نيوز ون العبري : حماس و الوضع الراهن في قطاع غزة

كتب  يوني بن مناحيم  في " نيوز ون " العبري :-  مع مرور ذكرى عملية "الرصاص المصبوب" في قطاع غزة، التي تعتبر بمثابة جولة القتال الأولى أمام اسرائيل في 27 ديسمبر 2008، نشرت وزارة الداخلية الفلسطينية بغزة بيان رسمي أن قطاع غزة يعيش في وضع مستقر أمنيًا وأنه لن يُسمح بتغير الوضع مع ضرورة الحفاظ على الاستقرار رغم كل التحديات والتغيرات. 

وبالفعل، حماس تبذل اليوم جهدًا كبيرًا من أجل الحفاظ على الهدوء في القطاع بعد أغلقت عيونها طوال أسبوعين منذ اعلان الرئيس الامريكي ترامب القدس عاصمة إسرائيل وسمحت للتنظيمات المتمردة بإطلاق أكثر من 20 صاروخ نحو اسرائيل. الرسالة الاسرائيلية التي جاءت في رد عسكري وهجوم الجيش على اهداف تابعة لحماس ـفي قطاع غزة تم استيعابها، كذلك الضغط الذي مارسته مصر على حماس أدى لقيام حماس بكبح جماح التنظيمات المطلقة للنيران، وبالفعل تم ايقاف اطلاق الصواريخ.

حركة حماس غير معنية اطلاقًا بتصعيد أمام إسرائيل، ولو كانت معنية بذلك لكانت سمحت باستمرار اطلاق الصواريخ. قبل عدة أيام قال يحيى السنوار ذلك بصورة واضحة "حماس ليس لديها مصلحة بحرب، هناك قضايا حلها سيأتي من خلال المقاومة الشعبية أو العمل الدبلوماسي".

مسؤولون في حماس قالوا أن قضية وضع القدس هي الان القضية الأهم على جدول الاعمال الفلسطيني وغير مسموح حرف الانتباه عنها، التصعيد العسكري في القطاع وحرب جديدة ضد اسرائيل ستخدم مصالح اسرائيل وتُنسي قضية القدس لذلك فإن حماس لن تسير بهذا الاتجاه.

المرحلة القادمة من وجهة نظر حماس هي احباط "صفقة القرن" التي تخطط لها إدارة ترامب، حماس ترى بالاعلان الامريكي عن القدس عاصمة لاسرائيل فقط مرحلة أولى من خطة القضاء على المشكلة الفلسطينية و "خطوطها الحمراء".

في قطاع غزة نشأت حالة غريبة، السلطة الفلسطينية تلقت السيطرة على معابر الحدود ووزارات الحكومة لكن فعليًا حماس هي من تسيطر عليهم، عملية المصالحة ليست على ما يرام بسبب خلافات اساسية متعلقة ب 60 ألف موظف تابع لحماس ومسالة الأمن، محمود عباس يرفض إلغاء العقوبات ضد قطاع غزة وفي حماس ظهرت أصوات وبدأت تنادي بالعودة للوضع الذي كان قائمًا قبل اتفاق المصالحة.

مسؤول حماس عاطف عدوان قال هذا الاسبوع ان حركة تدرس مجددًا تشكيل لجنة خاصة لإدارة القطاع ، وهي التي تم تفكيكها من أجل المصالحة مع فتح. مصر تحاول ان تُحيي المصالحة من جديد، حيث أن الاستخبارات المصرية دعت للقاهرة مسؤول فتح عزام الاحمد المسؤول عن قضية المصالحة للتحدق عن أفكار لتوصل لحل لكن فرص التوصل لحل ضعيفة.

الوضع الانساني الصعب في غزة يجب أن يُقلق كل الأطراف، ويجب أن نضيف لذلك فقدان الامل والاحباط لدى سكان القطاع بشأن تحسن الوضع في أعقاب عدم تحقق المصالحة.

معبر رفح، المخرج البري الوحيد للعالم العربي، بقي مغلقًا، خلال عام 2017 فًتح فقط 20 يوم، السلطة الفلسطينية فعليصا سيطرت عليه لكن لا يوجد أي تحسن في فرصة خروج سكان قطاع غزة للخارج.

الانقسام بين فتح وحماس ما زال قائمًا، مشكلة الكهرباء، المياه، والبطالة، كلها مشاكل تتفاقم والقطاع يعيش حالة ركود اقتصادي في ظل العقوبات التي يفرضها محمود عباس. حماس تُلقي مسؤولية الوضع الانساني القاسي في القطاع على السلطة وعلى حكومة رامي الحمدلله.

والشعور بالحصار آخذ بالتزايد، حيث أن اسرائيل تعمل بجد لإنهاء الحاجز الأرضي الكبير الذي سيحيط قطاع غزة من أجل منع تسلل الأنفاق، الجيش طور بشكل كبير قدراته بشان اكتشاف الأنفاق، وحماس قلقة من أنها قد تخسر سلاحها الاستراتيجي، رغم كل ذلك إلا أن حفر الانفاق ما زال مستمر وكذلك انتاج الصواريخ.

2 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة في ظروف حياة صعبة وشعور بالاحباط، وهذا مكون أساسي للانفجار، قيادة حماس تشعر بذلك منذ نصف عام ولذلك وافقت على الشروط المسبقة لمحمود عباس لنقل مسؤولية الوضع الصعب في القطاع للسلطة.

ربما هي غير مستعدة للتنازل عن قوتها العسكرية، الان حين فهمت أن محمود عباس لن يسمح لها أن تطبق نموذج حزب الله في لبنان اتخذت خطوة للوراء من عملية المصالحة من أجل الحفاظ على سلاحها وعلى سيطرتها الامنية في القطاع.

المصالحة انهارت لكن رسميًا يواصل مسؤولو حماس التصريح حول الحاجة الملحة للمصالحة ويعتبرونها قرار استراتيجي من أجل اعطاء بصيص أمل لسكان القطاع.

قرار ترامب فيما يتعلق بالقدس جاء كعاصفة في يوم صافي بالنسبة لحماس، انها تُنسق مع ايران لطرق من أجل احباط "صفقة القرن" لكن في الوقت نفسه هي معنية بالحفاظ على الوضع الراهن في القطاع وعدم تصعيد الوضع الامني امام اسرائيل.

كذلك طبيعة العلاقات بين السلنطة الفلسطينية وإدارة ترامب قد تتغير، حسب مسؤولين في السلطة إن ادارة ترامب تحاول اقناع محمود عباس بطرق غير مباشرة لاستئناف الاتصالات السياسية رغم اعلان ترامب بشان القدس.

في حماس يقدرون أن الانفصال بين محمود عباس والادارة مؤقت فقط، وأن السلطة ليس لديها خيار آخر غير الاستمرار في أجندتها السياسية، لذلك لم يوقف محمود عباس التنسيق الأمني مع اسرائيل ولم يلغ اتفاق اوسلو، انه يُبقي كل الخيارات مفتوحة، حماس، تنتظر التطورات وتحرص على أن لا ترتكب أي أخطاء تخدم السلطة الفلسطينية واسرائيل مثل جولة قتال جديدة على الحدود الجنوبية.