أكدت مصادر فلسطينية أن مصر كثفت تحركاتها، من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح بعودة السلطة بشكل كامل إلى قطاع غزة، قبل طرح الإدارة الأميركية خطة السلام المعروفة بـ«صفقة القرن».
وحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» اللندنية، فإن مصر تريد طي صفحة الانقسام الفلسطيني، بما يسمح بعد ذلك، بالتفاوض على إقامة دولة فلسطينية.
وأكدت المصادر نفسها، أن هذا التوجه كان مثار نقاش بين رئيس جهاز المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى مسألة الجهود المتعلقة بإدخال تعديلات على «صفقة القرن» بحيث تصبح واقعية ومقبولة.
ويحتاج الحل في غزة إلى موافقة ثلاثة أطراف هي: السلطة وحماس وإسرائيل. ويفسر هذا لقاء اللواء كامل مع رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي، نداف أرغمان، في تل أبيب بعد لقائه بعباس.
وقالت إذاعة ريشت كان الإسرائيلية، إن كامل وأرغمان تناقشا في شأن غزة. لكنها لم تنقل سوى أن أرغمان نقل لحماس رسالة حذّر فيها من المساس بالجدار الأمني واستمرار الاستفزازات. وأن الجيش الإسرائيلي لن يتسامح مطلقاً مع أي محاولات للاقتراب من السياج والإضرار به.
وسئل المسؤول السابق في جهاز «الموساد الإسرائيلي» ديفيد ميدان، الذي يعتبر مهندس صفقة تبادل الأسرى مع حماس عام 2011 التي رعتها مصر في حينها، حول الدور المصري فقال، إن مصر الدولة الوحيدة القادرة على إحداث تأثير في القضية الفلسطينية وخاصة الوضع في قطاع غزة.
وأضاف ميدان في مقابلة مع صحيفة «ماكور ريشون» العبرية، إن مصر الوحيدة التي يمكن أن تصل بالأراضي الفلسطينية إلى حالة الهدوء، وهي الجهة الوحيدة القادرة للتأثير على القيادة الفلسطينية والتوصل معها إلى اتفاق بشأن الكثير من القضايا.
وتابع ميدان «أعتقد أن هناك دولة واحدة تعرف حقا كيف تؤثر على غزة، هي مصر، لا يوجد بلد آخر».
وأردف «مفتاح أي حل مستقبلي هو القاهرة، تستطيع إسرائيل غزو وتطويق غزة، لكن البلد الوحيد في العالم الذي يمكنه التأثير على القيادة الفلسطينية وحماس، هو مصر، فقيادة حماس يأتون للقاهرة مثل الأطفال الطيبين ويذهبون للحج عند المسؤولين ويحاولون التوصل إلى اتفاقات معهم».
وحول القضية الفلسطينية، أقر ميدان أنه لا يمكن نزع سلاح حماس، على الأقل في المرحلة الحالية. وقال: «يجب أن نتوصل إلى تفاهم ربما لن يكون مائة في المائة، لكن يجب أن نفعل ذلك وأن تعود السلطة لغزة رغم حالة الكراهية بين فتح وحماس، والمصريون قادرون على ذلك، قادرون على التغيير وتقليل التوتر وتحسين الحياة هناك».
وخلال هذا الحراك المصري المكثف، هاتف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال نتنياهو، في بيان رسمي، إنه تحدث الليلة قبل الماضية، هاتفيا، مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإن المكالمة تناولت موضعين أساسيين، هما: التطورات الإقليمية في المنطقة والمبادرة الأميركية لتحريك المفاوضات مع الفلسطينيين وكذلك الموضوع الإيراني.
وشكر نتنياهو الرئيس ترمب على التزامه بأمن إسرائيل وعلى الدعم الأميركي لإسرائيل في الأمم المتحدة. مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على مواصلة التنسيق الوطيد بين البلدين بهدف صد العدوان الإيراني، ومحاولات طهران زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن ترمب كرر التزام بلاده الكامل بالحفاظ على أمن إسرائيل، كما اتفق مع نتنياهو على مواصلة تنسيقهما بشأن إيران وتأثيرها على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
يذكر أن هذه الحادثة، بين ترمب ونتنياهو، هي الأولى منذ أحداث مسيرة العودة في غزة، حيث جاءت في أعقاب محادثة الرئيس الأميركي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي قال لترمب إن الرياض تدعم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وكان كامل أعطى لعباس ضمانات مصرية بتسليم قطاع غزة بشكل كامل للسلطة الفلسطينية، وطالبه بمهلة قصيرة لتنفيذ ذلك، كما أكد له أن ثمة جهودا كبيرة تبذل لتعديل «صفقة القرن» كي تصبح مقبولة بالنسبة للفلسطينيين والعرب.
ونشرت «الشرق الأوسط» على لسان مصدر فلسطيني، أن مصر بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية، تتطلع لتنسيق كامل مع السلطة، وتعملان من أجل إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، بغض النظر عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وساءت علاقة السلطة بالولايات المتحدة بعد قرار ترمب، ووصلت إلى قطيعة أعلن معها عباس رفضه المسبق للصفقة الأميركية.
وطلب عباس إقامة مؤتمر دولي للسلام تنتج عنه آلية دولية متعددة الأطراف، لرعاية عملية سياسية. لكن دولا أوروبية وكذلك عربية، أخبرت عباس أنه لا يمكن التقدم من دون الولايات المتحدة.
وأكد الرئيس عباس، أمس أن الجانب الفلسطيني ما زال يمد يديه من أجل السلام القائم على مبدأ حل الدولتين، وقرارات الشرعية، لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
وأضاف لدى استقباله بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، وفدا كنديا ضم عددا من أعضاء البرلمان الكندي، على ضرورة تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف لرعاية العملية السياسية، وفق خطة السلام الفلسطينية التي طرحت في مجلس الأمن الدولي مؤخرا.
ويتطلع عباس على الرغم من الجهود العربية، إلى توسيع رعاية المفاوضات بحيث تضم، إلى جانب الولايات المتحدة، دولا أخرى بينها عربية.