يظهر من التحليلات المنشورة في الصحف الإسرائيلية اليوم، الجمعة، غداة الإعلان عن اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، أن الإسرائيليين ينظرون إلى المصالحة بتوجس وقلق، تحسبا من أن تدوم هذه المصالحة، خلافا لاتفاقيات مصالحة سابقة بين الحركتين. فقد قدم الانقسام لإسرائيل خدمة كبيرة..
واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ألكس فيشمان، أن "محادثات القاهرة أبقت بأيدي حماس الأنفاق والمختبرات ومصانع صنع السلاح والطائرات بدون طيار وكتائب عز الدين القسام والكوماندوس البحري. وعمليا، بقي الذراع العسكري لحماس كما كان وتحت قيادة مباشرة وحصرية لحماس. ولذلك يتعاملون في إسرائيل مع الاتفاق على أنه لا احتمال بتطبيقه، بحيث لا ينبغي إهدار طاقة على تشويشه. إضافة إلى ذلك، فإن الإدارة الأميركية ومصر طلبتا من إسرائيل ألا تتدخل".
وبحسب فيشمان، فإن إسرائيل تعتبر أن موافقة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، على اتفاق "لا يمنحه سيطرة على السلاح في القطاع"، ينبع من "حاجته إلى أن يستعرض أمام الإدارة الأميركية صورة حاكم لديه تفويضا بالعمل باسم الشعب الفلسطيني... والولايات المتحدة على وشك طرح خطة سياسية للتسوية في الشرق الأوسط، وتصويره كشريك شرعي هي غاية عليا بالنسبة لعباس".
فيشمان أن إسرائيل "لا تؤمن بأن حماس ستوافق على التزامات السلطة الفلسطينية مع إسرائيل" وأن "التقديرات تفيد بأن الحديث عن اتفاق سينتهي بالانهيار في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر. وفي جميع الأحوال، لن تكون حكومة إسرائيل قادرة على العيش مع هذا الاتفاق، حتى لو شمل تعهدا من حماس للسلطة بخفض التوتر في غزة، لأن الاتفاق سيلزم إسرائيل بالتنازل عن سياسة الفصل بين غزة والضفة، وهو فصلٌ يسمح لها (أي لحكومة إسرائيل) التهرب من عملية سياسية بادعاء أن أبو مازن لا يمثل الأمة الفلسطينية كلها، ولذلك فإنها ليست مستعدة للتنازل بسرعة".
وسبب آخر يجعل اتفاق المصالحة عرضة للفشل، بحسب فيشمان، هو أن "إسرائيل لا تحصل بالمقابل على أي إنجاز مضمون على شكل اعتراف حماس بإسرائيل أو تعهد بوقف أعمال العنف".
من جانبه، رأى المحلل العسكري في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، في مقال نشره في صحيفة "معاريف"، أن اتفاق المصالحة "يبدو جديا أكثر من السابق، لكنه لا يلامس مجموعة الألغام التي بإمكان كل واحد منها أن يفجره، وهي السيطرة الأمنية في غزة وإجراء انتخابات وإعادة عقد البرلمان واندماج حماس في منظمة التحرير الفلسطينية". لكن بن دافيد أردف أن "الأمر المذهل هو أن "من يقدم تنازلات في اتفاق المصالحة هذا هو حماس فقط. وأبو مازن لم يتنازل عن فاصلة ولم يقرر بعد إذا كان سيزيل العقوبات التي فرضها على غزة وأيها".
واعتبر بن دافيد أن "بذور الانفجار تكمن في اللقاء المقبل، حول من سيسيطر أمنيا في غزة. ولا أمل في أن تتنازل حماس في هذه النقطة، ويصعب رؤية أبو مازن يتراجع عن تصريحه حول السلاح الواحد في الضفة وغزة". وأشار إلى أن القيادي المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، يقف جانبا متربصا، "فهو يعرف مدى هشاشة هذا الاتفاق وسيسره أن يقدم دور المخلص بعد انهيار الاتفاق. وربما أن هذا كان قصد المصريين منذ البداية".