يثار وبشكل متواصل موضوع التحول إلى دولة تحت الاحتلال , خاصة بعد قرار ترامب إعتبار القدس عاصمة لإسرائيل و نقل السفارة إليها , وستتبعه مركز الليكود بقرار ضم الضفة الغربية , وكنت قد كتبت مقالا في الاسبوع الماضي حاولت في ان أعالج مسألة التحول إلى دولة تحت الإحتلال , وقلت عندها أن بنية السلطة الفلسطينية ووظيفتها , لم تعد تلائم مرحلة " ما بعد قرار ترامب و الرعاية الأمريكية " , وأن البحث عن خيارات إعادت تموضع الحالة الفلسطينية بات ضروريا , اثار المقال ردود فعل عند بعض الكتاب و الباحثين , وجرى نقاش و بشكل معمق , حول ماهية الدولة التي يراد الإعلان عنها , وكان هناك اكثر من وجهة نظر , ولكنني في هذا المقال , سأكتفي بوجهتي نظر , مع الأخذ بعين الإعتبار بأننا حصلنا على دولة مراقب في عام 2012 في الجمعية العامة للأمم المتحدة , و في 19 ديسمبر أصدرت الجمعية العامة على قرار يؤكد حق الفلسطينيين في تقرير المصير , وفي 21 ديسمبر 2017 تصدر الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا , يرفض أي إجراءات لتغيير الوضع في القدس , وهو مايعني رفض قرار ترامب , ولا ننسى بطبيعة الحال وثيقة الإستقلال التي أعلنها الراحل ياسر عرفات في المجلس الوطني في مدينة الجزائر عام 1988 .
وجهة النظر الأولى : تتحدث بأنها فعلا دولة تحت الإحتلال , إستنادا لقرارات الشرعية الدولية , وبالتالي وجود السلطة بهذا الشكل وبدورها الوظيفي الحالي , يعرقل هدفنا في التحرر , حل السلطة يجعل من إسرائيل الدولة المحتلة , أن تتحلل من مسؤولياتها إتجاه المناطق التي تحتلها وهي أراضي السلطة الفلسطينية الحالية , وبمعنى آخر إحتلال غير مكلف " إحتلال خمس نجوم " , ولإعادة تصويب الوضع كدولة تحت الإحتلال , يجب إلقاء " مفاتيح السلطة الوطنية " إحدى إفرازات أوسلو , في وجه الإحتلال , حتى يتحمل إدارة المناطق التي إحتلها عام 67 , وبعدها يفتح المجال للنضال ضد الإحتلال , و عنوان النضال التحرري هو الحرية و الإستقلال , بقيادة دولة فلسطين , والتي مرجعيتها القانونية و السياسية هي منظمة التحرير الفلسطينية , عندها يتم إنشاء حكومة فلسطين في المنفى . و تتلاقى وجهة النظر هذه بوجهة نظر أخرى تطالب بإعلان إستقلال فلسطين , وتشكيل حكومة منفى ....... إلخ .
وجهة النظر الثانية و التي أتبناها , بما أننا وبحسب القانون الدولي , دولة تحت الإحتلال , يصار إلى تحويل السلطة الحالية وبكل مؤسساتها و أملاكها و موظفيها , إلى دولة فلسطين , ومرجعية هذه الدولة هي منظمة التحرير الفلسطينية , بمجلسيها الوطني و المركزي , وهنا تقود دولة فلسطين , وهي على أرضها و فق المرجعيات الدولية , ذلك لأن أي تبديد وطمس للهوية الفلسطينية , ولمشاريع تصفية القضية الفلسطينية , كما قال : ستيف بنن مستشار الأمن القومي السابق في كتاب النار و الغضب . للصحفي الأمريكي الشهير مايكل وولف أن الحل المطروح هو إقليمي , الضفة للأردن و قطاع غزة تحت المسؤولية المصرية , ولمواجهة ذلك وجب على الفلسطينيين في هذه المرحلة , هو تمتين مؤسساتهم التي أنشأوها , و المحافظة عليها , لا أن تسلم للإدارة المدنية الإسرائيلية حسب وجهة النظر الأولى , وأن قضية القيام بإنتفاضة شعبية شاملة لايتعارض مع وجود الدولة الفلسطينية تعمل على أرض فلسطين , و إن بلورة مؤسساتنا الوطنية العاملة على ارض فلسطين هو مكسب لا ينبغي إهماله أو التقليل منه , ونحيل وجهة النظر الأولى إلى ماكتبه و بشئ من التفصيل الكاتب خليل الشقاقي في بحثه الهام و المعنون : بإمكانية ونتائج إنهيار السلطة الفلسطينية أو حل السلطة الفلسطينية و التداعيات السياسية لذلك
يخلص الكاتب في هذه الدراسة الهامة , بالقول أن إنهيار السلطة الفلسطينية أو حلها قد يوجهه ضربة مدوية لجهود الفلسطينيين الرامية لتوحيدد الضفة الغربية وقطاع غزة , و هذا يشكل أسوء الإحتمالات , إنهيار السلطة سيكون إنهيارا للقانون و اللنظام العام , إلى جانب تلاشي 3 مليارات دولار , إلى جانب أنه سيوجه ضربة للقطاع الخاص .
فإذا كان هناك قناعة لحل السلطة فماذا سيكون مصير قطاع غزة الواقع تحت سيطرة حركة حماس , التي إنتقلت من حكومة أمر واقع إلى قوة أمر واقع , أي إن قطاع غزة سيكون خارج حسابات إسرائيل , ممكن حينها لو تم حل السلطة أن تعلن حماس دولة في غزة , وهذا وارد وهناك حديث بهذا الشأن في الأوساط الحمساوية , وستحصل حماس على دعم لذلك , بالطبع بعد ان تهندس مواقفها السياسية , وفق مبدأ الضرورات تبيح المحذورات .
بالتاكيد هناك الكثر من المخاطر , و الحسابات السياسية و القانونية إزاء الإعلان على الدولة الفلسطينية في أرض فلسطين 67 , بحسب المرجعيات الدولية , هذه الخطوة من المفترض أن يتم التنسيق مع الدول الداعمة , للقضية الفلسطينية , والتي من الممكن أن تعترف بالدولة الفلسطينية , خاصة و أن الفترة الإنتقالية للسلطة الفلسطينية قد إنتهت منذ عام 1999 .
بدون أدنى شك أن هناك مخاطر , ستحدث فيما لو أعلنا في المجلس المركزي الذي سيعقد قريبا , بأننا دولة تحت الإحتلال , أولوها رد فعل إسرائيل وليس آخرها ردود الإدارة الأمريكية .
كاتب من فلسطين