كيف تحمي المقاومة الفلسطينية ظهرها؟ عماد عفانة

السبت 04 نوفمبر 2017 08:30 م / بتوقيت القدس +2GMT



تطالعنا الأنباء كل يوم تقريبا عن مناورات عسكرية مختلفة ومتنوعة للعدو الصهيوني استعدادا للمعارك والحروب والجبهات التي يتوقع اندلاعها على حدوده شمالا أو جنوبا.

ويندرج ضمن هذه المناورات تدريبات متواصلة ضمن مخطط واسع ومركز تجريها الجبهة الداخلية للتدريب على التعامل عملياتيا مع كافة الظروف والأحوال التي قد تمر بها الجبهة الداخلية الصهيونية جراء الحروب التي قد تواجهها، سواء على الصعيد الصحي أو التعليمي أو الغذائي أو حتى الترفيهي.

لكننا إذا أشحنا بناظرينا تجاه الجبهة الداخلية الفلسطينية لنطالع وضع استعداداتها لمواجهة الحروب والكوارث التي تواجه مجتمعنا الفلسطيني نرى وضع على النقيض تماما، علما أن شعبنا الفلسطيني يعتبر نفسه في حالة حرب منذ احتلال فلسطين سنة 9148، مرورا بنكسة 1967، وليس انتهاء بالحروب المتواصلة التي يشنها العدو على شعبنا مثل عملية السور الواقي 2002 والتي أعاد العدو خلالها احتلال الضفة، وحرب 2008 و2012 و2014 على غزة والتي سبقها العديد من العمليات العسكرية الواسعة.

كل ذلك كان يجدر به أن يجعل من الجبهة الداخلية الفلسطينية أكثر خبرة وأكبر قدرة على التعامل مع ومواجهة أعتى الظروف الناتجة عن الاجتياحات والحروب، إلا أن الواقع يخالف ذلك تماما، فليس لدينا خطة للهجوم وليس لدينا على ما يبدوا أيضا خطط للدفاع، ومجزرة النفق شرق غزة قبل ايام ينبئ بذلك.

ومع عودة حكومة عباس لاستلام السلطة مجددا في غزة، وهي حكومة خيارها الاستراتيجي السلام والمفاوضات والتعايش مع المحتل، وتعتبر التنسيق الأمني مع العدو عمل مقدس، لا نعتقد أنه سيكون على أجندة عملها تأمين ظهر المقاومة، أو تصليب الجبهة الداخلية لمساعدة الناس على الصمود في أي مواجهة قادمة، هذا إن لم يكن من أولوياتها ملاحقة المقاومة ومصادرة سلاحها تطبيقا لالتزاماتها الأمنية مع العدو.

يجدر بنا أن نستخلص العبر من الحروب الثلاث التي تعرض لها قطاع غزة المحاصر، والمهدد في كل حين بحرب رابعة يلوح بها العدو في الربيع القادم.

وسنستعرض عدد من الأفكار التي قد تصلح لنظمها في خطة شاملة لتصليب عود الجبهة الداخلية لمساعدتها على الصمود كأحد أهم عوامل الانتصار في أي معركة.

أولا: يجب تشكيل قيادة مركزية للجبهة الداخلية من أصحاب القرار-في المقاومة -في كافة المجالات، على أن تكون ممثلة لكافة المستويات على حد سواء، على أن ينبثق عنها تشكيلات هرمية في مختلف المحافظات، تنبثق عنها فرق في كل المدن، تنبثق عنها فرق في مختلف القرى والأحياء والمخيمات، ولا تستثني أي بقعة في قطاع غزة.

على أن يحمل كل عضو من أعضاء قيادة الجبهة الداخلية ملفا متخصصا كالجانب الاغاثي الصحي والجانب الاغاثي المتعلق بالإيواء، وآخر بجانب تأمين وسائل الاعاشة، ورابع بالحرب النفسية، وخامس بالأمن المجتمعي، وسادس بالإعلام .. الخ.

وبداية ربما يجدر بهذه القيادة فتح مراكز للتطوع الطارئ بأسرع وقت لاستقبال الشباب المتطوع لتدريبهم كل حسب مجاله وتخصصه، ثم فرزهم وتوزيعهم حسب الاحتياجات سواء الصحية او الاغاثية او الإعلامية او الايواء أو مراقبة الأسعار ومكافحة الاحتكار، أو تأمين المجتمع من اللصوص وتجار الحروب ..الخ.

فعلى الصعيد الصحي على سبيل المثال يمكن العمل على إنشاء مشافي أو على الأقل مراكز صحية مجهزة في جنوب القطاع ووسطه، والعمل على توسيع مستشفى النجار.

وتجنيد وتنظيم المئات من الأطباء وخريجي كليات التمريض العاطلين عن العمل في مجموعات، وتوزيعهم جغرافيا لتغطية كافة مناطق قطاع غزة، في مراكز طبية مؤقتة للطوارئ، وتزويدهم بما يمكنهم من تقديم الإغاثة والاسعاف الأولي للمصابين وقت الحروب إلى حين وصول المصابين إلى المشافي، وفي تجربة الحرب في سوريا خير عبرة.

وعلى الصعيد الإعاشي، يمكن تجنيد فرق طوارئ من المتخصصين إلى جانب متطوعين من السكان في كل حي لضمان استمرار وصول التيار الكهربائي والمائي للسكان خصوصا في الطبقات العليا من الأبراج والعمارات أيام الحرب، فضلا عن تأمين وصول الماء الصالح للشرب لكل بيت وحي.

وتعيين مناطق محددة كالمدارس والنوادي وما شابه وتأهيليها لتصلح كمأوى مقبول للنازحين من المناطق المستهدفة، بكل ما يحتاج ذلك من فرق طوارئ تعنى بكافة شؤونهم.

وانشاء فرق اغاثية مركزية من المتطوعين الذين يمكن تجنيدهم وتدريبهم من الان على الاغاثة وقت الحرب، تصل للبيوت وتنسق مع قيادات المناطق على أن تعمل الجمعيات الاغاثية بما تملك من مقدرات إغاثية من خلالها.

وعلى غرار ذلك يمكن تشكيل فرق اغاثية مماثلة في الجانب التعليمي للحفاظ على المنظومة التعليمية تعتمد على الدراسة البيتية ويتم متابعتها عبر لجان عليا من التعليم توزع المهام على المناطق، وتعطى المحاضرات بالتعاون مع الاذاعات المحلية لضمان عدم تعطل المسيرة التعليمية لو طال امد الحرب، كما في حرب ال51 يوما.

كما يمكن وضع خطة إعلامية وطنية تعمل على تنفيذها خطة إعلامية مدروسة ومبرمجة يتابعها مجلس اداري اعلامي للطوارئ يوجه الاعلام ويتابعه لحماية الجبهة الداخلية من الاشاعات والحرب النفسية.

وهكذا يمكن على العمل في مختلف الجوانب الأخرى.

إذا كان العدو قد أعلن جاهزيته على كافة المستويات لخوض حروب وعلى أكثر من جبهة، فيجدر بالمقاومة ألا تحسب نفسها جاهزة لخوض أي مواجهة مع العدو مهما امتلكت من ترسانة سلاح، ما لم تقوم بتأمين جبهتها الداخلية بالشكل الذي طرحناه وربما بشكل أفضل بكثير، فالأفكار لا تنضب والابداع في هذا المجال مفتوح، وما على المقاومة سوى فتح الباب لسيل الأفكار للنهوض بهذا المجال الهام.