ماذا ترسم إسرائيل لمستقبل غزة ؟

الجمعة 15 ديسمبر 2017 02:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا ترسم إسرائيل لمستقبل غزة ؟



ترجمة اطلس للدراسات

أثمر مطبخ صناعة القرار الإسرائيلي في المؤسستيْن العسكرية والأمنية نهاية شهر نوفمبر المنصرم عن توصيات بتبني خطة مارشال في قطاع غزة للتخفيف من حدة التدهور الاقتصادي في القطاع كي لا تصل الأمور فيه إلى حد الانفجار وصعود تيارات اسلامية أكثر تطرفًا من حركة حماس.

عبر السطور الآتية نتناول ترجمة من العبرية لأحد الأصوات المعارضة لهذا التوجه، وهي "تقدير موقف" موجه لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من قبل البروفيسور افرايم عنبر، رئيس معهد يورشالايم للأبحاث الاستراتيجية، وهو يؤشر على جانب من التفكير الإسرائيلي لمصير قطاع غزة، وهو في ذات الوقت يطرح الكثير من التساؤلات المتعلقة برسم مصير ومسار الأوضاع المستقبلية لقطاع غزة، حتى ولو نجح الفلسطينيون في تحقيق كامل بنود المصالحة الداخلية.

وإليكم الترجمة:

تتعالى أصوات في الجيش الإسرائيلي ومن خارجه بصدد التوصية بتبني مبادرة مارشال التي تنص على تقديم مساعدات دولية واسعة النطاق لقطاع غزة، لمنع التدهور الاقتصادي هناك، خشية إنهاء حالة الهدوء في القطاع، والذي سيقود في المستقبل إلى صعود جهات أكثر تطرفًا من حركة حماس إلى سدة الحكم. ومن الدواعي الأخرى لتحسين الظروف الاقتصادية هو تراجع النشاطات الإرهابية ضد إسرائيل.

والحقيقة أن هذه الخطة هي مبادرة خرقاء للأسباب الآتية:

1. الافتراضية القائلة بأن الفقر يُصدر الإرهاب هي أسطورة ليبرالية تجافي الحقيقة، فليس هناك أي رابط بين مستوى الحياة وبين العنف السياسي والإرهاب. فدول فقيرة (كالهند مثلًا) لا تعاني من الإرهاب أكثر من دول أكثر غنىً منها، فمسار الإرهاب الفلسطيني الذي بدأ في العام 2000 حدث في الوقت الذي كان فيه الوضع الاقتصادي للمجتمع الفلسطيني في أوجه.

2. الاعتقاد بأن الرفاه الاقتصادي لسكان قطاع غزة من شأنه المساهمة في اعتدال الذراع العسكرية لحركة حماس هو سذاجة لا يمكن غفرانها، لأن أصحاب البنادق هم من يقررون، والمستبدون في الشرق الأوسط لا يترددون في إطلاق النار على مناهضيهم السياسيين.

3. المساعدة الاقتصادية الكبيرة لغزة اليوم يمكن تفسيرها بأنها دعم لعدو قاسٍ، عاقد العزم على تدمير دولة إسرائيل، فهل حاول الغرب مرة منح مساعدات اقتصادية لدول الخلافات الإسلامية التابعة لـ "داعش" من أجل منع تطرف أكبر من ذلك؟ يجب أن يتركز القلق الإسرائيلي في ألا تكون إجراءاتها سببًا في صمود حماس، ولكي تتغلب إسرائيل على الإسلام المتطرف عليها أن تجعل قدرًا كافيًا من المسلمين يدركون أن النسخة المتطرفة من أبناء جلدتهم ستتسبب لهم بدرجة كبيرة من المعاناة.

 4. أن تكون حماس ضعيفة فذلك مصلحة لإسرائيل، هذا بالضبط ما تريده مصر، وكذلك السلطة الفلسطينية؛ فحماس لم يعد لديها القدرة الكافية للسيطرة على السلطة الفلسطينية، لأنها أُضعفت وهي حساسة كثيرًا للضغوطات المصرية في الوقت الذي تعاني فيه من تقلص المساعدات التي تتلقها من جهات اسلامية، وجهود الجيش المصري في ملاحقة الإرهابين في سيناء.

5. كل تقوية لسلطة حماس ستكون على حساب السلطة الفلسطينية، وغم أن كلتا الجهتين ليست شريكة حقيقية للولوج في المسيرة السلمية؛ إلا أن السلطة الفلسطينية أقل عدوانية من حماس، وهي في نهاية الأمر مريحة أكثر في إدارة الصراع.

6-  إن الصراع المدار من قبل اسرائيل ضد التطلعات الإيرانية في السيطرة - المشكلة الاستراتيجية الأساسية - ستضر بالجهود الإسرائيلية لمساعدة سلطة حماس، لأن حركة حماس تتعاون مع إيران، فيما مصر والمملكة العربية السعودية التي تعتبر عاصمة المعسكر السني المعتدل تمقتان حركة حماس والإخوان المسلمين، وهذه الدول تخشى أيضًا من تنامي التأثير الإيراني في المنطقة؛ لذلك فإن المساعدة الإسرائيلية لغزة تحت سيطرة حماس ليست هي الخيار الصحيح لتمتين العلاقات مع الدول السنية المعتدلة من أجل الوقوف في وجه إيران، والحقيقة أن المساعدة لإسرائيلية لحماس ستقوي معسكر الإسلام المتطرف الذي تعتبر إيران جزءًا منه.

في النهاية، سيدي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خطة مارشال لغزة هي فكرة سيئة ومضرة، وعلى إسرائيل التعامل مع الفلسطينيين في غزة وفق (مبدأ العصا والجزرة) التي نجحت على مدار سنوات طويلة، فخطة مارشال ليس الطريقة المثالية للسير عليها لأن معادلة ناعمة، لكنها معقدة ويلفها عدم الثقة، واسرائيل غير معنية بأزمة إنسانية في غزة (وهي تخوفات مبالغ فيها)، ولكن اقتراح مبادرة مارشال لأهل غزة ستقضي بالتأكيد على التوازن الدقيق بين سياسية العقوبات التي تسبب بها أصحاب التصرفات السيئة وبين سياسية التشجيع لأولئك أصحاب التصرفات التي لا تضر بإسرائيل.