عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة، بدعوة من ثماني دول، لبحث قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاعتراف بشكل أحادي بمدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وعبرت الأمم المتحدة، خلال الجلسة، عن "القلق البالغ إزاء مخاطر تصاعد العنف" إثر قرار الرئيس ترامب الاعتراف بشكل أحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، خلال الجلسة، في كلمة عبر الفيديو من القدس إنه تم إعلان "ثلاثة أيام غضب" من "السادس إلى التاسع من كانون الأول/ديسمبر"، محذرا من مخاطر "تطرف ديني"، وداعيا قادة العالم إلى "ابداء الحكمة" لإعادة الهدوء إلى المنطقة.
وأكد المسؤول الأممي أن "القدس هي القضية الأشد تعقيدا" في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيرا إلى أن القدس تمثل "رمزا" للديانات الاسلامية والمسيحية واليهودية. وشدد أن "التفاوض بين الطرفين" هو الوسيلة لتقرير مصير المدينة المقدسة.
وطلبت اجتماع الجلسة الطارئة لمجلس الامن مصر والسنغال والاورغواي وبوليفيا والسويد وفرنسا وايطاليا والمملكة المتحدة.
من جهته قال المندوب الدائم لدولة فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور، إن القرار الأميركي أدى لتوترات في المنطقة وسيقود لتداعيات خطيرة، حيث إن اسرائيل تبتهج بالقرار ما يؤكد أنه جاء بتحريض منها، فبدلا من الالتزام بقرارات مجلس الأمن فإنهم يستمرون بارتكاب الجرائم وإقناع قادة العالم بأنهم على حق، ويواصلون تدمير حل الدولتين وتغيير الوضع القانوني في القدس والوضع السكاني فيها.
وأعرب عن الرفض الفلسطيني للحصانة التي أعطيت لإسرائيل، وعدم محاسبتها ومطالبتها بتطبيق القانون الدولي، وبالتالي مواصلتها ارتكاب الجرائم حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، كما أن هذا الدعم الأميركي لإسرائيل يقوض دورها في المنطقة.
وبين أنه لا يوجد دولة في العالم اعترفت بسيادة اسرائيل على القدس، وأن مصير القدس يتحدد من خلال المفاوضات، حيث تبقى القدس الشرقية أرضا محتلة منذ عام 1967، وتبقى جزءا من الأراضي المحتلة في ذلك العام.
واستذكر القرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن تحديدا، حول القدس، ومنها قرار المجلس رقم 478 الصادر في 20/8/1980 والذي نص على عدم الاعتراف بالقانون الإسرائيلي بضم القدس، ودعا الدول الأعضاء إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة، والقرار رقم 2253 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1967، والذي نص على دعوة دولة الاحتلال إلغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس، وقرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في 23/12/2016، وهو من أبرز القرارات التي تدين الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وأكد عدم شرعية المستوطنات والوقف الفوري لكافة الأنشطة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن أي تغييرات على حدود عام 1967 لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين.
وقال إنه يجب على المجلس التأكيد الواضح على موقفه من القدس ومعارضة أي انتهاك من قبل أي دولة، لأن قرارات المجلس هي مفتاح السلام، والرسائل السلبية ضد هذا التصرف غير المسؤول، وإن على المجلس الامتناع عما من شأنه أن يؤدي لتحسس ديني وينقل الصراع إلى صراع ديني، واستنكار القرار الأميركي وأن يبذل الجهود لحل الصراع، والعمل لتنفيذ قراراته، وتطبيق ميثاق المجلس.
كما دعا الولايات المتحدة لإلغاء القرار وتصحيح المسار، من أجل إنقاذ آفاق الحل السلمي بما يضمن الازدهار للفلسطينيين والإسرائيليين.
وذكّر المندوب السويدي اولوف سكوغ، بالقرار 2334 الذي اعتمد في 23 كانون الأول/ديسمبر 2016، والذي يؤكد أن مجلس الأمن الدولي "لن يعترف باي تغيير في حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 بما يشمل القدس، الا اذا اتفق الطرفان عبر مفاوضات".
وقال مندوب مصر في مجلس الأمن عمر أبو العطا، عن القرار الأميركي تسبب بالقلق لشعوب العالم، والتخوف من عواقب وآثار القرارات الأحادية التي تخالف القانون الدولي، وتهدد منظومة العلاقات السياسية.
وأضاف، أن ما نحن بصدده اليوم هو اختبار لتك المنظومة واختبار لسيادة القانون، ولن يتحقق النجاح في هذا الصدد إلا من خلال العمل الجماعي في إطار الشرعية الدولية.
وقال إن المنطق الوحيد والحقيقة الثابتة الوحيدة، في التعامل مع القدس الشريف في إطار القضية الفلسطينية، هو هذا المنطق وتلك الحقيقة التي انعكست في القانون الدولي المتمثل في قرارات الأمم المتحدة لا سيما قرارات مجلسكم، والتي رفضت بما لا يدع مجالاً للشك احتلال القدس، واعتبر ما سمي "بالقانون الأساسي" الذى فرضته إسرائيل انتهاكاً للقانون الدولي، ولا يغير من الوضع القانوني للمدينة، ولا يؤثر على انطباق اتفاقية جنيف المعنية بحماية المدنيين في وقت الحرب على القدس الشريف.
وأعرب ممثل مصر، عن قلقه البالغ من التداعيات المحتملة لهذا القرار على استقرار المنطقة، لما ينطوي عليه من تأجيج مشاعر الشعوب العربية والإسلامية نظراً للمكانة الروحية والثقافية والتاريخية الكبيرة لمدينة القدس، فضلا عن تأثيراته السلبية للغاية على مستقبل عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي تأسست مرجعياتها على اعتبار أن مدينة القدس تعد أحد قضايا الوضع النهائي التي سيتحدد مصيرها من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية.
وجدد تأكيده أن وضع القدس الذي حددته قرارات مجلس الأمن كمدينة محتلة لم يتغير، ولن يتغير، إلا إذا اتفقت الأطراف على ذلك من خلال المفاوضات. ودعا أجهزة الأمم المتحدة إلى التعامل مع التحديات الناشئة بالقضية الفلسطينية بالأسلوب الذى يحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف.
وأكد مندوبو الدول الأعضاء في مجلس الأمن، إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وبوليفيا والأورغواي والسنغال والصين وإثيوبيا وكازخستان وروسيا، رفضهم للقرار الأحادي الجانب الصادر عن الإدارة الأميركية، كونه يخالف قرارات الشرعية الدولية، ودعوا إلى احترام هذه القوانين، والوضع الراهن في مدينة القدس.
وشددوا أن هذا القرار من شأنه أن يغذي العنف في المنطقة، داعين جميع الأطراف لضبط النفس وعدم القيام بأي خطوات من شأنها تغيير الوضع في المدينة، مثمنين أيضا دور المملكة الاردنية الهاشمية في حماية المقدسات في المدينة المقدسة.
وأكدوا أن بلادهم تعارض الخطوة الأميركية وستبقي على سفارات بلادها في تل أبيب، ولم يكن بحاجة لمثل هذه القرارات التي تؤثر على الأمن في المنطقة والعالم، وأن على الجميع العمل للحد من آثار هذا القرار وإعادة الطرفين لطاولة المفاوضات.
يتبع ...