كُسِرت هيبة الإنتماء..د. عز الدين حسين أبو صفية

السبت 12 مايو 2018 08:37 م / بتوقيت القدس +2GMT



لا أتكلم هنا عن الإنتماء الحزبي أو الإنتماء السياسي أو الإنتماء لفلسطين ، وإنم أتكلم عن الإنتماء للوطن العربيّ وقضاياه العادلة وحق الشعب العربيّ موحد المشاعر في التعبير عن رأيه وقبوله أو رفضه توجهاً سياسياً معيناً يرقى إلى حد التآمر علي تاريخ وجغرافية الوطن العربي الموحد بسكانه وأرضه ، وإنصهار فئاته وطوائفه في بوتقة الشعب الواحد الموحد ، بحيث لا يؤثر فيه سلوك وسياسات الدول المتآمرة عليه وعلى نسيجه الإجتماعي .
وإنما أتكلم هنا عن هيبة الإنتماء للوطن العربيّ وقوميته التي تهلهلت وضعفت لأسباب عدة ومتنوعة منها :
١ ) تغير البعض من الحكام العرب بدعم ومباركة وتآمر خارجيّ نتيجة توارثهم السلطة في بلدانهم بعد أن يكونوا منذ طفولتهم قد أُرضعوا من ثديّ الحقد والكراهية الغربية لكل المكون العربي وموروثاته الإسلامية الموسومة من قِبَلِهم بالتخلف والجهل .
فمثل أُلائك الوارثون لا مناص لهم إلا أن يلتزموا بما يملى عليهم ويُؤمرون به من الكارهين للأمتين العربية والٱسلامية .
٢ ) غياب رقيب الضمير والواعز الديني والأخلاقي والإحساس بالمسؤلية الوطنية وموت الإنتماء القومي لدىٰ أولائك القادة المصنوعين أساساً لخدمة المكونات المعادية للعروبة وللقضايا الوطنية والإنسانية للأمة ، والتي في معتقداتهم بأنهم ليسوا منها لا من قريبٍ أو من بعيد ، فيسلكون سلوكاً غريباً مؤلماً لمن ظلوا على عهد الإنتماء ومساندة أهم القضايا العربية وهي القضة الفلسطينية ، وفلسطين المسروقة من قبل الصهيونية كوطنٍ قوميٍ ليهود أوروبا ،
وقضية أقليم الأهواز ( عرب ستان و المحمرة ) المسروق من العراق من قبل إيران ، وقضية لواء الإسكندرونة السوري ( في الشمال الغربي لسورية ) المسروق من قبل تركيا العثمانية ، 
وغيرها من القضايا العربية كقضايا المياه العربية والبترول والغاز العربي والسيادة العربية على مجالاتهم الجوية والبحرية والأرضية وحقهم في التحكم في المعابر والمنافذ والمضائق البحرية والارضية ، وحقهم في ممارسة معتقداتم الدينية دون تشويهها ودمغها بممارسة الإرهاب .
وعلى رأس كل ذلك فلسطين وقدسها وشعبها المظلوم والمطرود قسراً من أرضه ومدنه وقراه ومن مجمل وطنه فلسطين الذي لا زالت مبانيه ومساجده وموانئه ومكونات الدولة الفلسطينية شاهدة على الوجود الفلسطيني فى وطنه المطرود منه وإحلال يهود أوروبا مكانهم .
الموضوع الذي يثير الإهتمام هو غياب والوازع الديني والأخلاقي والإنتمائي عن كذا قادة وإنزلاقهم إلى المخططات الغربية والأمريكية والصهيونية الهادف إلى تمزيق الوطن العربيّ ومقومات وجوده وترابطه الجغرافي والتاريخي والديني والإنتمائي ، وذلك بفرض حالة من النسيان على شعوب المنطقة لنسيان كل ما هو أصيل وحقيقي ، وهذا في حد ذاته من الصعوبة بمكان أن يصبح حقيقة ثابتة ، إلا من أبىٰ إلا أن يكن مُستمراً ولاهثاً ومهرولاً وراء سياسات وتوجهات تخدم المصالح غير العربية .
هؤلاء نجدهم أكثر تغريداً وحديثاً بقناعةٍ زائفةٍ عن حق اليهود بوطنٍ قوميٍّ لهم في فلسطين العربية المسلمة وفي قدسها مسرىٰ رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وحقهم في الدفاع عن أنفسهم ، وهم يتآمرون معهم ويعدون العدة ورباط الخيل لصالح إسرائيل ضد دول الوطن العربيّ التي لا زالت تُحافظ على مقومات وجودها و وحدتها ، وهذا بهدف تدمير بناها الإقتصادية والإجتماعية والعسكرية ليسهل تفتيتها وإضعافها لصالح مكونات طارئة على الخارطة السياسية والجغرافية للوطن العربي والشرق الاوسط ، ويأتي سلوكهم هذا بهدف ان تشكل إسرائيل مع امريكا والدول الغربية حمايةً لهم ضد إيران وأيّ ثورات تحررية داخلية ضدهم .
فمن هنا نجدهم يبنون علاقاتهم المتنوعة ( سياسية كانت أم إجتماعية أو رياضية واقتصادية وسياحية وغيرها مع المكون الصهيوني ) على حساب المكونات العربية والفلسطينية والإسلامية .
ومه هنا لا غريب أن نرىٰ مستقبلاً أن يُرفرف العلم الإسرائيلى في كل العواصم العربية والإسلامية ( وقد بدأ ) ، وان تُرفرف أعالام الدول العربية والإسلامية في تل أبيب وبعدها في القدس بعد إعترافهم بها كعاصمة للكيان الصهيوني ، فالقدس قد سقطت من حسابات مزايداتهم .
ويبقى الفلسطينيون كغائب الفِيْلةِ يُسحب البساط بكل ألوانه من تحت أقدامهم لا يُشغلهم ولا يُشغل قادتهم سوى تكريس الإنقسام وبهدلة بعضهم البعض وكراهية نصفهم لنصفهم الآخر ومحاربته حتىٰ في لقمةِ عيشه ووجوده ، لا يعنيهم إلا الإستحواذ على المناصب والمكاسب، وإضافة أسماء شهداء وجرحىٰ ومبتوري أقدام وسيقان إلى قوائمهم الحزبية ٠