وجه الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء خلال جلسة حكومة الوفاق الوطني الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة غزّة برئاسته، تحية إكبار واعتزار الى أهلنا في غزة الصامدةِ، وإلى أبناء شعبِنا المُرابطِ في كلِ شبرٍ من وطنِنا، وفي المنافي والشتات، وإلى شُهدائنا الأبرار، وإلى أسرانا البواسلِ في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وإلى أهلنا الصامدين في القُدسِ الشريف عاصمتُنا الأبديةُ، وإلى أهلِنا المُرابطينَ المُتجذرينَ بأرضِهم والمدافعينَ عن تاريخِها ومُقدساتِها.
وقال رئيس الوزراء: "نفتتح الجلسةَ الثانيةَ والسبعينَ بعدَ الِمئة لِحكومةِ الوفاق الوطنيّ، بتوجيهاتٍ ومُتابعةٍ من فخامةِ الأخ الرئيس محمود عباس، في كنفِ غزة الأبية العصيةِ على الموتِ والانكسارِ، وَوسَطَ توافقٍ وَطنيّ وإجماعٍ على رأب الصدع الذي أنهك الكُلَ الفلسطينيَّ، وأحدث اختلالاتٍ كبيرةً في بُنيةِ مُجتمعِنا ونظامِنا السياسيّ."
وأضاف الحمد الله: "إننا اليوم أمامَ لحظةٍ تاريخيةٍ هامةٍ، نسمو فيها على الجِراح، ونرتقي بوحدتِنا بعيداً عن التجاذبات والخِلافِ والانقسام، ونُغلبُ المصلحةِ الوَطنيةَ العُليا، بما يُحققُ تطلعاتِ شعبِنا الفلسطينيّ في قطاع غزة، وفي كُلِ شبرٍ من أرضِنا، يحدونا الأملُ، بأن تتوافرَ جميعُ العواملِ والظروفِ لتمكين حُكومة الوفاق الوَطنيّ من تَسَلُّمِ صلاحياتِها كاملةً، بالمضمونِ لا بالشكل، وبالفعل لا بالقول، وَوفقاً للقانون الأساسيّ والقوانين النافذةِ الصادرةِ عن رئيسِ دولة فلسطين، لإنهاءِ الانقسامِ بكلِ أشكالِهِ وتداعياتِهِ وتحقيق المُصالحةِ، وأننا بالوحدةِ والشراكةِ، نُعطي قضيتَنا الوَطنيةَ الزخمَ والقوة،َ ونَصلُ بمشروعِنا الوَطنيّ إلى نهايتِهِ الحَتميةِ بِإنهاءِ الاحتلال وإقامةِ دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس."
وأكد رئيس الوزراء أن شعبنا يوحدهُ النضالُ، وتجمعُهُ مسيرةٌ طويلةٌ وخالدةٌ لتكريسِ هويتِنا ونيل الحُريةِ والاستقلال، وتَجمعُنا نضالاتُ أسرانا البواسلِ، ومُعاناةُ أبناءِ شعبنا في قِطاع غزة الذينَ تحملوا ويلاتِ الحُروبِ المُتتاليةِ، وعاصروا الانقسامَ وعانوا من تبعاتِهِ المؤلمةِ، ويُوحدُنا أيضاً صمودُ وبقاءُ أبناءِ شعبِنا في الأغوارِ وفي الخليل، وفي المناطقِ المهمشةِ والمُهددةِ من الجِدار والإستيطان، ونقفُ موحدينَ خلفَ القدس، بعروبتِها وتاريخِها الحضاريّ، وَبكافةِ مقدساتِها وبالمسجد الأقصى المُبارك، قِبلةُ هَويتِنا الوَطنيةِ.
وأشار رئيس الوزراء، إلى أنه منذ أن أصدر سيادةُ الرئيس مرسومَ تشكيل حُكومة الوفاق الوطني في الثاني من حزيران سنة 2014، فقد تشرفت الحكومة بالعمل بتَوجيهاتِه الحكيمةِ لطي صفحة الانقسام وتحقيق الوحدة، مضيفا: "إننا تحملنا مسؤولياتنِا في الإنفاق على قطاع غزة في كافة المجالات، واقتسمنا مع أهلنا فيها موازنةَ الحُكومةِ نصفاً بنصف، وعملنا على تغطية تكاليف الطاقةِ والمياه والصحةِ والتعليم، وواصلنا دفع َرواتب الموظفينَ والمتقاعدينَ، وقد تحدينا العدوانَ والحصارَ، وعقدنا أولَ اجتماع ٍلحكومةِ الوفاق في قلبِ غزةِ في التاسع من تشرين الأول عام 2014، وأرسلتْ الحُكومةُ وفدَها الوزاريَّ لِتَسلمِ وَزاراتهم في غزة، وأنه خلالَ السنوات الماضيةِ، ورُغمَ الصُعوبات والعراقيل التي حاصرتْ عملَنا، وتباطؤ إيفاء المانحينَ بالتزاماتِهم التي تعهدت بها في مؤتمرِ القاهرةِ لإعادِةِ إعمار قطاع غزّة، والتي وصلنا منها حوالي 37% فقط، تمكنا من تنفيذِ مشاريعِ في مجالات الكهرباء والمياهِ والبُنيةِ التحتيةِ والتعليم، وَقمنا بترميم وتوفير التمويلَ اللازمَ لحوالي 76% من البيوت المُهدمةِ كُلياً، وإصلاحُ نحو 63% من العدد الكُليّ للمنازلِ التي تضررت جُزئياً من العدوان ِالإسرائيليّ الغاشِمِ."
