انتهت حركتا «فتح» و «حماس» من تنفيذ الشطر الأول الأقل تعقيداً من اتفاق المصالحة المتمثل في «تمكين» حكومة التوافق الوطني من ممارسة عملها في القطاع على كل الوزارات والمرافق والقطاعات، باستثناء الأمن الذي بقي في «يد» حركة «حماس».
وسارت الأمور في شكل أكثر سلاسةً مما «حلم» به أكثر المتفائلين، إذ نقلت حركة «حماس» السلطات والمسؤوليات كلها الى حكومة التوافق الوطني من دون أي مشكلات أو منغصات، إلا من حادث صغير هنا أو هناك، وتم حلها كلها.
ووفقاً للجدول الزمني لآليات تنفيذ اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة في الثاني عشر من الشهر الماضي، الذي توافقت عليه الحركتان برعاية مصرية مباشرة وحثيثة، فإن كل الفصائل ستلتقي في 21 من الجاري في العاصمة المصرية لبحث الملفات الأكثر تعقيداً.
وستبحث الفصائل، بما فيها حركتا «فتح» و «حماس»، ملفات عدة هي اعادة تفعيل المجلس التشريعي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة وبرنامجها السياسي، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمظلة وطنية تضم حركتي «حماس» و «الجهاد الإسلامي»، والانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني، الذي يُعتبر برلمان المنفى.
وإذا كان المسؤولون في الاستخبارات العامة المصرية نجحوا في «إقناع» الحركتين الأكبر في الشارع الفلسطيني خلال يومين من الحوارات بخطتهم لتمكين الحكومة، فإن الحوار السياسي سيستغرق، حتماً، وقتاً أطول وسيكون أكثر مشقة وصعوبة، خصوصاً أن هذه القضايا ستتداخل مع ملفي الأمن وسلاح المقاومة.
وعلمت «الحياة» من مصادر فلسطينية موثوقة أن الرئيس محمود عباس مصمم على أن يكون هناك «سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد».
وقالت المصادر لـ «الحياة» إن عباس أبلغ فصائل منظمة التحرير بأنه «لن تكون هناك مصالحة من دون قرار واحد وبندقية واحدة»، وأنه «لا يقبل تصريحات قادة حماس عن سلاح المقاومة»، علماً أن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وغيره من قادتها أعلنوا أن الحركة تسعى إلى أن يكون «قرار السلم والحرب واحداً».
وأضافت المصادر أن عباس و «فتح» يسعيان إلى «توحيد موقف فصائل المنظمة من القضايا المطروحة على طاولة الحوار في القاهرة» في 21 الجاري، من خلال عقد اجتماعات «للبحث في نقاط الاتفاق والاختلاف، والتقدم بموقف موحد إن أمكن».
وكشفت مصادر اخرى أن القوى الديموقراطية الخمس (الجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب، والمبادرة الوطنية، وفدا) تستعد لتوحيد مواقفها من قضايا حوار القاهرة المقبل وتقديم «رؤية موحدة» منها.
وترفض الجبهتان «الشعبية» و «الديموقراطية»، كما «حماس» و «الجهاد» وغيرها من الفصائل «المساس بسلاح المقاومة» الذي يصفه بعض الفصائل والشخصيات بأنه «مقدس».
في الأثناء، استبق الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل حوار القاهرة المقبل ووصف منظمة التحرير بأنها «عجوز»، وحذر من «خطورة شيخوخة وعجز» المنظمة على القضية الفلسطينية.
واستنكر مشعل، في كلمة أمس من الدوحة ألقاها في مؤتمر «الأمن القومي الفلسطيني»، الذي نظمه أكاديمية الإدارة والسياسة في مدينة غزة أمس وأول من أمس «تراجع دور الشعب الفلسطيني في الخارج». واعتبر أن «التراجع في دور ومشاركة الشتات الفلسطيني تتحمل مسؤوليته القيادة الفلسطينية، حين اختزلت القضية في الضفة والقطاع». كما اعتبر أن «حال العجز والترهل التي أصابت المؤسسات الوطنية بعامة، وبخاصة منظمة التحرير، من العلّات التي أصابت المشروع الوطني».
ورأى أن «المشروع الوطني يريد قيادة ومرجعية وتفعيل الكل الفلسطيني» في وقت يتردد اسم مشعل في أوساط سياسية وحزبية فلسطينية للتربع على «عرش» المنظمة مستقبلاً.
وعبّر مشعل عن أسفه لتراجع القضية الفلسطينية «عند الأمة وعند الإقليم وعند المجتمع الدولي، بخاصة الدول الكبرى»، وذلك «أضعف المشروع الوطني الفلسطيني وزاد التحديات أمامه».
وانتقد وجود السلطة وعدم جدواها تحت الاحتلال الإسرائيلي، مشدداً على أنه «لا دولة ولا سلطة ولا سيادة إلا بعد التحرير، وإلا تصبح السلطة عبئاً كما هي اليوم».
وأكد أن المصالحة «خيار إستراتيجي» بالنسبة إلى «حماس»، التي «تعمل على تحقيق كل متطلبات المصالحة الفلسطينية، على رغم كل التباينات».
وقدم مشعل «تصوراً للنهوض» بالمشروع الوطني الفلسطيني يقوم على «التوافق على رؤية مشتركة، وتوحيد الصف الفلسطيني ومؤسساته الوطنية، وإدارة موحدة للمعركة مع الاحتلال، وإشراك الجميع في القرار السياسي من دون إقصاء».
واعتبر «أننا في حاجة إلى برنامج إنعاش مكثف وعاجل نتحرك به كقيادة فلسطينية لنعالج أزماتنا المزمنة ونحقق نجاحات ملموسة لنستعيد الثقة عند شعبنا، ونخرج من الأوضاع الصعبة التي نعيشها (...) ويعيشها أهلنا في غزة والضفة والقدس والشتات».
وقال: «نريد قيادة وحكومة ومجلساً وطنياً ومؤسسات واحدة، وبرلماناً ورئيساً واحداً، ونطالب بإدارة موحدة ومشتركة للقرار السياسي واستيعاب الجميع الفلسطيني في المشروع الوطني».