دعا مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء، في مدينة رام الله برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، جماهير شعبنا بكافة مكوناته وأطيافه وفي كافة أماكن تواجده، إلى التعبير عن رفضها للتوجهات الأميركية الخطيرة بنقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المحتلة، أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والالتفاف حول القيادة الشرعية لشعبنا وتعزيز وحدتنا الوطنية وتحصين جبهتنا الداخلية.
وشدد المجلس على أن أبناء شعبنا الذين وقفوا بكل إباء وشموخ خلال هبة القدس الأخيرة، وسجلوا أروع نماذج الصمود والتضحية والفداء، سيقفون أمام أي محاولة للمساس بالمدينة المقدسة وتهويدها وتغيير معالمها وهويتها الثقافية والحضارية العربية الإسلامية الخالدة، وأكد المجلس أن نقل السفارة الاميركية إلى القدس المحتلة او الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يهدد السلام والامن في منطقتنا والعالم.
ودعا المجلس، جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي عشية اجتماعاتهما المقررة، إلى تحرك عربي وإسلامي جاد تجاه المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها المدينة المقدسة، والترفع عن البيانات والانتقال إلى الفعل الحازم لحماية القدس مدينة وشعبا ومقدسات، وإلى تحمل مسؤوليتها السياسية والتاريخية تجاه القدس بالإسراع في تنفيذ جميع قرارات القمم العربية والإسلامية السابقة في سرت والدوحة وطهران، والإيفاء بتعهداتها والتزاماتها وتقديم الدعم لمدينة القدس وسكانها ودعم صمودهم ومؤازرتهم، للحفاظ على هوية المدينة المقدسة العربية والإسلامية وتراثها الديني والثقافي والحضاري والإنساني.
وأكد المجلس أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والإقرار بحقوقنا الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية بالاستناد إلى الشرعية الدولية وقراراتها، هو الحل الوحيد الذي يحقق آمال شعبنا بالحرية والاستقلال والعيش بكرامة وأمن واستقرار، ويضمن لجميع شعوب المنطقة العيش بأمن وسلام. وشدد أن على الإدارة الأميركية ممارسة دورها بنزاهة وحيادية، إذا ما أرادت الاستمرار في جهودها لدفع المسيرة السلمية، وأن الخطوة الأميركية في حال حدوثها، هي إقرار من الإدارة الأميركية بتخليها عن دورها لاستئناف العملية السياسية، وتتنافى تماما مع التعهد الذي قطعه الرئيس الأميركي خلال حملته الانتخابية، بإزالة العقبات وبذل الجهود لإنجاز صفقة تاريخية تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتتناقض مع إعلان الرئيس الأميركي عن جديته في حل هذا الصراع، كما تمثل تشجيعا لإسرائيل لتصعيد جرائمها بحق شعبنا، وانتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولاستمرار صلفها وغرورها ودفعها إلى المزيد من تعنتها وتحديها للمجتمع الدولي والإرادة الدولية وعدم التزامها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن الدولي 2334 الذي ألزم الحكومة الإسرائيلية بوقف استيطانها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإلى استمرار رفضها الإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، وتمكين شعبنا الفلسطيني من نيل حريته وحقوقه، وتجسيد سيادته واستقلاله وإقامة دولته على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من أرضهم وديارهم بالقوة والإرهاب، وإطلاق سراح أسرانا البواسل الذين يتعرضون لأبشع أشكال الظلم والقهر والتعذيب والتنكيل في السجون والمعتقلات الإسرائيلية.
وحذّر المجلس من تداعيات استمرار اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك والصعود إلى صحن مسجد قبة الصخرة المشرفة لأول مرة، والتجول في أرجائه بحراسة من قوات الاحتلال الاسرائيلي. ووصف المجلس إصرار الحكومة الإسرائيلية على تشجيع هذه الاقتحامات بأنه مخطط مدروس من قبل شرطة الاحتلال لتأجيج الأوضاع التي توفر الغطاء والحماية للمستوطنين المتطرفين في التوغل وتدنيس ساحات الأقصى.
