، الذي يبحث في شبهات فساد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بقضية ("بيزك" – "واللا")، عن تصريحات أدلى بها مالك شركة "بيزك" وموقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، شاؤول ألوفيتش، تفيد بأن نتنياهو "على استعداد للانتحار من أجله".
أدلى ألوفيتش في هذه التصريحات في صيف العام 2015، أي بعد فترة وجيزة من مصادقة نتنياهو، الذي شغل منصب وزير الاتصالات بالإضافة إلى صلاحياته رئيسًا للحكومة، على الدمج بين شركة "بيزك" وشركة "يس" التلفزيونية، الذي توافق مع رغبة ومصالح ألوفيتش، وجاء ذلك في معرض مفاخرة الأخير بأن التغطية الداعمة التي تلقاها نتنياهو من موقع "واللا"، ساعدته على الفوز بالانتخابات، وأكد حينها أنه "يدين" لنتنياهو، "الذي يعمل من أجله ضد الجميع".
ووثقت أجهزة التحقيق تصريحات صدرت عن ألوفيتش تدل على تخوفه من امتناع نتنياهو من تقديم الخدمات له إذا ما حصل على تغطية سلبية من موقع "واللا"، كما رصدت اعتباره للمدير العام السابق لوزارة الاتصالات، شلومو فيلبر، كشخص أوكله نتنياهو بالعمل على الدفع بمصالح "بيزك"، فيما يبيّن طبيعة العلاقات التي جمعت بين ألوفيتش ونتنياهو والمبنية على المصالح المتبادلة والذي وصفته صحيفة "هآرتس" بعلاقة "الأخذ والعطاء".
وأشارت الصحيفة إلى أن ألوفيتش، أنكر خلال جلسات التحقيق أن يكون المقصود في هذه التصريحات هو رئيس الحكومة، نتنياهو، في الوقت الذي أكدت فيه اقتناع المحققين بأن نتنياهو هو النقصود كون التصريحات تزامنت مع الإجراءات المُسرّعة والاستثنائية التي هيأها فيلبر، لإنجاز صفقة دمج "بيزك" و"يس" بإيعاز من نتنياهو، الذي التقى بألوفيتش في أكثر من مناسبة خلال الأشهر التي سبقت عقد الصفقة.
ونقلت "هآرتس" عن مقرب من مسار التحقيق أنه "في إطار الملف 4000 كل شخص من المشتبهين يضيف معلومة خلال التحقيق لتتشكل قاعدة أدلة واضحة وحادة" ونفى أن يكون هناك شخصية بين المشتيه بهم يمكن أن تساعد على المعرف التسلسلية للأحداث وربطها بالعلاقة التي جمعت نتنياهو بألوفيتش.
وأوضحت الصحيفة أن فيلبر وفر للمحقيقين صورة واضحة عن الطريقة التي "استخدمه" من خلالها نتنياهو في وزارة الاتصالات للحفاظ على مصالح ألوفيتش؛ في حين، أتاح المستشار الإعلامي السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية، نير حيفتس، للمحقيقين الاطلاع على توقعات نتنياهو وزوجته ساره أن ألوفيتش سيتيح لهم التدخل المباشر في سياسة موقع "واللا" التحريرية للحصول على تغطية إيجابية داعمة، فيما قدم المدير العام لموقع "واللا" الإلكتروني، إيلان يشوعا، دليلا قاطعا على أن ألوفيتش تقصد رشوة نتنياهو واستغل الموقع الإخباري الأكثر انتشارا في إسرائيل كمنصة إعلانية للكثير من المسؤولين الحكوميين.
وخلال التحقيقات في إطار الملف، أثير لدى الشرطة شكوك إضافية، تجاوزت الاشتباه بصفقة رشوة، وتتمحور حول محاولة إعاقة العدالة ومجريات التحقيق.
إذ اجتمع حيفتس في نهاية العام 2016 بألوفيتش وزوجته إيريس في بيت الأخير بمدينة تل أبيب، بالتزامن مع نشر وسائل الإعلام تقارير عن إجراء تحقيق غامض في شبهات فساد تحوم حول نتنياهو، والاحتمالات التي وضعها المستشارون في مقر إقامة رئيس الحكومة أن يكون التحقيق بشأن علاقات نتنياهو مع ألوفيتش، أو بعلاقته مع الملياردير جيمس باكر، وخلال الاجتماع، حذر حيفتس ألوفيتش وإيريس وطلب منهم الاستعداد لتحقيق مستقبلي متوقع، ما ترتب عليه القرار الذي اتخذوه في نهاية الاجتماع: محو جميع الرسائل النصية بينهما، بما في ذلك الأدلة على أن تغطية "واللا" تحول لصالح عائلة نتنياهو.
وأكدت "هآرتس" نقلا عن مصادر مطلعة على التحقيق أن حيفتس زار مدير "واللا"، يشوعا، بعد وقت قصير من مغادرة بيت ألوفيتش، وطلب منه الامر ذاته: محو كل الرسائل المتبادلة والتي قد تشي بطبيعة علاقة نتنياهو بمالك شركة "بيزك" وموقع "واللا".
وفي الوقت الذي تظاهر فيه يشوعا أنه تجاوب مع أوامر حيفتس بمحو الأدلة التي قد تعكس طبيعة علاقة المصالح المتبادلة بين ألوفيتش ونتنياهو، إلا أنه أخفى الأدلة وأوقف التعامل وفقًا لضغوطات مالك الموقع وأخبر الهيئة التحريرية أنه "من اليوم أسقطت الرقابة المفروضة على الموقع"، بحسب "هآرتس"، وأكدت المصادر أن "طلب حيفتس بإعدام الأدلة صدم يشوعا، لذا قرر الأخير التوقف عن الانصياع لضغوطات ألوفيتش" حول تغطية داعمة لنتنياهو.
وتعمل الشرطة الإسرائيلية منذ عامين على قضايا فساد تتمثل بالعديد من الملفات ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية، إلا أن التحقيقات والإجراءات القانونية والقضائية لا تزال مستمرة على نحو بطيء.
يذكر أن الشرطة كانت قد قدمت تلخيصاتها، في شباط/ فبراير الماضي، بشأن "الملف 1000" و"الملف 2000"، وأوصت بتقديم نتنياهو للمحاكمة بتهمة تلقي الرشوة في الملفين.
وكانت النيابة العامة الإسرائيلية قد طلبت من الشرطة استكمال التحقيق بالملفين المعروفين إعلاميا بـ "الملف 1000" و"الملف 2000"، بعد تطورات تتعلق بشهادة نير حيفتس، المستشار الإعلامي السابق لنتنياهو ضد الأخير وعائلته، حيث قدم أدلة جديدة قد تسهم في إدانة نتنياهو.
وكانت الشرطة قد أوصت
ويتعلق "الملف 1000" بتلقي نتنياهو رشوة من رجل الأعمال الملياردير أرنون ميلتشين، مقابل صفقات تجارية، وتوسط نتنياهو له لحصوله على تأشيرة دخول مدتها 10 سنوات للولايات المتحدة الأميركية.
و"الملف 2000" فيتعلق بمساومة نتنياهو ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية، مقابل التضييق على منافستها صحيفة "يسرائيل هيوم".