كان عام 2017 ثقيلا على الفلسطينيين , لم يتم إنجاز المصالحة و وحدتهم كجماعة سياسية و احدة , بالرغم من المحاولات العديدة , خلق هذا واقعا مريرا عكس نفسه على كل المجالات , وكان قرار الرئيس ترامب بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل و نقل السفارة إليها , ذروة المأساة الفلسطينية , فالراعي الأمريكي غدر بالفلسطينيين , وقدم القدس هدية للإسرائيليين , في مشهد سيقف عنده الفلسطينيون طويلا , هذا القرار الأمريكي شجع نتياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية و رئيس حزب الليكود , على تبني قرارا بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية , على أن يصبح القرار ملزما لهيئات وممثلي الليكود في الكنيست وفي الحكومة وفي كل لجنة ومؤسسة ومنبر , ولم يقف القرار عند ذلك بل منع أي ليكودي في المستقبل , من الحديث عن حل الدولتين , هذا القرار تصعيد غير مسبوق وضرب واضح لحل الدولتين , ولكل قرارات الشرعية الدولية .
بدون أدنى شك أن الفلسطينيون يدخلون عام 2018 الذي سيكون بمثابة مرحلة جديدة , تختلف عن سابقتها كثيرا , عناوين المرحلة : أن هناك تغيرا جذريا في رؤية الإدارة الأمريكية إزاء الصراع العربي الإسرائيلي , من راعي لعملية سلام إلى تبنى كاملة للرؤية الإسرائيلية , و القائم على ركائز عدة لا للدولة الفلسطينية , و لا للقدس , ولا لعودة اللاجئين , أي أن الضفة الغربية و القدس الكبرى جزءا من إسرائيل , هذه الرؤية مدعومة بالراي العام الإسرائيل , الذي ينزاح بغالبيته إلى اليمين و اليمين المتطرف , إلى جانب أن قرار الرئيس ترامب حول القدس , مدعوما وبشكل كبير من قبل المجلسين النواب و الشيوخ , وبالتالي الرهان على التسوية بشكلها الحالي " رعاية أمريكية " ضرب من الجنون .
الحديث عن البحث عن رعاية غير الأمريكية , إستنادا لموقفها وقراراها من القدس , يحتاج إلى تدقيق , إن أي راعي لعملية السلام سواءا أوروبا أو الأمم المتحدة تحتاج إلى موافقة إسرائيل , الأمر الذي يحتاج جهدا و ضغوطا دولية هائلة على إسرائل للقبول بها , و بالطبع من غير المجدي المراهنة على هذه الضغوط , إذا نحن فعلا إزاء مرحلة جديد ة , مرحلة مابعد التسوية و الرعاية الأمريكية , الذهاب لمجلس الأمن و للجمعية العامة للأمم المتحدة , و الإنضمام لكافة الإتفاقيات و المعاهدات و المؤسسات الدولية , شيء هام يجب المحافظة عليه حتى تبقى القضية الفلسطينية حاضرة في العالم .
العالم تحكمه حسابات السياسة و المصالح , المعارضة الدولية للقرار الأمريكي شيء مهم أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة , ولكن مواقف الدول تتغير مع تغير المصالح و الحسابات , فعلى سبيل المثال لو أعدنا طرح عضوية فلسطين الكاملة في مجلس الأمن الدولي , ليس من المضمون أن تصوت معك كل دول الإتحاد الأوربي , التي صوتت معك ضد قرار ترامب حول القدس , بمعنى أكثر وضوحا , العالم يتعاطف مع الفلسطينيين , ولكن هذا التعاطف و التأييد , دائما خاضع لحسابات المصالح و السياسة .
و أمام هذا المشهد و التحديات , وجب على الفلسطينيين أن ينتقلوا هم أيضا إلى مرحلة نضالية جديدة , عنوانها الرئيسي التصدي لمخططات العدو الإسرائيلي و إفشالها , وفي مقدمة ذلك القدس العاصمة السياسية للفلسطينيين , وهذا يتطلب إنهاء الإنقسام , و إستعادة و حدة مؤسساتنا , و الإتفاق على برنامج سياسي واضح ومحدد لطبيعة المرحلة التي نمر فيها .
إذا أرادت إسرائيل و من خلفها الولايات المتحدة الأمريكية طمس الدولة الفلسطينية و إزالتها من قاموسها السياسي , وجب على الفلسطينيين إحداث عملية واسعة عنوانها التحول إلى دولة تحت الإحتلال , و نحن كذلك لأن قرارات الشرعية الدولية تحدد ذلك سواء قرارات مجلس الأمن , أوالجمعية العامة تقول ذلك صراحة , و العالم يتعامل مع الفلسطينيين على أساس ذلك , هذا يتطلب القيام بعملية واسعة , في تحول السلطة الفلسطينية وبكل مؤسساتها و أملاكها , إلى دولة تحت الإحتلال , وهذا يحتاج أيضا أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية قوية وفاعلة , عبر تطوير كل مؤسساتها , الفلسطينية بمجلسيها الوطني و المركزي , هذه العملية لها أبعادها السياسية و القانونية . أما بشأن ردود الفعل الإسرائيلية , فالحسابات لن تختلف كثيرا , فنحن في خضم معركة مفتوحة , على كل قرارات الشرعية الدولية , مستغلة بذلك حالة الوضع العربي المتهالك في حروبه .
نحن في خضم مرحلة جديدة بعدما خسرنا الكثير , بعدما حدث ما حث في المطقة العربية , و بعد الإنقسام , و الإقتتال كل هذا شجع إسرائيل على المضي في مخططات لتصفية القضة الفلسطينية , بداية من محاولات عزل قطاع غزة عن القضية الفلسطينية ولن تنهيها في القدس , نبدأ بإنهاء الإنقسام , و إستعادة وحدة مؤسساتنا وتحويل السلطة إلى دولة تحت الإحتلال حسب قرارات الشرعية الدولية و القدس عاصمتها .