على الرغم من التهويل السعوديّ بأنّ الحرب على لبنان قادمة لا محال، يُحاول صنّاع القرار في تل أبيب ضبط الإيقاع، والتأكيد على أنّ دولة الاحتلال ليست في وارد شنّ حملةٍ عسكريّةٍ ضدّ لبنان. وفي هذا السياق، أوضحت مصادر أمنيّة وُصفت بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، أنّ السيناريو الأسوأ بالنسبة للجمهور الإسرائيليّ هو إطلاق أكثر من ألف صاروخ يوميًا على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وأضافت أنّه في المؤسسة الأمنية، يُقدّر المعنيون بأنّه إذا تلقّى الجناح العسكريّ لحزب الله “الضوء الأخضر”، فسيُوجّه ضربةً واسعةً ليس فقط على الحافة الأمامية، بل بشكلٍ خاصٍّ إلى عمق إسرائيل بواسطة صواريخ دقيقة بهدف خلق تأثير على الوعي.
وتأتي هذه الأقوال، التي نقلها مُحلّل الشؤون العسكريّة في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، على الرغم من محاولات تل أبيب الحثيثة لإخفاء خشيتها وتوجسّها من حرب لبنان الثالثة، إلّا أنّ المُتتبع للشأن الإسرائيليّ يُلاحظ أنّ أركان الدولة العبريّة، من المُستويين السياسيّ والأمنيّ، دخلوا في حالة ارتباكٍ شديدٍ في كلّ ما يتعلّق بحزب الله، الذي يُواصل تعظيم ترسانته العسكريّة، الأمر الذي دفع وزير الجيش، أفيغدور ليبرمان، إلى القول علنًا إنّ حزب الله بات شبه جيش، وأنّ العديد من دول حلف شمال الأطلسيّ لا تملك الأسلحة، من الناحية النوعيّة والكميّة، التي يملكها الحزب، الذي تعتبره تل أبيب العدّو رقم واحد، كما أنّ الجيش الإسرائيليّ بات يُطلق على حزب الله الجيش الثاني من حيث القوّة في المنطقة.
ورأى المُحلل أنّه طوال 11 عامًا منذ أنْ وضعت حرب لبنان الثانية أوزارها، تمّ الحفاظ على الهدوء النسبيّ على طول الحدود مع لبنان، وبينما تحلّق طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيليّ بشكلٍ يوميٍّ في الأجواء اللبنانيّة يُواصل حزب الله التعاظم.
وشدّدّ نقلاً عن مصادره الأمنيّة والعسكريّة، أنّه على جانبي الحدود، يجري الاستعداد لحرب لبنان الثالثة، والمعنيون بالموضوع يحتملون وقوع خطأ على الرغم من مسألة أنّ كلا الطرفين لن يُصعّدا، مًوضحًا أنّ عدم فهم ما يحدث على الأرض أوْ تقديم تقدير غير صحيح، ربّما يؤدي إلى معركةٍ.
وتابع قائلاً، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ حزب الله بنى فوق وتحت الأرض منظومات قتالية كاملة، أغلبها على استعداد في أيّة لحظة لضرب مواقع الجيش الإسرائيليّ، والمستوطنات وحتى الدوريات. لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّه بحوزة حزب الله صواريخ ضدّ الدروع من الأكثر تطورًا في العالم.
وأشار أيضًا إلى أنّه في الـ18 من شهر كانون الثاني (يناير) 2015، كشف الحزب مرّة أخرى عن مستوى احتراف مقاتليه، الذي كمنوا لقافلة تابعة لقوة من لواء غفعاتي في منطقة مزارع شبعا. حينها، أُطلقت صواريخ ضدّ الدروع من طراز “كورنيت” من داخل مجموعة أشجار لمسافة خمسة كيلومترات، وأصابت القافلة.
علاوة على ذلك، لفتت المصادر إلى أنّ السيناريو الأسوأ الآخر الذي يمكن أنْ يحصل بشكلٍ مفاجئٍ تمامًا، قال المُحلل، هو اجتياح موضعي للمستوطنات المحاذية للسياج، التي يرفع مقابلها عناصر حزب الله أعلامهم بشكلٍ مستفزٍ، وخصوصًا تلك المستوطنات التي يمكن الوصول إليها في دقيقة، وتنفيذ عملياتٍ وهجماتٍ داخلها، مُشدّدًا على أنّ أعداء إسرائيل يُدركون بأنّه يكفي خطف جنديٍّ من أجل زعزعة دولة بكاملها.
بناءً على ما تقدّم، لا يُمكن تجاهل الحقيقة بأنّ إسرائيل ما زالت تعيش هاجس آخر على الجبهة الجنوبيّة، وتخشى من ردّ المقاومة الفلسطينية على تدمير النفق عند حدود قطاع غزة الأسبوع الماضي الذي سقط جراءه عدد من الشهداء، حيث حذّر قائد الجبهة الداخلية الجنرال تامير يدعي، من احتمال حصول ردٍّ من جانب التنظيمات الفلسطينيّة في غزة.
وأشار الجنرال يدعي خلال مؤتمر في قيسيريا، قائلاً: هاجمنا النفق بالقرب من الحدود وحتى الآن لم يرد أحد. أنا واثق بأنّه سيكون هناك رد. أصل الواقع أنهم يفكِّرون حاليًا بما يجب القيام به. عدم ردّهم بشكلٍ فوريٍّ هو إنجاز، وهذا بفضل الردع الذي تكوّن في عملية الجرف الصامد، وفق قوله.
وبحسب موقع “معاريف” العبري، فقد حذّر اللواء يدعي من تغيُّر في قدرة إطلاق الصواريخ الموجودة لدى التنظيمات في قطاع غزة وفي لبنان، وفي قدرة الجبهة الداخلية على التعامل مع التغيرات، قائلاً: إنّ أحجام الرؤوس الحربية الموجودة في غزة ولبنان هي بأحجام لم نعرفها سابقًا، وهي بعشرات الآلاف”.
ولفت الجنرال يدعي إلى أنّه كلمّا كانت الرؤوس الحربيّة موجّهة نحو الجبهة الداخلية فإنّه سيكون هناك مشكلة، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ الحديث لا يدور عن أحجام فقط، بل عن أوزان أيضًا. واختتم قائلاً: نحن نلاحظ تغييرًا من أحجام صغيرة إلى صواريخ ذات رؤوس حربية تزن مئات الكيلوغرامات، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ الحرب المقبلة ستكون ببثٍ حيٍّ، ونحن نتوقع أنْ تكون المعارك المقبلة متعددة الأبعاد، بحسب توصيفه.