اكدت مصادر سياسية مطلعة، أن هناك اهتماما حقيقيا من الرئيس محمود عباس وحركة فتح، لحضور حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اجتماع المجلس المركزي، المقرر عقده في النصف الأول من الشهر المقبل، لتبني استراتيجية جديدة، في مواجهة قرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة، غير أن الحركتين، لم تبلورا بعد موقف نهائي من هذه المشاركة، التي ستكون بداية دخولهم الحقيقي في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد مسؤول فلسطيني مطلع لـ «القدس العربي»، أن الرئيس محمود عباس والمستوى القيادي الأول في منظمة التحرير واللجنة التنفيذية مهتمون بحضور حركتي حماس والجهاد الاجتماع المقبل للمجلس لمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأنه من أجل إنجاح هذه الخطوة، بعث برسالة مباشرة إلى إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، حملها عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، في زيارته الأخيرة لغزة، وجاءت بعد يوم واحد من اتخاذ الرئيس الأمريكي قراراته الجديدة تجاه القدس.
ويريد الرئيس عباس عقد اجتماع قريب للمجلس المركزي، من أجل إصدار جملة قرارات للرد على ترامب، تشكل في مجملها خطة التحرك السياسية المقبلة.
وحسب المعلومات، فإن الأحمد ناقش بشكل موسع خطورة قرارات ترامب على القضية الفلسطينية، وضرورة توحيد الموقف الفلسطيني في هذا التوقيت بالذات، لمواجهة هذه القرارات الخطيرة، حيث شهد البيان المشترك بعد اللقاء، اتفاق الطرفين على «مواجهة» قرارات ترامب، وبحث كذلك اللقاء الذي دام وقتها لأربع ساعات الخطوات التي سيتم اتخاذها على المستوى القيادي الوطني لبحث سبل التعامل مع القرار.
ومن المقرر أن توجه اليوم القيادة الفلسطينية بعد عقدها اجتماعا في مدينة رام الله، الدعوات لحركتي حماس والجهاد لحضور اجتماع المجلس المركزي، الذي لم يحدد مكان انعقاده حتى اللحظة، من حيث إن كان سيعقد في مدينة رام الله، أم في عاصمة عربية قريبة.
والمجلس المركزي هو حلقة الوصل ما بين اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني الفلسطيني، ويشكل من قيادات فلسطينية من المستوى القيادي الأول، تمثل كل أطر المنظمة ومكونات المجلس الوطني.
وعلمت «القدس العربي» أن حركة حماس، التي تلقت دعوة مبدئيا من خلال الأحمد قبل أكثر من عشرة أيام، لم تعط حتى اللحظة ردا نهائيا حول موقفها من المشاركة. وفي هذا السياق أكد الدكتور صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحماس، أن حركته ستدرس إمكانية المشاركة بـ «الكلمة» في المجلس المركزي لأنها ليست عضوا.
وأكد في تصريحات نقلتها وكالة «شهاب» المقربة من حماس، أن حركته تأمل في تفعيل وعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير كما تم الاتفاق عليه في لقاءات المصالحة، لافتا إلى أن هذا الإطار الذي يضم الأمناء العامين للفصائل هو «جزء من عملية إعادة صياغة المنظمة لتمثل الشعب الفلسطيني ليكون قادرا على اتخاذ القرار السياسي الملائم، الى حين انتخابات المجلس الوطني وإعادة بناء المنظمة».
وشدد على أن هذه المرحلة «خطيرة»، مضيفا « كان يفترض أن يعقد هذا الإطار لكن السلطة حتى الآن لم تقم بذلك»، وشدد على ضرورة اتخاذ المجلس «خطوات مهمة» مثل وقف التنسيق الأمني ومقاطعة الولايات المتحدة.
أما حركة الجهاد الإسلامي، فقد أكدت على لسان داوود شهاب رئيس المكتب الإعلامي لـ «القدس العربي»، أنها ستدرس الدعوة حال وجهت لها لحضور اجتماعات المجلس المركزي، ومن ثم تقرر موقفها النهائي. وأشار إلى أن حركته «ليست جزءا من المنظمة»، مؤكدا وقوفها «مع وحدة الشعب الفلسطيني على قاعدة مواجهة الاحتلال»، لافتا إلى ان الجهاد الإسلامي طالبت منذ إصدار ترامب قراراته الأخيرة «إلغاء اتفاق أوسلو، وشطب الاعتراف بالاحتلال، وإعلان فشل مشروع التسوية»، وشدد على ضرورة عقد «لقاء وطني» بهدف بناء استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال.
