انطلقت صباح اليوم، أولى جلسات الحوار الوطني بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة لبحث ملفات المصالحة وآليات تنفيذها.
ووصلت أمس الى العاصمة المصرية، وفود من كافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق القاهرة في أيار 2011 للمشاركة في الحوارات.
ومن المقرر وفق الجدول الزمني المحدد للحوارات من قبل المخابرات المصرية بصفتها الجهة الراعية لها، أن تتم الحوارات على مدار يومين فقط، وفي حال احتاجت للمزيد من الحوارات سيتم التمديد ليوم ثالث.
وستبحث الحوارات ملفات تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء انتخابات عامة، ومنظمة التحرير، والحريات العامة، والمصالحة المجتمعية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الحوارات التي ستجري ستكون لساعات طويلة، يجري خلالها البحث في الملفات بشكل مكثف للوصول إلى حلول خلال يومين، رغم أن الملفات كبيرة ومعقدة وبحاجة لبحث طويل ومعمق.
وستستضيف القاهرة عقب هذه الحوارات، حواراً ثنائياً بين حركتي فتح وحماس في الأول من الشهر المقبل، ولا يعرف فيما إذا كانت وفود الحركتين ستغادر القاهرة ومن ثم العودة، أو سيفضلون البقاء إلى حين عقد تلك اللقاءات.
ووقعت حماس وفتح في 12 تشرين الاول/ اكتوبر اتفاق مصالحة في القاهرة برعاية مصرية. وبموجب هذا الاتفاق يفترض ان تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة بحلول الأول من كانون الاول/ ديسمبر.
ووصل مسؤولون من 13 فصيلا فلسطينيا رئيسيا الاثنين إلى العاصمة المصرية للمشاركة في المحادثات. وسيتم بحث سبل تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة حتى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
ويضم وفد حماس الذي يرأسة صالح العاروري نائب رئيس الحركة، يحيى السنوار نائب رئيس حماس في قطاع غزة ونائبه خليل الحية وصلاح البردويل من غزة وحسام بدران عضو المكتب السياسي.
اما وفد حركة فتح الذي يرئسه عزام الاحمد، فيضم روحي فتوح وحسين الشيخ ومدير المخابرات العامة ماجد فرج الذين غادروا من الضفة الغربية عبر جسر الاردن.
وبموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في القاهرة، سيسعى الطرفان أيضا الى تشكيل حكومة وفاق بينما يمكن لحماس ان تنضم في نهاية المطاف الى منظمة التحرير الفلسطينية، الشريك التفاوضي الرئيسي لاسرائيل في محادثات السلام.
وربطت إسرائيل الحوار مع أي حكومة وحدة وطنية فلسطينية بقطع حماس علاقاتها مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية.
وقامت حماس في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر بتسليم معابر قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، لكن مسؤولين فلسطينيين ما زالوا يطالبون بالسيطرة فعليا عليها.
- قضايا شائكة
وثمة رهان مزدوج في انتقال السلطة من حركة يرفض جزء من الاسرة الدولية التعامل معها، إلى سلطة معترف بها دوليا. فسكان غزة الذين انهكتهم الحروب والفقر والاغلاق يأملون في تحسن وضعهم وتخفيف الحصار الإسرائيلي والمصري عليهم.
من جهة اخرى، يشكل الانقسام الفلسطيني واحدة من العقبات الرئيسية في طريق السلام. فعودة السلطة الفلسطينية الجهة المحاورة لاسرائيل، الى غزة يمكن ان يفتح آفاق تسوية.
وانجزت حماس في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر خطوة مهمة عبر تسليم السلطة مسؤولية المعابر مع إسرائيل ومصر.
لكن الرئيس محمود عباس لم يرفع حتى الآن العقوبات المالية التي فرضها في الأشهر الماضية لاجبار حماس على التراجع، وهو ما ينتظره سكان غزة بفارغ الصبر.
وما زالت قضيتا الاشراف الامني ومصير الجناح العسكري لحماس عالقتين.
وتستبعد السلطة الفلسطينية تولي المسؤوليات المدنية في غزة قبل أن تتسلم الامن. وقالت الحكومة في بيان الاحد انه “لا يمكن لها أن تقوم بمهامها ومسؤولياتها استناداً إلى القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة النافذة الصادرة أصولاً عن رئيس دولة فلسطين إلّا بتمكينها من بسط سيادتها وولايتها القانونية في كافة المجالات الأمنية والمدنية”.
وقال باسم نعيم القيادي في حماس لوكالة فرانس برس إن تسليم السلاح والاعتراف باسرائيل غير واردين. ويتوقع نعيم ان تتجاوز مناقشات القاهرة قضية الامن “لتتركز على اجراءات عملية خصوصا في المجال المدني، الحكومة”.
- مصير حزب الله؟
يرى محللون ان الحركتين حاليا تصران على المضي قدما في المصالحة رغم العراقيل.
ويقول الباحث غرانت روملي الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها الولايات المتحدة إن “اشارة النجاح هي عدم انهيار” المصالحة، مشيرا انه لا يتوقع أن تفضي هذه المحادثات في القاهرة إلى أمور كبيرة.
واضاف ان “الجانبين سعيدان بوقف اطلاق النار السياسي”، معتبرا أن “السلطة الفلسطينية تسيطر حاليا على بعض المهام في غزة وبعض الوزارات”.
لكنه أشار إلى وجود “قضايا شائكة”. واوضح أن “الجانبين يريان بعض الفائدة في عدم التسرع باجراء محادثات عن ذلك”.
ويرى المحلل السياسي اسعد ابو شرخ ان الحركتين “تصران على المصالحة للمرة الاولى لكن إسرائيل لا تريد المصالحة ويمكن ان توتر الاوضاع من خلال التصعيد في قطاع غزة”.
وحددت إسرائيل والولايات المتحدة شروطهما للتعامل مع حكومة وحدة وطنية وهما الاعتراف باسرائيل والتخلي عن العنف ونزع سلاح حماس.
واعادت السلطات المصرية فتح معبر رفح السبت مؤقتا للمرة الأولى منذ عام 2007، تحت ادارة السلطة الفلسطينية بعد ان غادر كافة موظفي حماس المدنيين والعسكريين اماكنهم في معابر القطاع.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس حذر مرارا من انه “لن أقبل ولن أنسخ او استنسخ تجربة حزب الله في لبنان”، مشيرا الى سلاح حركة حماس.
وصرح موسى أبو مرزوق القيادي في حماس في تغريدة على موقع تويتر ان “النقطة الاولى على جدول اعمال حوار الفلسطيني ان حزب الله (اللبناني) ليس منظمة ارهابية وان مضى ذلك التصنيف فنحن جميعا الى نفس المصير”.
وكان وزراء الخارجية العرب دانوا في بيانهم الختامي اثر اجتماع طارئ في القاهرة أن “تأسيس جماعات ارهابية في البحرين ممولة ومدربة من الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني”.
وحمل وزراء الخارجية العرب الحزب “الشريك في الحكومة اللبنانية مسؤولية دعم الجماعات الارهابية في الدول العربية بالاسلحة المتطورة والصواريخ البالستية”.