يا لها من ليلة ...محمد اليامي

الإثنين 06 نوفمبر 2017 12:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT



سقوط مدوّ للفساد في السعودية، وإسقاط مطمئن لصاروخ غدر واعتداء على عاصمتها، وصعود نجم العدل والنزاهة، لينضم إلى مجموعة نجوم سعودية تشع في جميع أنحاء العالم.

ليلة أول من أمس في السعودية حبس المواطنون والمقيمون أنفاسهم عند سماع دوي انفجار كبير شمال شرقي العاصمة الرياض، وتناثرت بعض الإشاعات في مواقع التواصل و «سقطت» الأقنعة عن مدعين يروجون الإشاعات. وما هي إلا دقائق حتى أعلن الدفاع الجوي الباسل إسقاطه صاروخاً حال وصوله إلى النقطة المتعارف عسكرياً على أنها المستوى الذي يمكن إسقاطه.

وما أن تنفس الناس الصعداء حتى أتاهم أمر ولي الأمر الذي يقول ببساطة شديدة وحزم أشد إن السعودية تحارب الفساد، وإن حكومتها تطبق فعليا مبدأ «كائناً من كان» حيث كانت «الحصيلة الأولى» التي يتم التحقيق معها تضم الأمراء قبل الوزراء، والوزراء الحاليين والسابقين قبل بقية المسؤولين الأقل درجة، فتنفس الناس مجدداً فرحين مستبشرين بملك لا يخشى في الله لومة لائم، وولي عهد قال وفعل.

أزالت خطوة السعودية بتشكيل لجنة حصر جرائم الفساد، ومباشرتها عملها فوراً بقايا الشكوك حول رؤيتها الجديدة، وأكدت أنها في عهد الأفعال وليس الأقوال، وأنها ماضية في طريقها الذي رأته صحيحاً فكان ربيعها مختلفاً عن أي ربيع ادعاه البعض، كان ائتلافاً بين القيادة والشعب، وثورة حقيقية على كل ما كان ينهك مسيرتها اجتماعياً واقتصادياً وقانونياً.

تعلم السعوديون خلال أربع وعشرين ساعة أن مصادر الإعلام الاجتماعي بعضها مرجف، وبعضها مدعٍ، وبعضها الآخر مجرد بلهاء يعتقدون بسهولة تخمين الأحداث ونقل الإشاعات، كما حدث في قصة الصاروخ.

أيضاً تعلموا أن نسج كثير من القصص حول نزاهة أو فساد ذاك الأمير أو ذلك المسؤول ليس هو ما يعول عليه، فلقد كانت قائمة المحالين للجنة الجديدة تحمل أسماء لم يسبق الحديث عن فسادها، وخلت من أسماء يتهامس الناس أحياناً بفسادها، ومن اليوم فصاعداً سيعرف الناس الحقيقة وتفاصيل الفساد من مصدر واحد مسؤول محايد أثبت أنه لا يفرق بين الكبير مقاماً أو وظيفة وبين الصغير، طالما ارتضوا أن يكونوا ضمن من أسماهم الأمر الملكي التاريخي «ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام من دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق وطنية».

شخصياً أعجبني التعبير الملكي «أخلاق وطنية» فهو يحمل في طياته الكثير من المعاني الراقية التي تصعد بالفهم العام لمعنى الوطن وقيم المواطنة، وتقي في مستقبل الأيام إذا أحسنا تغذية العقول بها من السقوط في براثن الفساد أو في أي منزلق يسيء إلى البلاد والعباد.

أسعدني كذلك تعيين محمد بن مزيد التويجري العقلية اللامعة بتاريخ حافل مالياً واقتصادياً نعرفه في القطاع الخاص، كوزير للاقتصاد والتخطيط.

أيضاً أعجبني من تعففوا عن الشماتة بالأشخاص أو عائلاتهم، وتركوا القانون يأخذ مجراه الطبيعي، فرحين بالعدالة، والمستقبل الذي يزيد إشراقه يوماً بعد يوم.

... يا لها من ليلة سعودية «سلمانية» بامتياز.

mohamdalyami@gmail.com