عهد التميمي زهرة الياسمين تقاوم أغلال السجان بقلم الكاتبة نسرين الأطرش

الأربعاء 03 يناير 2018 11:05 ص / بتوقيت القدس +2GMT



عهد التميمي زهرة الياسمين تقاوم أغلال السجان

بقلم الكاتبة نسرين الأطرش

طفلة فلسطينية كالزهرة المتلألئة في البستان تتجاوز من العمر16 عاما, ذات ملاح اوروبية شقراء اللون ،وشعر أصفر متعرج ،زرقاء العينين كموج البحر، تمتلك براءة يلمسها كل شخص يجالسها، فالناظر لمثل هذه الطفلة في أي بلد عربي أو حتى أوروبي يذهب تفكيره  سريعاً  على انها مازالت طفلة  تلهو بدميتها تلعب مع جيرانها في الحي ترقص ،تحلم مع أخواتها كيف ترسم مستقبلها، تتنزه، تعيش مع عائلتها بكل دفء ومحبة، تعيش طفولتها بكل حب وحرية ،فحسب اتفاقيات الطفل مادة(1) أن الطفل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ، ولكن الأمر هنا في فلسطين وخاصة في مدينة القدس مختلف ،فالطفل الفلسطيني  في نهج ونظر  السياسة الإسرائيلية طفل مجرم إرهابي مخرب يجب أن يقمع.

فعهد التميمي طفلة اعتلقت خلال مواجهات في قريتها  وهي تطرد عنصرين من جنود الاحتلال من بيتها ، وهو أبسط ما يقوم به إنسان عادي يغتصب بيته من قبل العدو، فتعاملت هنا  التميمي على أساس أنها إرهابية تملك أسلحة فتاكة محرمة دولياً، يجب أن تعاقب على طردها للجنود . تحرم من طفولتها التي تقرها جميع القوانين والمواثق الدولية للطفولة ،و لو تخيلنا أن هذه الطفلة في بلد أخر غير فلسطين فماذا حصل؟ هل تعاملت بهذه الطريقة ؟ هل سجنت وعزلت واعتقلت عائلتها ؟ هل بقيت الدول العربية والدولية في سبات ؟ أم سرعان ما دعونا الى حق الطفولة والإنسانية والرحمة .

ولكن الاحتلال لم يرحم التميمي سجنها وصادر كافة الأجهزة الإلكترونية وكاميرات التصوير واجهزة الاتصال عدا عن قيام الجنود بالاعتداء بالضرب على جميع عائلتها وفتش المنزل وهذا ما وعد فيه زعيم البيت اليهودي ووزير التعليم اليهودي الاسرائيلي نفتالي بينت أنها " يجب ان تقضي سنواتها في السجن ولم يفلت احد من عائلتها من العقاب"، فهنا ضربت سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي بعرض الحائط حقوق الأطفال المحرومين من حريتهم وتعاملت معهم كمشروع مخربين تستخدم معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات والضغط عليهم, فيعاني الأطفال الفلسطينيون الاسرى والبالغ عددهم (  312 ) في السجون من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر للحد الادنى من المعايير الدولية لحقوق الاطفال وحقوق الأسرى, فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته وانعدام النظافة ونقص الملابس, وعدم وتوفير وسائل اللعب والترفيه والتسلية الأمر الذي يترك أثره على نفسيتهم لسنوات طويلة وقد يدفعه إلى التطرف .

وهذا ما حصل مع التميمي قدمت لها لائحة من الاتهام بتهمة مهاجمة ضابط وجندي , والقائها الحجارة والمشاركة في المواجهات وتحريض الاخرين على المشاركة فيها, وكأن الاحتلال يريد أن يوصل العبرة لغيرها من الشباب والفتيات بخطورة الأمر,ووضعت في غرف التحقيق والعزل خلال الأيام الماضية لمحاولة كسر إرادتها والتنكيل بها عدا كاميرات المراقبة التي تلاحقها في كل ثانية ، فعند النظر للأمر هنا نجد بشاعة وغطرسة الاحتلال الاسرائيلي وزرع الخوف في قلب طفلة بإحاطتها بكاميرات مراقبة وكأنها مجرمة  تلاحقها في مأكلها ومشربها وحتى ملبسها فهذا يجعلنا ان ندقق النظر الى هناك أسيرات محاطات بكاميرات مراقبة بكل دقيقة تمر عليهن فكيف لهن ممارسة يومهن من خلع ملبسهن، وقضاء حوائجهن، فهنا تجسد صورة كذب الاحتلال المدعي الإنسانية والقيم والأخلاق .

ولكن هذا يعطي القوة والصمود للعوائل الفلسطينية عكس ما يتصوره الاحتلال من زرع الخوف والتردد في المشاركة والدفاع عن حقهم وهذا ما دعي اليه والد التميمي "انه كأب لن يسمح لنفسه أن يرضخ لعواطفه ومشاعره وان يزرع الخوف في قلب صغيرته " فهذه رسالة كافية للاحتلال  ان ما يمارسه يزيد قوة وتمسك الأهالي الفلسطينية بحق اطفالهم المشاركة في التحرير.

فجنود الاحتلال لايفرق بين طفلة او امرأة او كبير السن وذلك ظهر جلياً من استهدافه المقعد "إبراهيم أبو ثريا"  الذي أصبح رمزاً للقوة والشجاعة بين الشباب من عمره , وهومن باب ردع الفلسطينيين بالقوة , فالاحتلال غير مدرك انه اعطي  للتميمي فرصة كبيرة من الظهور,فما فعلته لقى تغطية إعلامية بارزة  شاهدها العالم كله ووثق ظلم وكذب الاحتلال ,جعلها رمزاّ من الصمود رمزاً يحتذى به كل اطفال العالم من جيلها , ولكن امام العدو رمزاً يجب الحد منه وانهائه فهي بطلة برغم ما واجهته من الضغوطات العسكرية الا انها بدت متماسكة مشدودة القامة.

فلا ندري هذه الزهرة لمتى سوف تبقى قابعة في سجون الاحتلال لمتى هذه الزهرة ذات اليدين الناعمتين اللتان لا يتحملان بالكاد حمل الحجارة  امام الاحتلال المحاط بالمدرعات  سوف تبقى يديها مكبلتان بالحديد فماذا تمثل أمام الاحتلال وأمام العالم ، سوى طفلة بريئة تحلم باحتراف كرة القدم، والسباحة والسفر دون مضايقات، تحلم بحريتها كباقي أطفال العالم ، التميمي وغيرها كثر يعتقلن ويهانن في سجون الاحتلال الإسرائيلي فهما اليوم يضعن تحت المجهر الإسرائيلي.