يتضح الدور السعودي يوماً بعد يوم في المشهد الفلسطيني، إذ سيكون للمملكة دور كبير في المرحلة المقبلة لاحتواء الأوضاع في غزة، وتحديداً لجهة «تمويل المصالحة»، فيما يكمل المصريون متابعة الملفين الأمني والسياسي مع السلطة والفصائل، مع تجربة أولى لتشغيل معبر رفح
فبعد إظهار الرياض استعدادها لدفع رواتب موظفي حكومة غزة السابقة التي شكلتها حركة «حماس» في حال التزمت الأخيرة بتهدئة كاملة وبدأت بالتخلي عن خيار المقاومة ومهاجمة إيران وحزب الله قال عضو «اللجنة المركزية لحركة فتح»، محمد شتية، إن السعودية «وعدت الرئيس محمود عباس بزيادة التمويل لتنفيذ استحقاقات المصالحة الوطنية كافة»، فيما تفيد المعلومات بأن المملكة ستزيد دعمها للسلطة، وتحديداً الخزينة العامة بـ 13 مليون دولار أميركي، ليصبح الدعم الشهري نحو 20 مليوناً.
وكالة «الأناضول» التركية نقلت أمس عن شتية أن حكومة «الوفاق الوطني» لن تنتظر وصول أموال المانحين لاستكمال إعادة إعمار قطاع غزة، لافتاً إلى أن ما صرف من أصل ما أقر في مؤتمر القاهرة عام 2014 (5.4 مليارات دولار، منها 3.2 مليارات لإعادة إعمار القطاع) لا يتعدى 37%. واستدرك: «بعض الدول كانت تتذرع بالانقسام (الداخلي) وغير ذلك، الآن لا يوجد انقسام ولا حجج، لذلك نحثها على أن تفي بالتزاماتها وتساعدنا». وتابع: «هناك وعود جدية بأن المجتمع الدولي يريد أن يساعد في تحسين ظروف الحياة لسكان غزة... (لكن) لا يمكن الحديث عن إطار زمني محدد».
لكن شتية لم يخرج عن السياق العام للسلطة، حينما قال: «لا نريد حالة من الفصائل المنفلتة، ولا نريد أن نذهب إلى نموذج لبنان، فقطاع غزة ليس الضاحية الجنوبية في بيروت، ولا كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) هي حزب الله، ولا فلسطين لبنان؛ لكل خصوصيته».
من جانب ثانٍ، وفي ما يتعلق بالدور المصري وخاصة مع اقتراب موعد اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة (الثلاثاء المقبل)، قررت القاهرة فتح معبر رفح، بين غزة وسيناء، لثلاثة أيام للحالات الإنسانية، وذلك للمرة الأولى منذ تسلم السلطة معابر القطاع.
ووفق مسؤولين محليين، قررت مصر أن يكون الخروج من المعبر وفق كشوف الحالات الإنسانية المسجلة (30 ألف مسجل) لدى وزارة الداخلية التي كانت تديرها «حماس» طبقاً للآلية المعمول بها سابقاً، رغم أن الموظفين المدنيين والأمنيين في «رفح» حالياً هم من موظفي رام الله.
كما علمت «الأخبار» أن مصر أبلغت السلطة أن فتح المعبر بصورة دائمة سيكون في أقرب فرصة مع استقرار الأوضاع الأمنية في سيناء، وخاصة أن لدى الأجهزة الأمنية المصرية تقديرات بنية لتنفيذ عمليات كبيرة في سيناء بالتزامن مع فتح «رفح».
في غضون ذلك، وصل مدير المخابرات العامة الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، للمرة الثانية منذ توقيع المصالحة، إلى غزة، وأجرى لقاء مع رئيس «حماس» في القطاع، يحيى السنوار، كما التقى مسؤولين أمنيين، بمن فيهم مديرو معبر رفح. ووفق ما نقل، ناقش فرج والسنوار «استكمال تنفيذ بنود المصالحة ونشر قوات أمن تابعة للسلطة في معابر القطاع وعلى طول الحدود بين غزة ومصر... إضافة إلى مناقشة النقاط التي ستطرح خلال اجتماع الفصائل في القاهرة».
ووفق مصادر متقاطعة، أعدت الفصائل قوائم وفودها المغادرة إلى العاصمة المصرية، وذلك لبحث ملفات «الأمن والحكومة والانتخابات ومنظمة التحرير والمصالحة المجتمعية والحريات»، بدءاً من الثلاثاء حتى الخميس المقبل. ويوم أمس، طالبت الفصائل خلال لقاء شمل «فتح» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» والجبهتين الشعبية والديموقراطية في غزة أمس، رئيس السلطة، عباس، بضرورة رفع العقوبات عن القطاع، وذلك «لتعزيز المصالحة والحفاظ عليها... إذ لم يبقَ لها أي مبرر».
في شأن متصل، علمت «الأخبار» أن قرار التقاعد المبكر (الجبري) الذي اتخذته السلطة بحق عدد من موظفي غزة لا يزال قائماً ومتواصلاً، إذ يصل كشف جديد بأسماء المتقاعدين العسكريين غداً الأحد إلى مقر «هيئة التأمين والمعاشات» بعدد 5200 متقاعد ليصار إلى التنفيذ.