وأستدرك رئيس الوزراء: "نعود مرةً أخرى اليوم إلى قطاع غزّة، لِنذللَ العقبات ونُشرعَ البابَ واسعاً للأمل والإرادةِ والوحدةِ، ونفسحَ المجال أمامَ حكومةِ الوفاق لتتسلمَ مهامِها ومسؤولياتِها في إدارةِ شؤونِ المُحافظاتِ الجنوبيةِ في كافةِ القِطاعات، مؤكداً على أنه بالتوافقِ والشراكةِ مع الفصائلِ والقِوى الوَطنيةِ، سيُصار تدريجياً، إلى صونِ وحدةِ ومنعةِ نظامِنا السياسيّ، وَحلِ جميعِ القضايا الإداريةِ العالقةِ، وفي مُقدمتِها ملف الموظفين، في إطار اتفاقِ القاهرةِ، وَمن خلالِ اللَجنة الإداريةِ القانونيةِ، وضِمنَ الإمكانيات المُتاحةِ."
وأستطرد رئيس الوزراء: "نُدركُ أنَ إعادة المؤسسات الرسميةِ في قطاع غزّة إلى إطارِ الشرعيةِ والقانون، ومعالجةَ كافةِ تداعياتِ وتبعات الإنقسام، يحَتاجُ إلى جُهودٍ مُضنيةِ والكثيرِ من الصبرِ والوقتِ والحِكمةِ، إلاّ أنَ الحكومةَ عازمةٌ وجاهزةٌ لِتولي مسؤولياتِها، ومُمارسةِ صلاحياتِها وبَسطِ ولايتِها القانونيةِ في قطاعِ غزة بشكل فعليّ وَشاملٍ دونَ أي اجتزاءٍ أو انتقاصٍ أو استثناء، لطي صفحةَ الانقسامِ إلى غير رِجعةٍ، لإعادة مشروعنا الوَطني إلى وجهتِهِ الصحيحةِ نحوَ إنهاءِ الاحتلال الإسرائيليّ وإقامةِ الدولة وحلِ القضية الفلسطينية على أساسِ قواعد القانون الدوليّ والقرارات الأُمميةِ وكافةِ الاتفاقيات والمواثيقِ ومبادئَ الشرعيةِ الدوليةِ."
وثمن رئيس الوزراء عالياً، الدورَ الهامَ والتاريخيَّ الذي لعبتهُ جمهوريةُ مصر العربيةِ، لضمانِ إتمامِ المُصالحةِ وإنجازِها بشكلٍ شاملٍ وكاملٍ، كما ثمن كافةَ المُبادراتِ والجهودِ الشعبيةِ التي دَعمت خطواتِ إنهاءِ الانقسامِ. ووجه الدعوة إلى الجميع دون استثناء، لِرَصِّ الصفوفِ والالتفافِ حولَ المُصالحة والوِحدةِ الوَطنيةِ، وتغليبِ المصلحةِ الوطنية العليا على أي اعتباراتٍ أو مصالحَ فئوية وحزبيةٍ ضيقةٍ، كما دعا مؤسسات القطاع الخاص والأهليّ ورجالِ الأعمالِ والمُستثمرينَ إلى العملِ في قطاع غزّة، للوقوفِ عند احتياجاتِ أهلِها ونجدتِهِم، ليكونَ توافقُنا وِوفاقُنا جَميعاً، هو عُنوانُ المرحلةِ القادمةِ، والإطارُ الذي ننفذُ من خلالهِ المشاريعَ والبرامجَ والتدخلاتِ الحُكوميةَ.
وشدد رئيس الوزراء على أن تفكيكَ عقباتِ المُصالحة والبدءَ بخطواتٍ ملموسةٍ على الأرض لإنهاءِ الانقسامِ، إنما يَضعُ الدولَ والجهاتِ المانحةَ أمام مسؤولياتِها للوفاءِ بكاملِ التزاماتِها التي تعهدت بها في مؤتمر لإعادةِ الإعمار الذي عقد في القاهرة عام 2014، حتى نتمكنَ من استكمال بناءِ ما دمرَهُ العدوانُ الإسرائيلي في قطاع غزة، وتلبيةِ احتياجاتِهِا الاساسيةِ والطارئةِ، منوها إلى أن هذا يمثل أولوية عَمل الحكومة التي لا تسبقُها أي أولوياتٍ أُخرى، ومناشداً المجتمعَ الدوليَّ بالتدخلِ الفاعلِ لإجبارِ إسرائيل على رَفعِ حصارِها الظالمِ عن قطاع غزة وإنهاءِ سياسةِ العقوباتِ الجماعيةِ التي تنتهجُها، وفتحِ كافةِ المعابر والمنافذ، وإنهاء إحتلالِها لأرضِنا ومواردِنا.
وقال الحمد الله: "فلسطين ستبقى عَصيةً على التدميرِ والمُصادرةِ، وَفوقَ كُلِ الخِلافاتِ العربيةِ والإقليميةِ والدَوليةِ، ولن نقبلَ بأن يُزجَ بِها في أي خِلافٍ مهما كان، وأننا في الوقت الذي نُكرِّسُ فيهِ العُمقَ العربيَّ والقوميَّ لقضيتِنا العادلةِ، فإننا لن نتنازلَ عن هويتِنا الوَطنيةِ الراسخةِ والجامعةِ، وسنصونَ منعةَ واستقلالَ قرارِنا السياسيّ الذي صنعتهُ مَسيرةٌ طويلةٌ من قوافل الشهداء ومن النضال والكفاح ِمن أجلِ الخلاص من الاحتلال، ونيل الحُريةِ والاستقلالِ، وإقامةِ دولة فِلسطين المُستقلةِ كاملة السيادةِ على حُدودِ عام 1967، وغزة في قلبِها والقُدسُ عاصمتُها الأبديةُ."