خيارات الحاله الفلسطينية بعد قرار ترامب..محمد حجازي

الثلاثاء 19 ديسمبر 2017 01:51 م / بتوقيت القدس +2GMT
خيارات الحاله الفلسطينية بعد قرار ترامب..محمد حجازي



 

سألنا   أستاذنا  الكبير  غازي الصوراني  أبو جمال  " مفكر فلسطيني  " سؤالا مهما  برفقة أحد الأصدقاء وهو ماهي خيارات السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر بعد قرار الرئيس ترامب ؟؟ بإعتبار القدس عاصمة   " لدولة "  إسرائيل ,ونقل السفارة الأمريكية إليها , سؤال يبدو سهل لبعض  السياسيين الذين يسقطون رغباتهم في السياسية , ولكن في جوهر الأمر سؤال صعب وحساس لأن الإجابة عليه  تتطلب جرأة غير عادية    .  

 حسابات السياسة و المصالح في الإقليم  باتت تتحكم بالحالة الفلسطينية  ,  فالإدارة الأمريكية  لديها من القوة و التأثير على بعض العرب و غير العرب , بأن تجعلهم  يبدأون بالضغط على الرئيس أبو مازن للقبول بصيغة ما  تعيده إلى مسار التسوية السياسية و الرعاية الأمريكية , وقد تكون هناك إقتراحات على سبيل المثال ,  بان القرار الأمريكي يخص القدس الغربية  و لا يمس القدس الشرقية ذات الحساسية السياسية  و الدينية لدى المسيحيين و المسلمين الفلسطينيين و العرب على حد سواء , و بأن وضع القدس الشرقية ستحدده المفاوضات الإسرائيلية  - الفلسطينية  اللاحقة  و برعاية  أمريكية  .

هذا بالطبع إحدى السيناريوهات  المحتملة  , ذلك لأن هناك وجهة نظر لدى بعض السياسيين , أن الرئيس أبو مازن الذي راهن على التسوية و على الرعاية الأمريكية طيلة حياته  , لا يستطيع  الإستمرار بذلك القرار الذي إتخذه بعدم العودة للرعاية الأمريكية  , و رفضه لقاء الموفدين الامريكيين   إلى الأبد  ,  ولكن هذا  الخيار لايمكن  أن  يعطي الفلسطينيين ضمن  موازين القوى الحالية  أي شئ يخص القدس الشرقية  ,  حيث  تم  رفض ذلك في مؤتمر كامب  ديفد الثاني في 11 تموز  عام 2000    ,  

    فكيف الآن مع تحول إسرائيل إلى دولة إمبريالية  صغرى في المنطقة   يقودها إتلاف  حكومي هو الأشد تطرفا في تاريخها  ,  إلى جانب ضعف العرب  و هزالتهم في دعمهم للفلسطينيين , معادلة تبدو مستحيلة أمام الفلسطينيين , تؤشر بأن القضية الفلسطينية  ,  بدأت بالتموضع  في  مرحلة جديدة ,  " ما بعد الرهان على التسوية و على الراعي الأمريكي "  >

هذه المرحلة و حتى تبقى القضية الفلسطينية  حاضرة , وجب على الفلسطينيين تحقيق و حدتهم السياسية كجماعة سياسية واحدة لها برنامجها السياسي الواضح , و مؤسسات تستوعب الجميع , وقبل ذلك  , الإقرار و الإعتراف بأن الرهان على التسوية فشل بطريقة مروعة و أن حل الدولتين إبتعد كثيرا  , و من جهة أخري فشل أيضا برنامج حركة حماس  "  المقاومة  " ووصل إلى طريق مسدود , و أصبحت غزة محكومة بمعادلة الهدوء مقابل عدم التدمير ,  " لاحظوا كيف تغيرت المعادلة   "    , من  التهدئة مقابل فك  الحصار , و التهدئة مقابل الغذاء , إلى التهدئة مقابل عدم تدمير قطاع غزة , و هذه المعادلة يعززها  الوضع العربي الغارق بالفشل , بعد ضرب  دول المركز و إشغالها بمشاكلها الداخلية , "  سوريا و العراق و مصر " لصالح دول الأطراف السعودية  و غيرها .

في هذا الجانب وجب على الفلسطينيين إعادة تعريف وظيفة السلطة الفلسطينية  , حتى تكون جزءا من معركة الحرية و الإستقلال , و هي بخطر فيما لو شعرت إسرائيل  , بأنها باتت عبء على  مشروعها بتحويل الضفة إلى كانتونات معزولة  وفي هذا الإطار منحت  الجمعية العامة للامم المتحدة  فلسطين  , صفة دولة مراقب غير عضو في 29 نوفمبر2012 , و بهذا القرار الهام أصبحنا دولة تحت الإحتلال ,  و بعد فشل مسار التسوية و الرعاية الأمريكية وجب علينا أن نتصرف  , كدولة تحت الإحتلال , و أن نذهب إلى محكمة العدل الدولية , التابعة للأمم المتحدة و "  لقراراتها  صفة  الإلزام ,   تلجأ  إليها  الدول في حل  النزاعات الدولية  " , وعضوية المحكمة  من 15 عضو يجري إنتخابهم من الجمعية العامة و من مجلس الأمن لمدة تسع سنوات >

 أعتقد بأن  ذهابنا لهذه المحكمة  أجدى من محكمة الجنايات الدولية , التي تتحكم بها الدول العظمى و خاصة  الولايات المتحدة الأمريكية  , و الذهاب إلى محكمة العدل  , جزء من نضالاتنا على الصعيد الدولي , بمعنى أن نبدأ بفتح الصراع مع العدو الإسرائيلي  و أن تكون معركتنا  سياسية قانونية , تستند إلى نضالات جماهيرنا على الأرض و بشتى أشكال المواجهة و خاصة , العمل على تحضير  شعبنا  للذهاب إلى إنتفاضة شعبية شاملة , يكون عنوانها الحرية و الإستقلال , و أن تكون القضية الفلسطينية  , محور إهتمام العالم  و أن  نعيدها لتكون قضية العرب المركزية    .

لا يمكن تخيل القضية الفلسطينية , بعد قرار الرئيس ترامب  , و هي تراوح مكانها , عاجزة تماما , فبقاء الحال على ما هو علية يعد إنتحارا , لا بد من إنجاز إنهاء الإنقسام و قبل ذلك التوافق على برنامج سياسي ,  ينقلنا إلى مرحلة نضالية جديدة  ,  نحن  على أعتابها  وفي خضمها , مرحلة ما بعد فشل الرهان على التسوية و الرعاية الامريكية  .

كاتب مقيم في فلسطين