وفي السياق كان الأحمد قد أكد أن المجلس المركزي لمنظمة التحرير سينعقد قبل منتصف يناير/ كانون الثاني المقبل. وقال في تصريحات للإذاعة الفلسطينية، إن الرئيس عباس كلفه بلقاء رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، باعتبار أنه هو من يوجه الدعوات، مضيفا «جرى التوافق على أن يكون الموعد الملائم قبل منتصف الشهر المقبل».
وعبر المسؤول في حركة فتح عن أمله بأن يعقد المجلس المركزي بمشاركة الكل الفلسطيني، بما في ذلك حركتا حماس والجهاد الإسلامي، لافتا في الوقت ذاته أنه نقل في وقت سابق دعوة من الرئيس عباس لهنية، وأن الأخير وعد بأن يكون موقفهم «إيجابيًا» لجهة تحديد شكل المشاركة.
وأكد الأحمد أهمية أن يكون جميع الفلسطينيين شركاء في كل التحركات والقرارات التي يتم اتخاذها كما هم موحدون على الأرض في مجابهة الاحتلال. وأوضح أن الرئيس عباس لديه «الكثير من الأسلحة» ليقدمها خلال اجتماع القيادة المرتقب، مؤكدا أنه ستكون هناك «خطوات عملية لمواجهة الخطر الذي بدأ يداهم عاصمة دولة فلسطين، القدس، والقضية الفلسطينية برمتها».
يشار إلى أن هناك صيغا سابقة طرحت لمشاركة حماس في اجتماعات المركزي، بدون إعلان دخولها رسميا في منظمة التحرير الفلسطينية، التي لا يزال ملفها يدرس في إطار حوارات المصالحة، وذلك من خلال دفع الحركة برئاسة المجلس التشريعي ورؤساء اللجان في المجلس، وفق آخر انتخابات أجريت، وهو ما سيعطي الحركة تمثيلا يصل إلى نحو عشر أعضاء، على أن يترك أمر تحديد نسبة الحركة في أطر المنظمة لمرحلة لاحقة.
ومن شأن مشاركة حماس والجهاد أن تؤسس لمرحلة جديدة تنهي الخلاف حول دخول الحركتين المنظمة، والاتفاق فلسطينيا على «برنامج سياسي موحد» للمرحلة المقبلة، في ظل التوافق الكبير بين جميع الأطراف الفلسطينية وخاصة فتح وحماس سياسيا في هذه المرحلة.
وشهدت تصريحات قادة فتح وحماس تناغما كبيرة، بإعلان رفض المفاوضات وعملية السلام التي ترعاها الإدارة الأمريكية، والتوافق على الفعاليات الاحتجاجية الشعبية لمواجهة القرارات الأمريكية الأخيرة، ورفض فتح استقبال نائب الرئيس الأمريكي.
وكان الرئيس عباس قال في كلمته في مؤتمر القمة الإسلامي الذي انعقد في مدينة اسطنبول التركية قبل أيام، إن الولايات المتحدة اختارت أن تفقد أهليتها كوسيط، وأن لا يكون لها دور في العملية السياسية، مؤكدا أن قرارات ترامب التي وصفها بـ «الخطوات الأحادية» لن تعطي أية شرعية لإسرائيل في القدس.
وعقب ذلك أعلن هنية في خطابه في مهرجان انطلاقة حماس في غزة الخميس الماضي، إنه لا يمكن لأي قوى عظمى أو صغرى أن تمنح القدس للمحتل، مضيفا «لا وجود لشي اسمه دولة إسرائيل لتكون له عاصمة اسمها القدس».
وكانت حركة فتح قد شاركت في مهرجان انطلاقة حماس، بوفد قيادي رفيع، على رأسه مسؤول الحركة في القطاع أحمد حلس، الذي يشغل منصب عضو لجنة مركزية، وشرعت الحركتان منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بتطبيق بنود اتفاق المصالحة، التي تشمل تشكيل حكومة وحدة وطنية في مرحلة لاحقة، وإجراء الانتخابات العامة، والتوافق على برنامج سياسي مشترك.