دخلت غزة عامها الجديد وهي أكثر ألما ومعاناة ، تزداد معدلات الفقر والبطالة وتتفاقم أزماتها ، يستمر اغلاق المعابر ومنع الكهرباء ، وتتنوع مشاكل الصحة في تراجع نسب تحويلات المرضى وغياب الأدوية وغيرها، ويمنع جواز السفر عن الكثير ، تعاني من فقد السيولة المالية وركود التجارة، شركات تنهار وتجار يعلنون الافلاس وملاحقات الشرطة ، والمسؤول يتفرج بل يستلذ على آهات الناس ، إنه العار بعينه !!.
الموظفون الذين خدموا مليوني فلسطيني نحو 11 عاما يزجون بهم الى المجهول ، وهم الذين يفترض ان يلقوا كل التقدير والتكريم بعدما حفظوا البلد من الانهيار ومنعوا الفلتان الأمني ، وأوقفوا النعرات العائلية ، أغبط الموظفين في صبرهم على فئة تزعم أنها قيادة للشعب وتقوم بعقابهم على خدمة بلدهم ويتلاعبون بمصيرهم ومصير أطفالهم .
لم يكفهم ذلك بل انقضوا على الموظفين السابقين بخصم ثلث راتبهم واحالة جزء كبير منهم الى التقاعد المبكر والتهمة "أنت من غزة" ، فلاحقتهم الديون والبنوك ، وبينما زج ببعض هؤلاء في السجن لعدم وفائهم بالتزاماتهم وقروضهم ، يطرد موظفو غزة من منازلهم لعدم دفع الايجار ويبيع آخرون ما تبقي من أثاث منازلهم من أجل العيش ، يسيرون مسافات طويلة على أقدامهم ليصلوا الى أعمالهم ، والمسؤول لا يدرك أو يدرك أنه يحدث شرخا اجتماعيا خطيرا داخل المجتمع لا تجبره مصالحة ولا غيرها فتلك جروح من الصعب شفاؤها !! .
دفع رواتب الموظفين استحقاق وطني وأخلاقي وقيمي نص عليه اتفاق القاهرة ،وهو ليس منة من الحكومة أو غيرها ، واذا كان ثمن المصالحة برأي البعض تركيع غزة وتجويع أبنائها ، فلتذهب مصالحته إلى الجحيم .
انتظرت غزة كما باقي الأرض الفلسطينية المصالحة الوطنية علها تساعدها في تخطي الأزمات ، والحفاظ على الثوابت والحقوق وراية المقاومة ، لكنها قوبلت بالعقوق والطعن في الظهر ، وعاملوها وكأنها غير فلسطينية فهم الحق والشرعية والقيادة حتى أن أحدهم يريد منع الهواء عن غزة .. تصوروا هذا يقال بالصوت والصورة ، والآخرون بلعوا لسانهم بدلا من محاسبته !! .
المشهد السياسي والميداني ملتهب ، بيد أن الوضع الاقتصادي أكثر اشتعالا ، لا تقابل أحدا إلا ويشتكي ، الأوضاع أصبحت لا تطاق والخناق يزيد وينذر بكارثة تدمر كل شيء ، ولن تتوقف عند شريحة او جهة واحدة ، الانفجار قادم لا محالة اذا استمر هذا الوضع ، لا أعرف ماذا سيكون صاعق الانفجار ؟ لكن حقائق التاريخ وعلوم الاجتماع تقول أنه قادم حينها لن ينفع المجرمون اللوم أو البكاء !!.
يبدو أن أولئك القوم لا يعرفون غزة ولم يطلعوا على تاريخها ، ولم يدرسوا طبيعة أهلها ، تصبر كثيرا لكنها اذا غضبت وانتفضت .. يا ويل من ظلمها .
يقيني أن الله عز وجل لن يترك هذا البلد من رواد الفجر والمجاهدين في سبيله ، ويقيني أن غزة لن تموت بل ستلقي بمن يريد قتلها إلى جهنم وإن غدا لناظره قريب .