يحكى أن فرقة ، تتخذ من الدين ستاراً لأعمالها ، ظهرت في العصر الفاطمي ، في بلاد فارس ( إيران ) و إمتد نشاطها إلى مصر و الشام ، كانت تعرف بفرقة الحشاشين ، نعم ، الحشاشين ، حيث تقول بعض الروايات التاريخية و أشهرها رواية الرحالة و المؤرخ ماركو بولو ، أن أمير هذه الفرقة كان يجمع أتباعه في قلعة تسمى قلعة الموت على قمة جبل في إيران ، و يقدم لهم الحشيش و الأفيون و المخدرات على أشكالها و أنواعها ، إضافة إلى ما لذ وطاب من المأكل و المشرب ، و الغانيات و الموسيقى ، و يبدأ العرض الفردوسي بتقديم المخدرات و الأكل ، و الحشو الذهني ، و الخطابات السلسة التي تتسلل إلى مشاعر الأفراد تماما كما يتسلل المخدر ، بأوهام و غسل أدمغة جماعية ، عن الأهداف النبيلة للفرقة ، و الأغراض السامية التي يراد تحقيقها .. و من ثم تتم عملية نفخ الذات ، بتكبير و تعظيم شأن المتواجدين في القلعة ، و منحهم صفات البطولة و الفداء و الرجولة و الوطنية و الإخلاص للدين و أهم من كل هذا ..
الإخلاص للامير الإمام القائد .. وهو نزار المصطفى لدين الله و نسله وجماعته.. ثم بعد أن تبدأ الرؤوس في الدوران ، و تختلط الألوان ، تبدأ الغواني و الجواري الفارسيات و الروميات بالرقص و الغناء و إشباع الرغبات .. و يوهم أئمة الطائفة الإسماعيلية النزارية ، الحشاشين بأنهم بقدراتهم و شفافيتهم إستطاعوا أن يفتحوا لهم طاقة في السماء ، و أخذوهم في رحلة إلى الجنة ..! هذه الأوهام ، و هذه المكرمة بالدخول إلى الجنة ، تغري التابعين المفرغة عقولهم ، و الذين تربوا منذ الطفولة على سياسات التجهيل و التسطيح ، و الكراهية و الحقد على كل من يخالفهم ، و رفض الآخر ،و الإعتقاد بأنهم يمثلون الحق و الحقيقة ، والتدرب على أساليب ( كهن النساء ) في المجادلة و السفسطة ، و "المجاكرة " مع إغداق النعم و المنح ، تدفع التابعين دفعاً إلى بذل كل غالٍ و نفيس ، و حتى النفس في سبيل الفرقة و الأئمة و القادة .. كيف لا و قد رأو بأم أعينهم ، و غرفوا من ملذات ما ينتظرهم في الجنة بشكل دائم و أبدي .. !!كانت الاستراتيجية العسكرية للحشاشين تعتمد على الاغتيالات التي يقوم بها "إنتحاريون" لا يأبهون بالموت في سبيل تحقيق هدفهم. و الإبتعاد قدر المستطاع عن المواجهة المكشوفة ، و التستر بالدروع البشرية ، هرباً من المواجهات حيث كان هؤلاء "الإنتحاريون" يُلقون الرعب في قلوب الحكّام والأمراء المعادين لهم، وتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات المهمة جداً في ذلك الوقت؛ مثل الوزير السلجوقي نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد. و كانوا يستهدفون أيضاً صلاح الدين الأيوبي و يتحدث التاريخ و الروايات بإسهاب عن هذا الموضوع لمن أراد البحث . الفكرة أن تفريغ الأدمغة ، و حصر الطليعة من الشباب في بوتقة مغلقة ، و تسهيل حصولهم على المخدرات المادية و المعنوية ، و إعمال البلاغة و دغدغة العواطف ، يمكنها أن تجيش أكبر الجيوش ، و تزيل الجبال .. و تشكل " عقيدة " راسخة عند معتنقيها بأنهم على الحق .. و الموت في سبيل هذا " الحق " يصبح أمراً طبيعيا ، بل مطلباً للجهلة الموهومين ..و الوسيلة للتحكم في هذه الكتل البشرية معروفة ، أساسها تفريغ الأدمغة و حشوها مرة ثانية بالقدر المطلوب من الأكاذيب و الأوهام ، بواسطة إستخدام عاطفة الدين ، أو الفلسفة ، أو المخدرات العادية من حشيش و أفيون و مسكرات ، فاتباع الجيش الأحمر الياباني لم يكونوا على دين ، بل هم في معظمهم ملحدين ، و قبلهم و بعدهم كانت عقيدة الكاميكازي الياباني .. كامي تعني "الإله" أو "الرب" وكازي تعني "رياح" وتعني الرياح المقدسة أو الرياح الإلهية، وهي كلمة تستخدم للإشارة إلى إعصار يقال أنه أنقذ اليابان من غزو اسطول مغولي بقيادة قبلاي خان في 1281.
وفي التاريخ المعاصر أصبحت الكلمة تستخدم للإشارة إلى هجمات الإنقاذ الإنتحارية التي قام بها الطيارون اليابانيون ضد سفن الحلفاء في الجزء الأخير من حملة المحيط الهادي إبان الحرب العالمية الثانية.
يذكر أن قطاع غزة ، محاصر و مغلق و منغلق على ذاته منذ العام 2006 ، ومن كان حينها طفل بعمر عشر سنوات أصبح الآن في عنفوان الشباب، في ظل تفاقم الوضع الإقتصادي ، حيث تم ربط الإقتصاد بمافيات و جماعات تسخير و ربط الناس و تكبيل مصالحهم ، ناهيك عن شرعنة و تقنين التهريب و الأنفاق و تردي الوضع الصحي و الإجتماعي و إنهيار التعليم و الثقافة و إعتماد أسلوب الحشو و التوجيه و ثقافة المنابر ، إضافة إلى تسجيل أرقام قياسية نسبياً في تعاطي و تداول المخدرات و خاصة الترامادول و غيرها من الأصناف .. فهل هناك أمل في إفاقة حشاش ؟ بالطبع الأمل موجود ، بالله . و العلاج من داء الإسماعيلية