لا تمرر كتائب القسام فرصة الا وتذكر الأسرى الفلسطينيين أنهم على سلم اولوية وتفكير وعقل قيادة المقاومة، وأن قضيتهم متصدرة رأس هرم العمل المقاوم، كما تلفت في كل مرة انتباه الاحتلال والجمهور الصهيوني أن ما تمتلكه من أوراق قوة يجعل معادلة الافراج عن الاسرى مسألة وقت طال أو قصر ولا خيار آخر. وهذا ما قرأته بالطريقة الابداعية الجديدة عبر اللافتة التي نشرتها اليوم كتائب القسام على أهم المفترقات الرئيسية في مدينة غزة وتمثلت في صورة الجندي الاسرائيلي الأسير لديها شاؤول ارون، وقد علقت على رامزون السرايا وسط مدينة غزة، وأعتقد أن وحدة الظل بذاتها من اشرف على وضع اللافتة لإيصال رسائلها المعتادة لشعبنا اولا ولاهالي الاسرى الصهاينة ولعائلة شاؤول وهدار وللحكومة الاسرائيلية .
ويبدو أن عامل الزمن لا يصب في صالح الجندي الذي تمتلك وحدة الظل الاحتفاظ به سنوات بل عقود، وانه مهما طال الزمن او قصر فلن يتم الافراج عنه إلا من خلال عملية تبادل يتمكن فيها المعتقلين الفلسطينيين من تنسم حريتهم، كما سيتم ايضا إطلاق شؤول ومن معه في هذه الصفقة، لهذا مراهنة حكومة الاحتلال على الزمن مراهنة خاسرة قد تؤدي لضياع فرصة خروج الجنود الاسرائيليين وإعادتهم لاهاليهم، فالمقاومة غير متعجلة في عقد أي صفقة والسلام، فما يهمها ان يكون هناك ثمن يرضي أسرانا وأهاليهم، فالثمن هنا اهم من العامل الزمني، خصوصا بأن وحدة الظل لديها القدرة على الاحتفاظ بالأسرى ورعايتهم والاحتفاظ بهم سنوات وسنوات.
ومن المعروف أن المقاومة وكتائب القسام لم تدخر جهدا في التقدم خطوات من أجل صفقة مقبولة، ولم ترد أي باب يطرق وقد كان لقيادة القسام تحركات مع أطراف مختلفة وجميعنا تابع جولات القيادي في القسام مروان عيسى والذي شارك بفاعلية في عقد صفقة وفاء الأحرار ولديه خبرات متراكمة في هذا المجال.
إلا أن العقبة الحقيقية أمام تحرك عجلة الصفقة تتمثل في حسابات حكومة نتنياهو والتي قامت على التطرف والعنجهية والمزاودات الاعلامية، وهم فضلوا مواقعهم السياسية والوزارية وصورتهم في الاعلام الاسرائيلي على حياة جنودهم ومصيرهم الغامض، لذلك حتى اللحظة لا يوجد أي عرض إسرائيلي حقيقي للافراج عن شاؤول وهدار، وباعتقادي لو جاءت حكومة تحمل مسؤولية جنودها ستجد تعاطي أوسع وقدرة على انجاز صفقة كالتي حدثت ابان اسر الجندي جلعاد شاليط.
بت مقتنع بشكل واسع أن الاسير شاؤول على قيد الحياة، وأنه يأكل ويشرب ويتابع الأحداث، وربما يطلع على الإعلام الإسرائيلي ويقرأ الصحف، وربما احتفل اليوم في سجنه بيوم ميلاده وشاهد تحرك عائلته البسيط، وأتخيل أنه محبط الآن من تنكر عائلته وقلة حراكها وعدم بذل ما يمكن بذله لإخراجه، وقد يستحضر ما قامت به عائلة شاليط من فعاليات وحضور استطاعت من خلالها الافراج عن ابنها وتحويله لبطل ورمز اسرائيلي، وجعل قضيته رأي عام أقوى من تعنت الحكومة وحسابات وزرائها وإهمالهم.
لهذا جميع الادعاءات الاسرائيلية حول معرفة مصير جنودها ثبت أنها مضللة، لتُحجم وتقلل من دور عائلات الاسرى ومطالباتهم، فالصورة السرايا اليوم تحمل رسالة واضحة أنه حي وانه ينموا ويكبر وان قلادته تصدأ، وربما تتآكل في سجنه، طالما تعنت نتنياهو امام هذه القضية.
من المعروف أن المقاومة تمتلك استراتيجية واضحة في التعامل مع ملفات الأسرى الإسرائيليين، وباتت تقدر بشكل أقرب للدقة رد فعل الاحتلال، وعدم تعاطيها الا بمنطق الند وأن المعلومات لن تمنح مجانان دون دفع ثمن سيجبر أي حكومة بعد ذلك للتفكير بآلية أخرى لمعرفة مصير جنودها التي تركتهم في غزة وهربت، ويبقى الباب مفتوحا.