مسيرة العودة الكبرى تُسقط أمن إسرائيل.. علاء منصور

السبت 31 مارس 2018 11:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مسيرة العودة الكبرى تُسقط أمن إسرائيل.. علاء منصور



عندما اندحرت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن التجمعات السكنية في قطاع غزة عام 2005م, لم يضع قادة إسرائيل وجنرالاتها العسكرية في حساباتهم السياسية والأمنية فكرة ملاحقة الجماهير الشعبية لهم على الجُدر والحدود التي صنعها الاحتلال خلفه, مطالبين بحقهم بالعودة لمدنهم وقراهم التي طُردوا ونزحوا عنها بقوة السلاح.

لقد شكلت مسيرة العودة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بمناسبة مرور 42 عام على ذكرى يوم الأرض الخالد, معاني ومغازي ذات دلالات مختلفة ومتشابكة في ذات الوقت, الا أنها التفت جميعها حول مسألة جوهرية تمثلت في قضم مفهوم الأمن والاستقرار لدولة الاحتلال الصهيوني, والتي تتغنى وتصدح به اسرائيل  ليهود الشتات, ولدول العالم الغربي جهارا نهاراً بما تنعم به من استقرار وأمن, خاصة بعد هبات الربيع العربي وما آلت اليه أوضاع الأمة العربية من نزاعات وحروب أهلية, وضعف وهوان عربي جعل من إسرائيل تتغنى بأنها واحة الاستقرار والسلام في المنطقة, فجاءت مسيرة العودة لتثبت أن إسرائيل هي وحل الاستقرار ووهن بقاءه, والسبب الرئيس لعدم استقرار المنطقة برمتها.

وقد جاءت مسيرة العودة كتعبير ابداعي خلاق من الشعب الفلسطيني, لوسيلة مقاومة شعبية, قضمت مرتكز الأمن الصهيوني القائم على مفهوم الحدود الآمنة, والذي أسقطته حرب أكتوبر المجيدة من قبل, ولتؤكد عقم المعتقد الصهيوني القائم على فكرة الكبار يموتون والصغار ينسون, وأظهرت الأعداد المرتفعة للشهداء والجرحى العزل (16شهيداً + 1800 اصابة) مدى الحنق الصهيوني على الوعي والإبداع الشعبي الفلسطيني المقاوم, إضافة لإعادة إبراز الصورة الحقيقية للمحتل الغاصب, والذي كادت تطمسه الوقائع العربية الأخيرة, فالأعداد الكبيرة للمشاركين بالمسيرة في مناطق التماس على حدود قطاع غزة شكلت رعباً للمحتل مما جعله ينشر الدبابات ويطلق نيران المدفعية على مسيرة العودة بأماكن تجمعاتها المختلفة على طول الحدود, لكن الراسخ الوحيد الذي تركته المسيرة خلفها, هو مدى التخبط لدى قادة إسرائيل بإمكانية قدرتهم على الاستمرار في صد ومنع التجمعات والحشودات الجماهيرية المتلاحقة عندما تكتسب صفة الاستمرارية والزخم الشعبي, و المطالبة بالعودة لقراها ومدنها التي هُجرت وطُردت منها بالقوة , فإسرائيل تتمتع الآن بالقدرة على القتل وارتكاب الجرائم الإنسانية والتهرب منها بمساعدة الحليف الأكبر الولايات المتحدة, أي تتوفر لها المقدرة على التخلص من هذه المسيرة وتبعاتها, ولكنها لن تستطيع أن تتخلص من شعب متشبت بأرضه ومتمسك بحقوقه, وتزاد أعداده يوماً بعد آخر, ليُحطم الحُلم الصهيوني في دولة ذات طابع يهودي, لكون أعداد العرب الفلسطينيين من النهر للبحر  أضحت أكبر من أعداد المستوطنين اليهود, وليبقى هاجس الأمن الإسرائيلي بالاستقرار والسلام لدى قادة إسرائيل حُلماً بعيد المنال, طالما لم ينعم الفلسطينيون هم أيضاً بالدولة والأمن والاستقرار.

  1. علاء محمد منصور

كاتب وباحث بالدراسات السياسية

Ala.mansour@hotmail.com