كما حذّر من خطورة الدعوات العنصرية المتواصلة من "منظمات الهيكل" المزعوم لأنصارها بتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الاقصى والمشاركة في تنفيذ شعائر تلمودية وتقديم القرابين في باحاته، واعتبر أن مواصلة حكومة الاحتلال الإسرائيلي لهذه الانتهاكات والتحديات الصارخة وارتفاع وتيرتها واستهداف المسجد الأقصى، هو بمثابة دعوة وتحذير للمجتمع الدولي، وأطره القانونية، خاصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومنظمة التعاون الإسلامي، ولجنة القدس، للتحرك العاجل للجم السياسة الإرهابية للاحتلال الإسرائيلي الممارس بحق قبلة المسلمين الأولى، خاصة أن هذه الانتهاكات تترافق مع ما يدور من حديث عن اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس مدينة موحدة بالسيادة الإسرائيلية.
وفي سياقٍ آخر، رحب المجلس باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، خمسة قرارات تتعلق بفلسطين، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والقرارات هي: تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية، القدس، البرنامج الإعلامي الخاص الذي تضطلع به إدارة شؤون الإعلام بالأمانة العامة بشأن قضية فلسطين، اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شعبة حقوق الفلسطينيين بالأمانة العامة، بالإضافة إلى تركيز الجمعية العامة في قراراتها على إدانة الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني وتهديد إسرائيل في حال استمرارها في هذا العمل غير القانوني أن تقع تحت طائلة المساءلة وهذه لغة تصعيدية تستعملها الجمعية العامة في هذا الشأن، حيث صوتت دول الاتحاد الأوروبي ايضاً لصالح هذه القرارات.
وفي هذه المناسبة شدد المجلس على مسؤولية الأمم المتحدة التاريخية ودورها تجاه قضية فلسطين، ووجوب انحيازها إلى جانب قيم الحق والعدالة الإنسانية وتحقيق المُثُل العليا المُعّبر عنها في ميثاق الأمم المتحدة. وطالب الأمم المتحدة بتحمّل مسؤولياتها والعمل على تنفيذ قراراتها وإلزام قوة الاحتلال الإسرائيلي في الانصياع إلى قواعد القانون الدولي، وفرض العدالة الدولية التي غابت عن فلسطين طوال (70) عاماً. وأشار المجلس إلى دور الأمين العام الهام في العمل على تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وفضح الممارسات والسياسات غير القانونية لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، وعدم تنفيذها لقرارات الأمم المتحدة بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي وآخرها القرار (2334)، وتحديها للمجتمع الدولي باستمرار استعمارها، وسياساتها الاستيطانية، وتشريع قوانين عنصرية، وتلويحها بالمزيد من الخطوات التي ترمي إلى ترسيخ احتلالها واستعمارها، الأمر الذي يتطلب من الأمم المتحدة، عدم الاكتفاء ببيانات التنديد والرفض، وإنما القيام بما يتوجب عليها فعله في اتخاذ ما يلزم لمحاسبة إسرائيل، على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وعلى انتهاكاتها لمبادئ الشرعية الدولية وقراراتها وإلزامها بإنهاء احتلالها، كأطول احتلال عسكري عرفه تاريخنا الحديث، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كأساس لإرساء الأمن والسلم الدوليين.
وفي السياق ذاته، رحب المجلس بدعوة البرلمان الأوروبي إلى الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، بالإضافة إلى دعوته تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل إلى أن تلتزم التزاماً حقيقياً باحترام حقوق الإنسان. وحث المجلس فرنسا على الإسراع في الاعتراف بدولة فلسطين بناءً على وعود سابقة كانت قد تعهدت بها فرنسا، كما حث المجلس دول الاتحاد الأوروبي بضرورة الاعتراف الفوري بدولة فلسطين.
