صور : آثار العصر البرونزي تختفي تحت الاسمنت في غزة

الأربعاء 25 أكتوبر 2017 10:14 ص / بتوقيت القدس +2GMT
صور : آثار العصر البرونزي تختفي تحت الاسمنت في غزة



ا ف ب

 نجح علماء آثار ومدافعون عن التراث في قطاع غزة، في وقف هدم موقع "تل السكن" الأثري الذي يقدّر عمره بأكثر من خمسة آلاف سنة، من دون أي ضمانة بإنقاذ ما تبقى من التراث الاستثنائي الذي شهد على حقبات تاريخية مختلفة في القطاع الفقير والمحاصر.

ويقول عالم الآثار الفلسطيني معين صادق إن موقع "تل السكن" الاثري "نادر"، مشيرًا إلى أنه "قد يكون المدينة الكنعانية الوحيدة المحصنة في جنوب فلسطين" التي كانت مأهولة بشكل متواصل بين عامي 3200 و2000 قبل الميلاد.

ومنذ اكتشاف الموقع بالصدفة العام 1998، شوّهت الجرافات مرات عدة معالم التل الذي انشئ في فترات زمنية متعاقبة، يعود أقدمها إلى العصر البرونزي.

وقبل بضعة أسابيع، هدمت أشغال التجريف جزءًا كبيرًا من الحفريات في الموقع الأثري التي قام بها صادق وزميله الفرنسي بيار دو ميروشيدجي في عامي 1999 و2000، لإفساح المجال أمام تشييد أبنية سكنية مخصصة لموظفي حكومة حماس.

وتوقفت أعمال التجريف إثر جهود كبيرة بذلها علماء آثار وأساتذة جامعيون ونشطاء فلسطينيون دعوا للحفاظ على التراث في غزة الذي دمرته الحروب والإهمال والضغط السكاني الكبير.

وبعد نجاحهم هذه المرة في إنقاذ الموقع، يتساءل هؤلاء إلى متى سيصمد مفعول هذه الخطوة في قطاع فقير أنهكته الحروب والفقر والعقوبات والحصاريين الإسرائيلي والمصري.

ويشير صادق إلى أنّها المرة الثالثة منذ العام 1998 التي يتعرض فيها الموقع للتجريف. وكانت المحاولة الأولى أدّت صدفة إلى اكتشاف الموقع عندما لاحظ علماء آثار وجود أدلة على حضارة قديمة وعملوا على وقف أعمال البناء.

وبدأ علماء آثار فلسطينيون وفرنسيون معًا بحفريات في الموقع، ولكن في العام 2000 مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فرّ علماء الآثار ولم يعودوا.

وتوالت المصائب والأزمات على القطاع، ولم يحصل أي تقدّم يذكر في أعمال التنقيب.

و"تل السكن" عبارة عن مساحة دائرية قطرها 300 متر، يؤكد صادق أنّ الرمال تخفي تحتها "موقعًا هامًا للغاية، وضخمًا مع (آثار) التحصين، ومنازل. هذه مدينة وليست مدينة صغيرة، بل مدينة ملكية".

والتل موجود في موقع استراتيجي على طريق التجارة الساحلية التي ربطت بين مصر وبلاد كنعان القديمة، وسوريا وبلاد ما بين النهرين. ويشهد على عصر نشوء المدن مع الابتعاد عن نمط الحياة الزراعية.

وتكشف أقدم الآثار التي تم نبشها وبقايا المنازل المصنوعة من الآجر وقطع من الخزف والحلي التي تعود إلى ألف عام قبل الأهرامات، على العلاقات الوثيقة مع مصر.

ويجمع رابط خاص سكان غزة بهذا الموقع. فكل جمعة، تتوجه العائلات في يوم العطلة الأسبوعي إلى المنطقة للترفيه عن نفسها بينما يلهو شبان على دراجتهم النارية.

وعلى الرغم من صعوبة حياتهم اليومية، فإن سكّان القطاع هم من دقّوا ناقوس الخطر وحاولوا التصدي لخطط تجريف الموقع الأثري مرة أخرى، على ما يقول جان-باتيست أمبير، مدير قسم الآثار في مدرسة الكتاب المقدس والآثار الفرنسية في القدس.

وعبّر الكثير من سكان القطاع بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي عن رفضهم لتجريف تل السكن، وتواصلوا مع خبراء خارج القطاع رغمًا عن القيود والحصار المفروض على غزة.

وبالاستناد إلى الصور التي أرسلها إليه سكّان من غزة، يقول صادق إن الأضرار التي لحقت بالموقع "خطيرة للغاية. تم تدمير البنى السكنية القديمة وقسم من الأسوار".

وطُلب من أمبير الذي ساهم في وقف أعمال التجريف أواخر التسعينات، قيادة مهمة مدعومة من فرنسا لمعاينة الموقع.

ونجح تقييمه والجهود الشعبية في إقناع السلطات التي تقف وراء المشروع السكني بوقف خطتها، على ما يؤكد المدير العام لدائرة الآثار في قطاع غزة جمال أبو ريدة لوكالة "فرانس برس".

ويوضح أبو ريدة أن "أرض الموقع هي ملك خاص للوزارة ولا يحق لأحد نزع ملكيتها".

وتضارب المصالح بين علماء الآثار والمقاولين العقاريين أمر يتكرر دائمًا في قطاع هُدمت الكثير من آثاره.

ويقول أمبير "عندما كنا في الموقع، كعلماء آثار، كنا نهتف مشدوهين.. اه، انظروا إلى الموقع الرائع. يعود إلى عام 3300 قبل الميلاد، والنفوذ المصري".

ويُكمل "كان (المسؤولون في غزة) يقولون لنا بعدم اكتراث أتعلمون أنه منذ الحرب العام 2014، ينتظر آلاف الأشخاص الحصول على المنازل. ما هو الأهم؟". ويضيف "بالنسبة لهم، فإن (المشروع السكني) كان أمرًا إيجابيًا".

وتشير آمال شمالي، مسؤولة العلاقات العامة في سلطة الأراضي الفلسطينية لوكالة "فرانس برس" إنّ "هناك أزمة سكن قائمة في القطاع، وهناك زيادة سكانية بشكل كبير. نحن نتحدث الآن عن مليونين و50 ألف مواطن مسجلين في قطاع غزة"، موضحة أنّ "الزيادة السكانية مهولة وهذا يتطلب مشاريع إسكانية جديدة".

2
1
700x414
3