كفلت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل والوصول والتمتع بحياة كريمة، ولكن! غاب إلى حد كبير تطبيق وإعمال هذه القوانين مما أعاق تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم المشروعة.
من خلال التقرير التالي نوضح الإطار القانوني الناظم لحقي العمل والوصول بموجب القوانين الوطنية والاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
معيقات
الخبير في شؤون الإعاقة والتأهيل ” حسن أبو منصور”، ذكر المعيقات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل والوصول، المتمثلة في عدم موائمة المباني من منحدرات ومداخل وممرات وحمامات ووسائل مواصلات وإشارات توجيهية وأجهزة ناطقة؛ تسهل حياتهم.
وأشار إلى قلة مراكز التدريب المهني المتخصصة، التي تسهم في تخريج ذوي إعاقة مؤهلين للعمل والاندماج في المجتمع، منوهاً إلى ضرورة تطوير المواقع الالكترونية لتتواءم مع ذوي الإعاقة البصرية والسمعية، ليتمكنوا من الوصول لإعلانات الوظائف.
قوانين عاجزة
وأضاف منصور: “القوانين الوطنية عاجزة عن حماية ذوي الإعاقة، وتفتقر لنصوص عقابية تردع من يخالف تطبيق شروط العمل والموائمة”، معرباً عن استياءه من غياب الرقابة وعدم تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بذوي الإعاقة.
وطالب بإعادة تدريب وتأهيل المفتشين الميدانيين لوزارة الشؤون الاجتماعية، في مجال رصد الانتهاكات التي يتعرض لها ذوي الإعاقة، ليتمكنوا من القيام بدورهم في حمايتهم واتخاذ إجراءات عقابية في أصحاب العمل المخالفين.
البروتوكول الإختياري
وفيما يتعلق بتوقيع دولة فلسطين على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أكد الخبير منصور علي ضرورة اعتماد تعديلات جوهرية تعزز حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التأهيل والتدريب والعمل والوصول والتشغيل.
وأوضح بالقول: “تأخرت فلسطين في إصدار تقريرها الأول الذي يشرح واقع الأشخاص ذوي الإعاقة”، منتقداً عدم توقيع فلسطين على البرتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية، والذي يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة ومؤسساتهم والمؤسسات الحقوقية، محاسبة الدولة والأطراف التي تنتهك حقوقهم.
القانون الأساسي والخدمة المدنية
من جانبها تحدثت ” أميرة شعت” الناشطة الحقوقية لدي مركز الإنسان للديمقراطية والحقوق، عن القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 والذي نص في مادته (9) على أن ” الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا يميّز بينهم العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة”.
ونوهت إلى المادة (22/2) من القانون الأساسي التي تنص علي وجوب رعاية ذوي الإعاقة، وتكَفُل السلطة الفلسطينية بخدمات التعليم والتأمين الصحي والاجتماعي، لافتة إلى خلو القانون من مادة مخصصة تُمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من كافة الخدمات والمشاركة في مختلف مجالات الحياة.
وانتقدت الحقوقية شعت قانون الخدمة المدنية رقم 4 لسنة 1998، الذي اشترط خلو الموظف من الأمراض والعاهات البدنية والعقلية، وجعل الإعاقة سبباً لإنهاء خدمة الموظف، مما يضع العراقيل أمام توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة.
العمل وحقوق ذوي الإعاقة
فيما أشار الحقوقي بكر التركماني إلى نص المادة العاشرة من قانون حقوق المعوقين رقم 4 لسنة 1999، التى تلزم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية باستيعاب عدد من الأشخاص ذوي الاعاقة لا يقل عن (5%) مع جعل أماكن العمل مناسبة لاستخدامهم، منوهاً أن القانون شجع تشغيل الاشخاص ذوي الاعاقة في المؤسسات الخاصة من خلال خصم نسبة من مرتباتهم من ضريبة الدخل لتلك المؤسسات.
