الناموسة لا تقتل..!
الناموسة لا تدعنا ننام!
سيتحدث الباحثون باستفاضة عن المشهد السياسي والحزبي والاقتصادي والأمني والعسكري والعلاقات الدولة لإسرائيل، فيما اقتضبوا في تحليل المشهد الثقافي والاجتماعي، والحق أقوله لكم، أن ما لم يغر الباحثين للتعمق فيه أكثر هو بيت القصيد.
ترى أين ومتى انطلق يوم الأرض؟
هل لذلك دلالة ما؟ ربما، لكن استذكار التاريخ يفيد دوما في فهم أي ارض نقف عليها..
تحديات أمام الفلسطينيين في الداخل!
سيظل فلسطينيو 1948 هم حجر الأساس الذي لم يهمله الباحثون والساسة في إسرائيل يوما، لهذا جعل مؤتمر هرتسليا في أكثر من دورة منهم أكبر خطر استراتيجي على إسرائيل.
لذلك ليس غريبا أن تستوقفني بضع صفحات تتعلق بالمشهد الثقافي والاجتماعي، ضمن محور «الفلسطينيون في إسرائيل»، والتي جاءت في تقرير المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار) الذي وزع في مؤتمره السنوي عن المشهد الإسرائيلي في رام الله مؤخرا.
تحدثت الصفحات سريعا عن التحديات التي تهدد نسيج المجتمع الفلسطيني داخل فلسطين 1948، حيث ركزت على:
• مشكلة العنف المتفاقم ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة.
• ازدياد ما في النغمة الطائفية.
وكلاهما أكبر مهددين لهذا النسيج، كونهما يدمران المجتمع من الداخل، لذلك من المهم تحليل ذلك ووضع توصيات استراتيجية وعملية، وعدم الاكتفاء بالوصف، أكان العنف مثلا ناتجا عن الكولينيالية والعنصرية والغبن الاقتصادي، أو جاء نتيجة عوامل داخلية تتعلق بالثقافة السائدة، ونعني بذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، وما يعني من علاقات القوة، لمجتمع الذكور، والأماكن المهمشة، خصوصا في القرى غير المعترف بها المهددة دوما للهدم. إن تفاعل ما هو اجتماعي مع ما هو سياسي واقتصادي، يجعل مناهضة العنف أمرا ليس بالأمر الهيّن، مما يستدعي أن تقوم مؤسسات المجتمع العربي السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الداخل بالاهتمام بها، كذلك مؤسسات البحث مثل مدار كمرز متخصص متقدم في هذا المجال.
أما الطائفية المقيتة، وإن كانت -لحسن الحظ وانتباه الأهل- فللأسف وقع أخوتنا في أكثر من بلد عربي في هذا المطب، من لبنان الى العراق، وليس مجتمع فلسطين عام 1948 استثناء.
لقد زاد الأمر في ظل ما تفاعل من عوامل خصت النزاعات العربية، من جهة، كأثر الحالة السورية، لكننا لا نستطيع عزل ما هو موجود في الثقافة، والتي غذّتها إسرائيل في أكثر من مرحلة. كما إن علاقات القوة لها تأثير فيما يخص المصالح أيضا مثل مسالة مدير المدرسة الواردة في التقرير.
وبالرغم من اهتمام تقرير مدار وتنبيهه الشجاع والصريح «لسياسة السلطة الإسرائيلية الحكمة، الآخذة في التبلور والتي تقوم على الاحتواء الاقتصادي للنخب، مقابل مواجهة سياسية مفتوحة مع النخب السياسية والأحزاب، وتصعيد في عنف الشرطة والتحريض على المواطنين الفلسطينيين، وتواطؤ سلبي غير مكتوب، وغير واضح المعالم، مع الجريمة المنظمة داخل المجتمع الفلسطيني»، إلا أن كان هناك ضرورة للحديث عن البنية الثقافية ودورها في تحصين المجتمع الفلسطيني، لما للثقافة والتعليم من أهمية في الارتقاء بالفكر والسلوك، ومواجهة العنف والمخدرات والطائفية حتى ولو كانت في حدودها الدنيا.
مهم مناقشة «سؤال المقاطعة الثقافية وازدياد التداخل في قضايا الفلسطينيين في الداخل مع الفلسطينيين عامة، وإلى غياب الخط الأخضر، وما يشير إلى ارتفاع منسوب تشابك الأبعاد المختلفة للقضية الفلسطينية وتفاعلها بعضها مع بعض» لكن لعل هناك خصوصية مختلفة أيضا لمجتمع فلسطين عام 1948، بحيث تشكل تقوية الثقافة الفلسطينية العربية الإنسانية التنويرية أولوية أولى، يستطيع المجتمع هناك قطف ثمارها، حيث تشكل المقاطعة الثقافية ومناهضة التطبيع أولوية ثانوية؛ فنضال الفلسطينيين هناك ضد العنصرية، باتجاه تحقيق الحقوق السياسية والمدنية، يعني الكثر لبقائهم الفاعل وبقائنا هنا في الضفة والقطاع والشتات.
الأرض والهوية أولويتان للمجتمع الفلسطيني في كل مكان، وفي الداخل أكثر أهمية، وهو ما يجب ان تنشغل به الثقافة والاعلام والادب والمجتمع المدني، وكل ما يتعلق بذلك، لذلك تصبح الثقافة أداة وهدفا في الحفاظ علليهما: الأرض والهوية. وما هما الإ الانسان.
لنتذكر تاريخ يوم الأرض: المكان والزمان!
فحتى العام 1947 كان اليهود يملكون 6% من الأرض، 17%من تلك الأراضي كانت أراض زراعية لليهود.. إذاً، فكان من الطبيعي، أن يلجأ الغزاة إلى مصادرة الأرض.. وماذا يبقى للإنسان إن سلبت أرضه، مكانه، مأكله ومشربه، وموقع بناء بيوت الأبناء والأحفاد؟
لنتذكر اليوم وغدا ما أقرّه العنصري كينج (أحد الصهاينة المنظرين لتهويد الجليل) بخطورة الأحداث حينما قال محذرا: نشأ لأول مرة منذ قيام الدولة وضع تماثل فيه جميع العرب على وعي وعلنا وخلافنا لطلب الحكومة مع مطلب سياسي قومي متطرف..»
إن فلسطينيي الداخل اليوم بحاجة لهذا الوعي وهذه الوحدة!
الوحدة الوحدة ..لذلك ستصنع الحكومات الإسرائيلية كل ما يحول دون ذلك، لا في فلسطين المحتلة عام 1948، بل في فلسطين 1967، وفي العالم العربي، لذلك فأكبر هدية تفرح بها إسرائيل هي الفرقة، وهي اكبر سلاح دمار شامل في ايديها قبل الرؤوس النووية!
وقتها سنعارض محمود درويش ابن الجليل مرة أخرى لنقول إن «العصافير لم تمت في الجليل» بل ها هي زقزقتها!
تحديات أمام الفلسطينيين في الداخل: يعني هنا!
وهنا يعني هناك، وعبور النفس سيظل الأصعب، لكنه ممكن إن أردنا!
ليس لنا إلا أن نريد..نكون ونبقى أكثر روعة ومحبة.
Ytahseen2001@yahoo.com