شرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن فكرة إحياء الموتى. وفي هذا السياق، قرر العديد من الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة تجميد جثثهم بعد الموت على أمل عودتهم للحياة في المستقبل القريب أو البعيد. في المقابل، يرى آخرون أن هذا الأمر مخيف للغاية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن 3500 شخصا من كافة أنحاء العالم بادروا بدفع أموال لبعض مؤسسات إعادة الموتى للحياة بهدف تجميد جثثهم أو جثث حيواناتهم بعد الموت على أمل إحيائهم مرة أخرى. ولعل مؤسسة "ألكور" لإطالة الحياة ومعهد "كريونيكز" يعدان أهم مؤسستين غير ربحيتين متخصصتين في مجال إعادة الموتى للحياة في الولايات المتحدة الأمريكية. فضلا عن ذلك تضم روسيا مؤسسة تجارية متخصصة في هذا المجال.
وأكدت الصحيفة أنه في داخل مؤسسة "ألكور" لإطالة الحياة في صحراء أريزونا، توجد صناديق معدنية تضم 153 جثة مجمدة في النيتروجين السائل في انتظار المستقبل. ومن بين هاته الجثث، جثة رضيعة تايلاندية، تدعى ماثرين ناوفاراتبونغ، قرر والداها تجميد دماغها بعد وفاتها في الثانية من عمرها جراء إصابتها بسرطان الدماغ. وحيال هذا الشأن، أورد الطبيب، آرون درايك أن "تجميد الدماغ بعد الموت يعد تجربة علمية أبدية".
وأوضحت الصحيفة أن العديد من العائلات منخرطة في المؤسسات المختصة في إطالة الحياة. وفي هذا السياق، قالت الموظفة لدى مؤسسة ألكور لإطالة الحياة، ماريجي كليما، إن "مؤسستنا تضم عائلات يتراوح عدد أفرادها بين أربعة وخمسة أشخاص". من جهته، يستهدف معهد "كريونيكز" الرجال الذين لا تفوق أعمارهم 47 سنة.
وأضافت الصحيفة أنه وفي الوقت الراهن، تجذب مسألة تجميد الدماغ بعد الموت اهتمام الرجال البيض والأغنياء بشكل خاص، حيث يستثمرون مبلغا يتراوح بين 30 ألف و200 ألف دولار في الغرض. ولعل أكثر ما يثير الاهتمام أن هذه المسألة تسترعي انتباه شخصيات مشهورة على غرار مؤسس شركة باي بال، بيتر ثيل والمخترع الأمريكي، ريموند كرزويل. وعلى الرغم من أن تجميد الجثث ممنوع في ألمانيا، إلا أن هذا الأمر بات يثير اهتمام الكثير من الأشخاص.
وأوردت الصحيفة أنه ومباشرة بعد الموت السريري، يتم حفظ الجسم في المياه الباردة بهدف حماية الأنسجة الدماغية من التلف. وبعد نقل الجثة إلى مركز التجميد، يتم حقن بعض السوائل في الجسم. وطيلة أكثر من أسبوعين، يتم تجميد الجسم في درجة برودة تصل إلى 961 درجة تحت الصفر. عقب ذلك، يقع وضع الجثة في أسطوانة ضخمة مليئة بالنيتروجين السائل.
وتابعت الصحيفة أن مؤسسة "ألكور" لإطالة الحياة تقدم خدمة حفظ الأعصاب، حيث يتم فصل الرأس عن الجسد بهدف حفظ الدماغ في جمجمة واقية. وتجدر الإشارة إلى أن تجربة العودة إلى الحياة بعد الموت قد تنجح مع بعض الحيوانات على غرار الديدان الأسطوانية والنسور.
وأضافت الصحيفة أن مؤسسات تجميد الموتى تأمل في تطوير عملية إحياء الموتى بشكل أفضل بالاعتماد على تقنيات النانوتكنولوجي وطباعة الخلايا والأعضاء عن طريق التقنيات ثلاثية الأبعاد. بناء على ذلك، يمكن لروبوتات النانو إحياء الخلايا التالفة نتيجة التقدم في السن أو عملية التجميد أو بعض الأمراض على غرار السرطان.
وبينت الصحيفة أن نسبة العودة إلى الحياة بعد الموت ضئيلة للغاية. وفي هذا السياق، صرحت طالبة أمريكية تبلغ من العمر 23 سنة ومصابة بالسرطان، تدعى كيم سوزي لصالح صحيفة نيويورك تايمز، أنه "على الرغم من أن احتمال عودتي للحياة لا يتجاوز اثنين بالمائة، إلا أنني قررت جمع التبرعات بمعية صديقي لتجميد جثتي في حال فارقت الحياة".
وأفادت الصحيفة أن الأشخاص، الذين قرروا الحفاظ على أدمغتهم بعد وفاتهم، يرغبون في إحياء كل الجوانب في شخصيتهم وكل ما رسخ في أذهانهم من ذكريات. وفي هذا الصدد، أورد الباحث لدى جامعة برنستون، سيباستيان سوينغ، أن "الاتصال بين الخلايا العصبية يشكل شخصية الإنسان". وفي هذا الإطار، يعمل الباحثون لدى معهد "ماكس بلانك" لعلم الأعصاب في مارتنسريد على رسم خريطة الدماغ.
وفي الختام، أبرزت الصحيفة أن أبوي الرضيعة التايلاندية، ماثرين ناوفاراتبونغ، يأملان في رؤية ابنتهما من جديد في المستقبل القريب أو البعيد. وحيال هذا الشأن، أوردت والدة هذه الفتاة لفائدة صحيفة "ماذر بورد"، أنه "على الأقل، وضعنا جسد ابنتنا تحت تصرف البحث العلمي".