قطاع غزة بين مطرقة الفقر ورحى السياسة..محمد حجازي

الثلاثاء 30 يناير 2018 08:34 ص / بتوقيت القدس +2GMT
قطاع غزة بين مطرقة الفقر ورحى السياسة..محمد حجازي



بدون أدنى شك ان قطاع غزة أصبح معضلة إنسانية كبرى ، بفعل عدة عوامل في مقدمتها الحصار الذي تفرضه إسرائيل عليه لأسباب سياسية و ديمغرافية ، فقطاع غزة المحيط بخاصرة  "إسرائيل "يشكل تهديدا حقيقيا للمشروع الكولونيالي على أرض فلسطين .

خاضت إسرائيل ثلاثة حروب على قطاع غزة , كانت تهدف إلى محاولة دفع القطاع بإتجاه الجنوب منطقة سيناء الواردة في كل السيناريوهات الإسرائيلة  و الأمريكية على حد سواء ، ذلك لأن ما  يؤرق إسرائيل و الإدارة الأمريكية ، هو الكتلة البشرية حوالي 2 مليون فلسطيني 70 بالمئة منهم لاجئين  ، يشاهدون قراهم التي هجروا منها في عام  1948 بأم أعينهم صباح مساء ، في  مساحة تقدر ب 365 كم2 تعاني نقصا حادا في المياه الصالحة للشرب , وتفتقر للكثير من مقومات الحياة ، هذه الكتلة البشرية قابلة للزيادة السكانية بشكل كبير ، فبعد اقل من عشرة سنوات ستتضاعف ، حاولت إسرائيل إزاحتها في حروبها الماضية لكن  بدون نتيجة ، بحسب الكثير من معاهد الدراسات اللإستراتيجية  و تصريحات قادة الجيش و المستويات السياسية ، كانت تنظر لقطاع غزة بأنه خارج الحسابات سواء في الإستيطان أو في الإحتلال ، فإعادة إحتلال قطاع غزة قضية مكلفة من جميع الجوانب أهمها السياسية ، لأن إحتلال القطاع يوحد الفلسطينيين ، الأمر الذي لاتريده إسرائيل فقرار الإنسحاب من قطاع غزة أعتبره الكثير من السياسيين بأنه تصحيح لخطأ تاريخي إرتكبته إسرائيل عام 1976 ، سيناريوهات الإنسحاب من قطاع غزة كانت بحسب الحسابات الإسرئيلية ، هو عزل القطاع عن القضية الفلسطينية و المس بوحدة الفلسطينيين السياسية ودفع القطاع بإتجاه سيناء ومصر .

و أمام هذا المشهد المعقد حدث الإنقسام الفلسطيني , حدث مشؤم بتاريخ الشعب الفلسطيني نفذته  حركة حماس ، الطرف الأكثر قدرة على ضبط قطاع غزة و السيطرة على كل متناقضاته ، إبتلعت حركة حماس الطعم الإسرائيلي ،الذي رأى في السلطة الفلسطينية آن ذاك بأنها أولا عاجزة عن السيطرة، و ثانيا أنها توحد الفلسطينيين  بحل التضخم السكاني في القطاع هو بإتجاه الشمال لا بإتجاه الجنوب إلى سيناء ، إما بعودتهم إلى قراهم أو بإستحداث مناطق سكانية عامرة في أراضي الضفة الغربية على الأقل في هذه المرحلة النضالية .

منذ بداية  طرح ما يسمى بصفقة القرن ، كان الرئيس ترامب يضع شرطا لهذه الصفقة  وهو بسط السيطرة على القطاع وعزل حركة حماس ، بمعنى آخر أن شرط الصفقة هو سيطرة الرئيس محمود عباس على القطاع ، ولكن إتضح فيما بعد أن هذه الحجة كانت تستعمل من قبل إسرائيل ، لعدم إعتراف العالم و الأمم المتحدة بالإعتراف بدولة فلسطينية ، تحت ذريعة أن الفلسطينيين غير موحدين وهناك أكثر من ممثل للفلسطينيين في إشارة لحركة حماس ،

فكانت المصالحة شرطا ضروريا لوحدة الفلسطينيين للرد على نتياهو لمتطلبات ما يسمى

وهما  بصفقة القرن .

فشل الفلسطينيون فشل ذريعا في تحقيق وحدتهم السياسية بالرغم من الحاجة الماسة لذلك ليس فقط في الجانب السياسي على أهميته بل بالجانب الإنساني ، فإجراءات السلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة ,  " تقليصات الرواتب و الكهرباء وموازنات المشافي .......إلخ  " ، 2 مليون فلسطيني يعيشون في ظروف معيشية اكثر من سيئة ، تلاشت الطبقة الوسطى وازداد الفقر بحيث شلت الحياة بنسبة غير مسبوقة ، فشلت المصالحة لأن حركة حماس أرادت منها بندا واحدا هو دفع فاتورة موظفيها  " حوالي 40 الف " ولم تأتي للمصالحة نتيجة مراجعة  سياسية حقيقية عن الخطا الذي إرتكبته  في عام 2007 عام الإنقسام الفلسطيني ، بل لأنها فشلت في حكم القطاع و وصلت إلى الخيار صفر في حكمه , لم تعد هناك بدائل لحركة حماس سوى الذهاب بإتجاه المصالحة  .

وفي المقابل من الجهة الأخرى رأت قيادة السلطة نفسها بعد ما إتضحت معالم صفقة القرن ، بقرار ترامب  إعتبار القدس عاصمة لإسرائيل و نقل السفارة الأمريكية إليها  ، بأن قطاع غزة  سيشكل لها عبئا ماليا غير قادرة على توظيفه وتحمل تبعاته ، وهي الآن تقف عاجزة أمام المشاكل الإنسانية في القطاع غير المسبوقة ، لا حل في الأفق في ظل التدهور المستمر ، على ماذا تراهن قيادة السلطة وهي ترى شعبها يتم تحطيمه في القطاع بمطرقة ومعول  الحسابات السياسية و الإقتصادية ، إن عملية إفقار غزة وتحطيم الإنسان الفلسطينيى بحيث وصل للتفكير فقط بلقمة عيشه وبأولاده ومشاكل الحياة اليومية " كهرباء و مياه وصحة ...... إلخ  " ذلك لأن الفقر و العوز يبعد الإنساني الفلسطيني بان يفكر بالسياسة , فمقولة أن شعب محطم وجائع لا يمكن أن ينتصر ولا يمكن أن يواجهه مخططات تصفية القضية الفلسطينية صحيحة .

دعوات البعض  واقصد بهم حركة حماس بالحديث عن بدائل و خيارات غير المصالحة ، مثل تشكيل لجنة إدارية من الفصائل لإدارة القطاع ........ إلخ من الإطروحات ماهو إلا هروب إلى الأمام،  ولخدمة إبعاد القطاع عن القضية الفلسطينية و ترك شعبنا في القدس و الضفة الغربية تحت رحمة الجرافات الإسرائيلية ، لا يمكن حل مشاكل القطاع إلا بالإتجاه نحو الشمال ، فمخطط إسرائيل والإدارة الأمريكية يسعى فعلا إلى تقسيم القضية و الشعب و الحديث عن دولة غزة المصطلح الذي إخترعته حماس ماهو إلا تساوق مع أهداف المحتل و مؤامراته  .

 كاتب مقيم في فلسطين