ولفت التركماني أن قانون العمل الفلسطيني رقم (4) لسنة 2000، توافق مع قانون حقوق المعوقين في ضمان حق ذوي الإعاقة في فرص عمل متكافئة في القطاعات غير الحكومية، ذاكراً نص المادة (13) الذي يلزم صاحب العمل بتشغيل عدد من العمال ذوي الإعاقة المؤهلين بما يتلاءم مع إعاقاتهم، بنسبة لا تقل عن 5% من حجم القوى العاملة في المنشأة.
ووضع التركماني ملاحظته على المادة (13) قائلاً ” تحمل في طياتها خطر التمييز ضد ذوي الإعاقة في مجال العمل، لأن معظم المؤسسات التشغيلية يقل عدد عمالها عن 20 موظفاً، وكان الأجدر أن تضاف فقرة تقضي بتوظيف شخص من ذوي الإعاقة واحد على الأقل في كل منشأة يزيد عدد العاملين فيها عن 5 أشخاص، أو رفع النسبة لتكون 10% بدلا من 5%”.
وختم بالقول “قانون حقوق المعوقين خلا من النص على عقوبات رادعة تفرض على كل من يخالف أحكامه، ولم يتوسع في النص على آليات إعمال هذا الحق على المستوى الوطني”.
انتهاك حقوقي
من جانبه يشير الباحث الحقوقي “محمد سرور” إلى غياب أجندة حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التأهيل والتشغيل عن الخطة الاستراتيجية للأعوام (2014-2016) لوزارة العمل الفلسطينية، مما زاد من معاناتهم في الحصول على فرص عمل دائمة.
ويلفت إلى أن التعامل مع ذوي الإعاقة يتم بعيداً عن المنظور الحقوقي، ليكرسهم كحالة إنسانية بحاجة للإغاثة والمساعدة، وبذلك ينتهك حقهم في العمل والوصول.
بموجب الاتفاقية الدولية
ويوضح أن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حددت في مادتها (26) حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التأهيل، بتوفير خدمات وبرامج شاملة للتأهيل وإعادة التأهيل وتعزيزها وتوسيع نطاقها.
ويذكر الباحث الحقوقي سرور حق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل بموجب المادة (27) من الاتفاقية الدولية، مؤكداً على اعتراف الدول الأطراف بحقهم في العمل كغيرهم، وإتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمامهم.
ويتطرق إلى المادة (9) من الاتفاقية الدولية التي تكفل إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، موضحاً بالقول ” لديهم الحق في الوصول إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات، بما في ذلك تكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصال”.
التكيف القانوني بعد المصادقة
ويشير سرور إلى أن مصادقة دولة فلسطين على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتاريخ الأول من نيسان/ أبريل من العام 2014، يفرض عليها جملة من الالتزامات القانونية التعاقدية.
ويضيف “على الدولة إعادة النظر في التدابير التشريعية الخاصة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التأهيل والتدريب والتشغيل والوصول، وفقاً للتعهدات الجديدة الناجمة عن الاتفاقية الدولية”.
ويؤكد الباحث الحقوقي سرور علي ضرورة إجراء التعديلات المطلوبة على الخطط الوطنية الاستراتيجية في ميدان العمل والتشغيل، وموائمة البيئة المحيطة، لافتاً إلى أهمية تخصيص موازنات مالية واضحة وبرامج تشغيل تستهدف ذوي الإعاقة.
وفي ختام حديثه طالب وزارة التنمية الاجتماعية إلى دعوة الأطراف غير الحكومية (كالأهلية والقطاع الخاص)، للتنسيق معها وتنفيذ برامج تعزز وتحمي حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل والوصول.
هذا التقرير ضمن مبادرة “العمل حق وليس منة” تنفيذ المنتدى الاجتماعي التنموي ضمن مشروع “تعزيز المشاركة المدنية والحوار الوطني من خلال الإعلام الفلسطيني المستقل” المنفذ من قبل الإنترنيوز، الممول من قبل مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية (ميبي).
محتوى هذا التقرير يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعكس وجهة نظر منفذ أو ممول المشروع.