تأملات في مسيرات العودة بقلم / أ. علاء محمد منصور

الخميس 10 مايو 2018 12:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
تأملات في مسيرات العودة  بقلم / أ. علاء محمد منصور



أن تُصوب خطأك وتعدل مسارك ليس عيباً بل أن تستمر بذات الخطى وبتلك الأفكار بدون أن تنظر تحت قدميك أو مكان سجودك فتلك طامة كبرى, أن لا تتأمل في خطاك نحو طريق شعبك ومدى قربه من هدف النصر أو ابتعاده عن محور التحرير فتلك نكبة كبرى, أن تبقى شاهراً سيفك الإنساني طيلة الوقت في وجه من فقد انسانيته فتلك مغامرة كبرى, أن تبقى أسير أفكارك دون النظر لطبيعة الوقائع التي تحيا, يعني أنك ذاهب الى العدم, ذاهب الى فقدان البوصلة بل أضعت الطريق.

فحفاظاً على مدلولاتها الوطنية العميقة ومتشبتاً بنقائها وعدم المس بعذريتها, توقفت بُرهة لأعيد التأمل بروعتها, وأجد لزاماً علينا أن نخطو خطوة الى الوراء تدفعنا بخطوات قوية للأمام متسلحين بوحدة وطنية وجماهير شعبية ملتفة خلف قيادتها الوطنية, فلقد سجلت مسيرات العودة الكبرى عند انبعاثها وانطلاقاتها فكرة نضالية خلاقة عبرت عن ابداعات الشعب الفلسطيني في مواجهة المحتل الغاصب, والتفت حولها فئات وشرائح شعبية واسعة, عبرت عن حالة الجماهير الشعبية الثورية التي تريد الخلاص من الاحتلال والعودة الى الأرض والمدن والقرى التي هُجروا وطُردوا منها قبل عقود خلت, فكانت المشاركة الواسعة وعلى أوجهها يوم 30/3 بذكرى يوم الأرض الخالد, وستبلغ المشاركة الشعبية ذروتها في ذكرى النكبة 15/5,وستجد كل الدعم والاسناد على الصعيد الشعبي والوطني والفصائلي.

وبعد جمعة النكبة المقررة بتاريخ 15/5 القادم, وبعد المشاركة الشعبية الواسعة, بل التضحيات الجسام من أبناء الشعب الفلسطيني بالأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى والمصابين قرباناً للانعتاق من الاحتلال وللاستقلال وتحقيق حلم العودة, وفي ظل عدم توفر مقومات عديدة لنجاح تلك المسيرات بالاقتراب من الأهداف الفلسطينية المشروعة, لأسباب ذات أهمية كبرى في مسار نجاح أي حركة تحرر وطني  تسعى لتحقيق أهدافها الوطنية ومنها:-

حالة الانقسام الفلسطيني وآثاره على الصعيدين المحلي والإقليمي.
حالة التشرذم العربي واستمرار النزاعات والحروب المحلية العربية.
حالة سيطرة اليمين المتصهين على الادارتين الامريكية والإسرائيلية وتنكرهما للحقوق الفلسطينية المشروعة.
غياب الحليف الإقليمي أو الدولي القادر على فرض معادلة جديدة أو حتى الاخلال بموازيين القوى القائمة.
ترهل الجبهة الداخلية الفلسطينية وعدم القدرة على فرض حالة شعبوية ثورية شمولية في كافة الأراضي الفلسطينية واقتصارها على نقاط حدودية ضئيلة بقطاع غزة.
عدم القدرة على توفير مقومات الصمود للمشاركين بالمسيرات الشعبية, والاهتمام بالتركيز الإعلامي فقط على أعداد الشهداء والجرحى، ناهيك عن عدم القدرة عل توفير العلاج اللازم للمصابين والجرحى مما يؤدي لتدهور الحالة الصحية للمصاب ويؤدي به للوفاة او الإصابة بإعاقة مستديمة.
سريان حالة من الإحباط الشعبي التي خلفها الانقسام وتعثر مسار المصالحة الوطنية, لاستمرار تلك المسيرات.
ظهور حركات غوغائية من قبل المشاركين بالمسيرات تجلت بحرق مقدرات الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم, مما يؤكد عدم وجود قيادة وطنية للمسيرات تلتف الجماهير الشعبية حولها وتلتزم بقراراتها وتوجيهاتها.
الاستفادة من الماضي النضالي القريب لشعبنا, خاصة الانتفاضات الفلسطينية السابقة ونتائجها, والتي أدت لتوقيع اتفاق أوسلو بعد انتفاضة دامت 7 سنوات 1987 – 1994م, وكذلك انتفاضة عام 2000م والتي لم تفضي الا لمزيد من التقهقر والتشرذم والانقسام رغم التضحيات العظيمة, و البطولات المجيدة التي سطرتها المقاومة الفلسطينية وسجلها الشباب الفلسطيني.

لهذا بات المطلوب من الأحزاب والحركات الوطنية الفلسطينية الدعوة لبلورة ميثاق وطني ناظم لتحركات وفعاليات مسيرات العودة في الوقت الراهن وفي المستقبل, بما يشمل اجراء مفاوضات مع أطراف دولية وإقليمية لرفع الحصار عن غزة, وفتح المعابر, وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان في مختلف المجالات, مقابل تجميد, بل بالأحرى تأجيل مسيرات العودة في الوقت الحالي, لظرف قادم تكون فيه الوقائع والعوامل الموضوعية للمسيرات الشعبية, أكثر تماسكاً وأصلب عوداً, تستطيع من خلالها الجماهير تحقيق مُبتغاها بالتعاضد مع أحزابها وحركاتها الوطنية وبناء جبهة وطنية داخلية قوية متماسكة, واقامة أوسع التحالفات الإقليمية والدولية, وحينها تستطيع الجماهير أن تسير بخطى واثقة نحو النصر والحرية والاستقلال.

علاء محمد منصور

كاتب وباحث بالدراسات السياسية

Ala.mansour@hotmail.com