وفي سياقٍ منفصل، أكد المجلس دعمه لكافة الجهود المخلصة لإرساء أسس واضحة وسليمة لتحقيق المصالحة الوطنية وعلى رأسها جهود جمهورية مصر العربية الشقيقة التي تعمل وتتابع في الميدان من أجل إنجاح المصالحة. وأعرب المجلس مجدداً عن جاهزية الحكومة الكاملة لتولي زمام الأمور في قطاع غزة فوراً، وفي هذا السياق وبناءً على تعليمات سيادة الرئيس محمود عباس وإصراره على تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام خصوصاً في هذه الظروف الصعبة والخطيرة التي تمر بها قضيتنا الوطنية وفي مقدمتها مدينة القدس، فقد تقرر عمل كل الممكن لطي صفحة الانقسام إلى الابد ليعود الوطن موحدا بشعبه ومؤسساته.
وتقدم المجلس بالشكر والتقدير إلى ألمانيا حكومةً وشعباً لتقديمها دعماً بمبلغ (53) مليون يورو، ضمن اتفاقية الدعم المالي والتقني السنوية التي تقدمها ألمانيا، ومثمناً الدعم الألماني المتواصل لفلسطين في كافة المجالات كأكبر الداعمين للسطلة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها، بالإضافة إلى دعمها لإنشاء العديد من المشاريع التنموية.
وتوجه المجلس بالتهنئة والتبريك إلى أبناء شعبنا الفلسطيني بمناسبة بدء احتفالات أعياد الميلاد المجيد التي أعلن رئيس الوزراء انطلاقها بإضاءة شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد، لينشر للعالم رسالة الرحمة والسلام والمحبة والإصرار على إضاءة شجرة ميلاد دولته الفلسطينية المستقلة في مدينة القدس عاصمته الأبدية.
ونعى المجلس ابن فلسطين البار رجل الأعمال الفلسطيني الكبير عبد المحسن قطان، الرجل المناضل والهامة الوطنية الشامخة، والذي يعد واحداً من أكبر الداعمين لفلسطين من خلال مؤسسات تنموية خاصة. فقد أمضى حياته مدافعاً بقوة وثبات عن قضايا شعبه الفلسطيني وعن حقوقه الوطنية المشروعة وعن قراره الوطني الفلسطيني المستقل. وتقدم المجلس بأحر التعازي إلى عائلة الفقيد الراحل وإلى شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية داعيا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته.
وعلى صعيدٍ آخر، صادق المجلس على الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي في فلسطين 2018–2025، الهادفة إلى توحيد الجهود العديدة المبذولة في سبيل زيادة نسب الشمول المالي، وتحقيق الرؤية الفلسطينية نحو قطاع مالي متطور يلبي الاحتياجات المالية لتحسين الظروف المعيشية وتعزيز الرفاه الاجتماعي للأفراد، ورفع نسبة الشمول المالي للأفراد البالغين من 36.4% لتصل إلى 50% كحد أدنى في نهاية العام 2025، وتعزيز وصول واستخدام كافة فئات المجتمع للخدمات المالية من خلال القنوات الرسمية التي تتناسب مع اختصاصاتها بالتكلفة والوقت المعقولين، وحماية حقوقها، وتعزيز معرفتها المالية بما يمكنها من اتخاذ القرار المالي المناسب، كما ستتركز الاستراتيجية على معالجة المعوقات الرئيسة التي تقف حائلاً دون تعزيز الشمول المالي وتقدمه في فلسطين. كما قرر تشكيل اللجنة الوطنية للشمول المالي بقيادة مشتركة بين هيئة سوق رأس المال وسلطة النقد الفلسطينية.
وقرر المجلس إحالة كل من مشروع نظام الحجز الإداري للمركبات والدراجات النارية، ومشروع قرار بقانون معدل للقرار بقانون رقم (8) لسنة 2011 بشأن ضريبة الدخل، ومشروع نظام إجراءات ضبط معارض الملاهي والمتنزهات إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستها، وإبداء الملاحظات بشأنها، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب بشأنها.