قالت مصادر سياسيّة إسرائيليّة رفيعة في تل أبيب إنّ ردّ الفعل الإسرائيليّ المنضبط على المًالحة الفلسطينيّة يرتبط بعدّة أسباب، واصفةً إيّاه بأنّه خارج عن القادة وليس مألوفًا. وتابعت المصادر عينها قائلةً إنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ ليس قادرًا على فعل أيّ شيءٍ ضدّ المصالحة بين فتح وحماس، سوى توجيه الانتقادات والتهم، والعيش على أملٍ بأنْ ينهار الاتفاق، الذي وقّع في القاهرة أمس الخميس.
وشدّدّت المصادر على أنّ هناك ثلاثة أسباب تقف وراء ردّ الفعل الإسرائيليّ المنضبط: الأوّل، أنّ اتفاق المصالحة هو للرئيس المصريّ، عبد الفتّاح السيسي، الذي يُقيم علاقات أمنيّة غيرُ مسبوقةٍ مع الدولة العبريّة، وهو نفس السيسي الذي وصل إلى القمّة السريّة في شباط (فبراير) من العام 2016 للاجتماع مع نتنياهو وزعيم المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، بهدف إقناعهما بتشكيل حكومة وحدةٍ وطنيّةٍ، كما أنّه في الشهر الماضي التقى علنًا بنتنياهو على هامش الاجتماع العّام للأمم المُتحدّة في نيويورك.
أمّا السبب الثاني، بحسب المصادر الإسرائيليّة، فيتعلّق بإدارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، فالإدارة الأمريكيّة لم تنتقد الدور المصريّ في ترتيب المصالحة بين فتح وحماس، إنمّا منحتها التأييد العلنيّ، وتأكيدًا على ذلك، كان وصول المبعوث الأمريكيّ، جيسون غرينبلاط إلى كيبوتس ناحال عوز في الجنوب، على الحدود المصريّة وإطلاق تصريح بأنّ السلطة الفلسطينيّة يجب أنْ تعود للسيطرة على قطاع غزّة، وتنتزعها من حركة حماس.
وشدّدّت المصادر على أنّ تصريح المبعوث الأمريكيّ لم يكن صدفة، بل أنّه قبل الشهر في مؤتمر الدول المانحة عاد وأكّد على أقواله، كما عمل على إصدار بيانٍ مُشترك للرباعيّة الدوليّة يؤكّد على أنّ قطاع غزّة يجب أنْ يعود لأحضان السلطة الفلسطينيّة.
وأوضحت المصادر أيضًا أنّ إدارة ترامب التي تنوي طرح حلٍّ للنزاع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، وأنْ تمنع أيضًا اندلاع مواجهةٍ عسكريّةٍ في القطاع ، تفهم جيّدًا أن عودة السلطة للقطاع مهمّة للسببين الاثنين اللذين ذُكرا، ولفتت أيضًا إلى أنّ غرينبلاط هو إنسان ذكيّ ويعرف أنّ عودة السلطة إلى القطاع لا تتّم إلّ عن طريقة المُصالحة بين حماس وفتح.
وأشارت المصادر أيضًا إلى أنّ السبب الثالث يعود إلى تقديرات الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة والتي تؤكّد على أنّ عودة السلطة الفلسطينيّة للحكم في قطاع غزّة تخدم المصالح الأمنيّة للدولة العبريّة.
وأوضحت المصادر أيضًا أنّ إسرائيل تملك جميع الأدوات لإفشال المُصالحة بين فتح وحماس، ولكنّها اختارت الآن عدم إفشالها، ذلك أنّ نتنياهو ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، يعرفان جيّدًا أنّه لا مكان لفعل أيّ شيءٍ، لأنّ ترامب والسيسي يؤيّدان الخطوة الفلسطينيّة، وخلُصت المصادر عينها إلى القول إنّ! ما تبقّى لإسرائيل الآن هو الانتقاد، والانتقاد بشكلٍ هادئً، ويأملا بأنْ يُثبت الفلسطينيون مرّة أخرى بأنّهم لا يهدرون أيّ فرصةٍ ويقومون هم بأنفسهم بإفشال المصالحة، بحسب تعبير المصادر في تل أبيب.
كما ذكرت صحيفة (هأرتس) العبريّة، نقلاً عن مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب، أنّ الدولة العبريّة امتنعت عن شنّ هجومٍ شديدٍ على أتفاق المصالحة الذي أعلنت عنه أمس الخميس في القاهرة حركتا فتح وحماس، وردّت بلسانٍ دبلوماسيٍّ على هذه الخطوة، بحسب المصادر.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في تل أبيب قولهم إنّ إسرائيل ستختبر التطورات على الأرض وستعمل وفقاً لذلك.
علاوةً على ذلك، أشارت إلى أنّ ردّ المسؤولين الإسرائيليين كان متماسكًا أكثر من البيان الذي أصدره مكتب رئيس الحكومة قبل أسبوع ونصف.