زادت في الآونة الأخيرة تصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار عن تأييدهم لفكرة إقامة الدولة الفلسطينيّة في غزّة وشبه جزيرة سيناء، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو سرّ هذه الكثافة في التصريحات؟ وما هو سرّ توقيتها؟ هل صفقة القرن، كما يُطلق على مُبادرة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب قد تشمل هذه الخطّة لتصفية القضيّة الفلسطينيّة مرّةً واحدةً وإلى الأبد؟
الجنرال في الاحتياط، غيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ، والباحث في معهد الأمن القوميّ الإسرائيليّ، كان السّباق في اقتراح خطّةٍ جاء فيها أنّه يجب إقامة دولة فلسطينيّة إلى جانب إسرائيل، بعد مضاعفه مساحة غزّة.
يُشار إلى أنّه في الدراسة التي وضعت عام 2008، ونشرها (معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى)، حدّدّ ايلاند شروط وآليات التوصل لاتفاق إقليميّ في عدّة عوامل، منها ضم مساحة من سيناء -جنوبي قطاع غزة، على طول ساحل البحر المتوسط إلى الدولة الفلسطينيّة الجديدة، وتكون مساحة تلك المنطقة حوالي 600 كيلومتر مربع، وتمتد 30 كيلومترًا إلى الجنوب، و20 كيلومترًا على ساحل البحر، حيث أنّ تلك المساحة كبيره بما يكفي لبناء ميناء بحريّ جديد ومدينة سكنية جديدة تتسع لمليون نسمه، إلى جانب بناء مطار كبير في الجنوب الغربي يكون بعيدًا عن الحدود الإسرائيليّة قدر الإمكان.
وبهذا، قال الجنرال الإسرائيليّ في الاحتياط، تكون مساحه تلك المنطقة تعادل ما يقرب من 13% من مساحة الضفّة الغربيّة، إضافةً إلى ضمّ الأراضي الأردنيّة المجاورة لنهر الأردن، ما يعادل نحو 5% من مساحة الضفّة الغربية، إلى سيادة دولة فلسطين الجديدة، وستُعطى الأولوية للفلسطينيين للعيش في تلك المنطقة، كما يتّم تعويض الأردن عن تلك المنطقة عن طريق ضمّ أراض مجاورة تخضع لسيادة السعودية، لأنّ مصر يجب ألّا تكون الدولة الوحيدة التي تخلّت عن أراض لحل القضية الفلسطينيّة، كما قال الجنرال آيلاند.
في السياق عينه، قال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يوم الأربعاء الماضي إنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو اقترح نقل الفلسطينيين غالى شبه جزيرة سيناء ضمن تبادل الأراضي في إطار اتفاق سلام عام 2010، وأكّد مبارك أنّه رفض الفكرة تمامًا.
وتابع في منشور له على الفيسبوك: لقد وجدت أنّه من المهم توضيح الحقائق التاريخية التالية للشعب المصريّ، لا صحة إطلاقًا لأيّ مزاعمٍ عن قبول مصر أوْ قبولي لتوطين فلسطينيين بمصر وتحديدًا المتواجدين منهم في لبنان في ذلك الوقت، بحسب تعبيره.
ومن الجدير بالذكر أنّه ظهرت فكرة إقامة دولة فلسطينيّة في سيناء مُحددًا في شهر شباط (فبراير) من هذا العام في أقوال أدلى بها وزير الاتصالات الإسرائيليّ أيوب قرا (الليكود)، الأمر الذي أثار حفيظة المصريين.
وقبل لقاء بين نتنياهو والرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب في واشنطن، ادعى قرا أنّ الزعيمين سوف يبحثان خطة لإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ في غزّة وشبه جزيرة سيناء، وليس في الضفة الغربيّة. ونفى أحد المُتحدّثين بلسان الرئيس المصريّ نفيًا قاطعًا في ذلك الوقت مناقشة خطة “لا يمكن تصورها” و”غير واقعية” و”غير مقبولة” كهذه في أيّ مرحلةٍ، على حدّ قوله.
وكان قرا يشير إلى اقتراحٍ مصريٍّ من عام 2014 تحدثت عنه تقارير لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في قطعةٍ كبيرةٍ من الأرض في شبه جزيرة سيناء سيتم ضمّها إلى قطاع غزة. في حين أن الخطة قوبلت برفضٍ من رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس ونفي من قبل مسؤولين مصريين، فيما رحّب وزراء إسرائيليون يرفضون الجهود الرامية لإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ في الضفة الغربيّة بالاقتراح.
وكانت غيلا غامليئيل وزير المساواة الاجتماعية الإسرائيليّة، زعمت أنّ الدولة الفلسطينيّة فكرة خطيرة على دولة إسرائيل، لافتة إلى أنّه من المستحيل إقامة دولة فلسطينية بين النهر والبحر، موضحةً في الوقت عينه، أنّ هذه مشكلة إقليميّة، وليست مشكلة إسرائيليّة فقط، على حدّ تعبيرها. وأضافت غامليئيل في تصريحاتٍ صحافيةٍ لإذاعة المُستوطنين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة إنّ يُمكن السماح بإقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ فقط في سيناء، زاعمةً أنّ فكرة إقامة دولة فلسطينيّة في سيناء ستُحسّن من الوضع الاقتصادي المصريّ، وتُزيل تهديد تنظيم (داعش).
وتابعت إنّ الدول العربيّة لديها القدرة على دفع مثل هذه الفكرة، أيْ دولة فلسطينية في سيناء، وخلق نشاطٍ اقتصاديٍّ كبيرٍ في هذا المشروع، مُشدّدّة على أنّه لدى الدولة العبريّة القدرة على تقديم حلول في مجالات الزراعة والتكنولوجيا والأمن.
ويبقى السؤال مفتوحًا: لماذا صبر مبارك سبعة أعوام ليكشف عن اقتراح نتنياهو بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في مصر؟ وهل كان سيُوافق على ذلك لم تتّم الإطاحة به؟