لطالما حذرت وزارة الخارجية والمغتربين من المخاطر الجدية التي تتهدد حل الدولتين كمرجعية دولية لعملية السلام، تلك المخاطر الناتجة بالاساس عن التغول الاستيطاني وعمليات مصادرة الاراضي والتهويد التي تتعرض لها ارض دولة فلسطين على مرأى ومسمع من العالم أجمع، ومن أجل ذلك بذلت الوزارة جهداً دبلوماسياً واسع النطاق على المستوى الثنائي وعلى المستوى متعدد الأطراف، لتحذير المجتمع الدولي من تلك المخاطر، سواء من خلال اللقاءات المتواصلة التي يجريها وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي مع نظرائه في العالم، او من خلال المؤتمرات والمنتديات باشكالها كافة، أو عبر القنوات الدبلوماسية المعتمدة بما فيها الرسائل المتبادلة مع العالم أجمع. في هذا الاطار حذرت الوزارة ايضاً من خطورة الصمت الدولي على عمليات تعميق الاستيطان والتهويد في الأرض الفلسطينية المحتلة تارةً، ومخاطر اكتفاء المجتمع الدولي والدول ببيانات الادانة والاستنكار وصيغ التعبير عن القلق والمخاوف على حل الدولتين، وإكتفاء المجالس والمنظمات والجمعيات الاممية المختصة بقرارات اممية لا تنفذ، تارةً أخرى.
لقد جاء اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب في ظل هذا الواقع الاممي والدولي الهزيل ليشكل تحدياً وإختباراً جدياً لقدرة الامم المتحدة والمجتمع الدولي، في تحمل مسؤولياتها القانونية والاخلاقية اتجاه الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال، واتجاه حل الصراع في الشرق الاوسط بالطرق السلمية، وعلى أسس طرحها وتبناها المجتمع الدولي نفسه، ولا زال يدعي التمسك بها والدفاع عنها، وفي مقدمتها مبدأ الأرض مقابل السلام ومبدأ حل الدولتين .
تؤكد الوزارة أن عدم محاسبة إسرائيل كقوة احتلال على إنتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، وعمليات تعميق الاستيطان التي تعتبر جريمة حقيقية وفقاً للقانون الدولي واتفاقيات جنيف، وان عدم جدية المجتمع الدولي في الدفاع عن حل الدولتين وعجزه عن تنفيذه، شجع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وحلفائها على التمادي في اجرءاتها الميدانية الساعية لازاحة حل الدولتين عن طاولة اية مفاوضات قادمة. وللاسف تلاحظ الوزارة وحتى بعد اعلان الرئيس ترامب، أن المجتمع الدولي يتجه الى الإكتفاء بتكرار الصيغ القديمة من الادانات والاستنكارات والرفض، علماً بانها اثبتت فشلها عبر عشرات السنين في فرض الارادة الدولية ومرجعياتها على الإحتلال. وعليه تطالب الوزارة المجتمع الدولي والدول كافة باتخاذ قرارات وإجراءات دولية تنفذ للحفاظ على مبدأ حل الدولتين، وقادرة على ردع الحكومة الاسرائلية ووقف تمردها على المجتمع الدولي وشرعياته. ان قبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الامم المتحدة، وإقدام الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين على الاعتراف بها، يكتسي أهمية خاصة في هذه المرحلة بالذات. وهنا يتمثل الاختبار الحقيقي لقدرة المجتمع الدولي في مدى رغبته وقدرته على انتزاع اعتراف الحكومة الاسرائيلية بدولة فلسطين على اساس حل الدولتين.