لربما ما يمر به شعبنا في معظم مناطق تواجده لم يعد خفي على أحد ،ولكن بشكل عام كل تواجد له سمات وصفات ودرجة حرارة خاصة به ولمعرفة القوة الذاتية التي يتمتع بها ودرجة الحرارة المطلوبة لكي يلين وتتمزق أطرافه ليسهل تطويعه وتشجيعه بالشكل الذي يريده اعداء الأمة منذ زمن وهو ليس السيطرة على فلسطين وحسب ولكن السيطرة على الوطن العربي من المحيط إلى الخليج .
جميعنا يعلم بأن المشروع الاستعماري ومشروع تفتيت الوطن العربي مشروع قديم أقدم من قيام دولة إسرائيل، ولم يكن الشعب اليهودي الا ضحية من ضحايا أوروبا التي أرادت أن تضرب عصفورين بحجر واحد من خلال هذا المشروع الاستيطاني .
_ التخلص من يهود أوربا اولا ونقلهم إلى مناطق أخرى
_ إقامة كيان استيطاني استعماري قوي في الوطن العربي هدفه فصل المشرق عن المغرب العربي لما لهذا المارد من أثر في حال فاق من سباته.
وهنا لا اريد التحدث بالشعارات ولكن الحقيقة الملموسة والواقع المعاش تقول بأننا كفلسطينيون وكراس حربة في هذا الصراع الذي امتد ما يزيد عن مائة عام فشلنا في مشروع وقف هذا المشروع ومعنا الأمة العربية والإسلامية ،ليس من باب الخنوع والخضوع ولكن هناك عوامل عديدة لا مجال لذكرها الان<br>
واليوم وبعد هذا السيل العارم من التضحيات والشهداء والأسرى والجرحى والجوع والبطالة والتفتت في النسيج الاجتماعي العربي والتقسيمات على أسس حزبية وطائفية ودينية واثنية وطبقية ومناطقية وانتشار أدوات غريبة عن المجتمعات العربية والإسلامية والتي جميعها مدعومة من الغرب الاستعماري وامريكيا وإسرائيل اين نحن ذاهبون.؟؟؟
صحيح ان القوى الاستعمارية دائما تبني نظرياتها الاستعمارية على الثابت من القواعد والأنظمة التي هي أدواتها المحلية في بناء مشاريعها ولكن هذا قد ينجح وقد يفشل ،وهنا النجاح بحاجة إلى مجموعة عوامل والفشل أيضا بحاجة إلى مجموعة عوامل.
وبالعودة إلى الحالة المقصودة من مقالي وهو الحالة الفلسطينية ،جميعنا يعلم بأن هناك خطة جهنمية تحضر لنا من امريكيا وإسرائيل ويشترك معهم من خلف الكواليس الكثير من الأصدقاء والأشقاء ولربما الأخوة اصحاب الشعارات الوطنية العريضة ،نعم هناك طوفان قادم وحرب مدمرة قادمة ونحن لسنا أكثر من خروف العيد ننتظر انتهاء الصلاة لتتم عملية الذبح والسلخ والتوزيع ،ولم ينتظر اصحاب القرار او لم يريدوا ان تكون الأمور مفاجئة فكان سلخ مدينة السلام القدس وتنحيتها من قاموس أحلامنا ،والحقوها بالقضية الأهم وهي قضية للاجئين وبدأوا بإخراج ملامح الصورة التي يريدون أن تكون عليها حالة المنطقة القادمة وقالوا بأنه مشروع إقليمي وليس لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي اي انهم بعد محاولات سلخ هذا الصراع اعادوه إلى الحاضنة ولكن من باب التذويب لهذا الصراع والتصغير من أهميته.
ولكن اليوم وبعد أن أعلنت امريكيا القدس عاصمتة إسرائيل شجب واستنكر وندد العرب والمسلمون والبعض بارك وهنا واعتبر ان الأمر تصحيح تاريخي لحالة الوعي المغلوط الذي كان يسكن ابناء أمتنا مثل حالة الوعي المغلوط الذي كان يسكنها حينما كنا نعتقد أن حيفا ويافا وعكا اراضي فلسطينية وليست دولة مجاورة يجب التعايش معها والاعتذار عن سنوات سوء الفهم!!هذا هو الحال أيها السادة الشعارات لن تحرر أوطان ولن تعيد حقوق ،قالها عبد الناصر في زمان ماضي ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ،لن يسترد بالقبل او بقرارات مجلس الأمن او بقرارات الجمعية العامة او بالمؤتمرات الدولية او بالإجماع الأممي او الإعتراف الاممي او بالمنظمات الدولية هذا كلام فارغ عمر البشير رئيس السودان منذ سنوات والجنايات الدولية تدينه بجرائم ضد البشرية هل تحاكم ،تريدون أن يمثل رؤساء العصابات الصهيونية أمامها؟ تريدون أن يقيم لنا العالم وطن مفروش ويضعون لنا البساط الأحمر ويعتذروا عن الذنب الذي اقترفوه بحقنا ،فيقوا من هذا السبات انظروا إلى أنفسكم بتمعن وصدق ماذا تساوون في ميزان القوة الدولية على ارض الواقع ليس بالعدد بالطبع ولا بحجم المخزون من الثروات التي هي ليست لنا .
هنا وبعد الحرب العالمية الثانية نعلم أن ألمانيا واليابان هزمتا ووقعتا على صك استسلام مذعن ولكن وبعد سنوات وفي الخمسينات بدءتا بثورة البناء ثورة الانتصار على الشعارات ثورة بناء الإنسان ثورة مواجهة الحقيقة فكانت القيادات التي لم تعمل الا على إعادة بلادهم إلى مصاف الدول الفاعلة .
ونحن اليوم يجب ان نعيد قراءة التاريخ وخاصة التاريخ الصهيوني الذي كان شتات ولكن تمكن بفعل مجموعة عوامل ان يجعل لنفسه كيان قادر ان يسيطر على منطقة وشعوب تكبره مئات المرات ليس لقوته ولكن لضعفنا.
من هنا يجب علينا وفي ظل القائم اليوم عدم الانجرار إلى المواجهة والتضحية بالمزيد من البشر والقبول بالممكن قبوله والغير ممكن والعمل على إعادة ترتيب أوضاعنا وتصويبها والتخلص من كل أصحاب الشعارات والذهاب إلى البناء وبناء الانسان اولا والقوة من ترسم حدود الدول وليس كتب التاريخ او الجغرافيا