يبدو ان خطة السلام التي عرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس امام مجلس الامن لم تخرج من قاعة المجلس وهو ما كان متوقعا، فما اعقب كلمة الرئيس عباس هناك من مواقف اسرائيلية واميركية سواء في الجلسة المعلنة او ما تلا ذلك في الاجتماع المغلق من عزم واشنطن طرح خطتها الرامية لاطلاق مفاوضات فلسطينية اسرائيلية وأد خطة الرئيس الفلسطيني في مهدها.
لكن السؤال هنا، هل كان الرئيس عباس يتوقع ان تقبل هذه الخطة؟ ويتم تبنيها على الفور من قبل مجلس الامن او المجتمع الدولي؟ بالطبع لا، فخطابه الذي يعتبر الاول منذ العام الفين وتسعة من على هذا المنبر يمثل شكلا من اشكال تصعيد المواجهة مع واشنطن واستفزازا للعالم عله يتحرك ليكسر احتكار الرعاية الاميركية للسلام.
خطوة لا يمكن التقليل منها، او ذلك الجهد الذي يبذله الرئيس عباس وهو يتنقل من دولة الى اخرى لاقناع العالم بالخروج من العباءة الاميركية من خلال مؤتمر دولي تنبثق عنه لجنة خماسية او سداسية او غيرهما مثلما جرى في الملف النووي الايراني، لكن ذلك ربما يكون بعيد المنال طالما استمر الرفض الاميركي والاسرائيلي، وعجز العالم عن شق التفرد الاميركي بالقرار الدولي، وهو ما جعل اسرائيل تسرح وتمرح في ارض فلسطين وفي المنطقة منهية باجراءاتها كل امل في اي حل مستقبلي.
التحرك الفلسطيني نحو الخارج قابله غياب الجدية في ترجمة قرارات المجلس المركزي فاللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هربت من تلك القرارات بتوكيل الحكومة التي وظيفتها ادارية ان تبدأ باجراءات الانفكاك من اسرائيل، اضافة الى التراجع على مستوى الوضع الداخلي، مثل ملف المصالحة الوطنية الذي يتشدق الجميع بضرورة اتمامه وفي الوقت ذاته يضعون العراقيل امامه، فيما المقاومة الشعبية التي ننادي بها فهي خجولة او تكاد تكون غائبة.
اذا اردنا ان نغير في المعادلة القائمة لا بد اولا ان نمتن جبهتنا الداخلية، ان نجعل المصالحة خيارا وطنيا اساسيا نعمل جميعا ودون كلل لتذليل ما يعيق تحقيقها وصولا الى توحيد القوى والسياسات، علينا ايضا ان نعزز ثقة المواطن بالقيادة عبر سلوك الحكم الرشيد بما يضمن النزاهة والشفافية والمحاسبة، كما يتوجب ايضا تعزيز صمود المواطنين بالفعل لا بالشعارات.
اذا ما التفتنا الى بيتنا الداخلي وحصناه وطنيا واخلاقيا ومن كل شيطان رجيم، يمكن بعدها العمل بشكل مختلف، لانه سيكون هناك التفاف واسع حول القيادة في المعركة مع اسرائيل، اما والحالة كما نحن عليه مشتتين في الموقف والقرار فاقدين الثقة ببعضنا فان حالنا سيبقى دون تغيير حتى لو جُبنا العالم شرقا وغربا او شمال وجنوبا.