تستمر الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، في تصعيد إجراءاتها القمعية العنصرية ضد الشعب الفلسطيني وأرض وطنه وممتلكاته، ضاربةً بعرض الحائط الاتفاقيات الموقعة والقوانين الدولية ومبادىء حقوق الانسان السامية، ومتجاهلةً لقرارات الشرعية الدولية، وجميع الادانات والنداءات المطالبة بوقف تلك الانتهاكات الجسيمة بحق الفلسطينيين. هذا ما تؤكد عليه بشكل دوري عديد التقارير الأممية وفي مقدمتها التقارير الصادرة عن مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية (اوتشا)، التي توثق إنتهاكات الحكومة الاسرائيلية واذرعها المختلفة وجرائم المستوطنين.
تؤكد الوزارة أن الاحصائيات والأرقام التي تتضمنها تلك التقارير خاصة التقرير الأخير، أصبحت بالنسبة للمعاناة الفلسطينية اليومية شيء مجرد وإعتيادي، لم يعد يثير لدى القارىء أية ردود فعل، والسبب يعود الى أن القارىء بات معتاداً على مطالعة أرقام شبيهة طوال 50 عاماً من الاحتلال، مما شكل لديه مناعة ما إتجاه هذه الأرقام، وأصبح ينظر اليها ــ إن نظر ــ برؤية مجردة دون أن تعني الكثير، هذا اذا لم تمر تلك الارقام مرور الكرام. لو توقفنا أمام التقرير الاخير لـ (اوتشا)، الذي يغطي الأسبوعين الأخيرين، نجده يشير الى إنتهاكات خطيرة تمارسها حكومة الاحتلال وقطعان المستوطنين، ترتقي الى مستوى الجرائم، بدايتها حرق 400 شجرة زيتون لتنضم الى 2800 شجرة تم إتلافها من قبل المستوطنين منذ بداية هذا العام، كما يشير التقرير الى أن سلطات الاحتلال قامت بهدم ما مجموعه 21 مبنى في المنطقة المصنفة (ج) والقدس الشرقية، بذرائع وحجج واهية، مما أدى الى تهجير وتشريد مئات العائلات الفلسطينية بمن فيها الاطفال والنساء والشيوخ. كما نقرأ في التقرير كيف صادرت قوات الاحتلال 50 برميلاً لتخزين المياه، خلال هذين الاسبوعين الاخيرين، مما تسبب في الحاق الضرر بسبل عيش الكثير من العائلات الفلسطينية، في ذات الوقت يشير التقرير الى إصابة 48 فلسطينيا بجروح مختلفة نتيجة تعرضهم لاعتداءات من قبل جيش الاحتلال وعناصر المستوطنين الارهابيين، ويتحدث عن اعتقال 152 مواطناً، مما يعني إعتقال 10 مواطنين يومياً خلال تلك الفترة، ومداهمات واقتحامات بالجملة، وإرهاب المواطنين العزل.
عندما نبدأ بالتعمق في هذه الأرقام ومعانيها والاماكن التي حدثت فيها وتأثيراتها على حياة المواطنين، نكتشف أنها تعكس سياسة احتلالية مستمرة هدفها تشريد المواطن الفلسطيني عن أرضه، ورغم أن هذه السياسة متواصلة دون توقف منذ اليوم الأول للاحتلال حتى هذه اللحظة، ورغم أن الارقام تشير الى تصاعد خطير في الانتهاكات بمختلف اشكالها لضرب صمود المواطن الفلسطيني، الا أن مجرد رؤية هذا التصاعد في الحالة الهمجية الاحتلالية العنصرية وغير القانونية، يعكس في المقابل متانة صمود شعبنا وبقائه على أرض وطنه، كما تؤكد هذه الارقام فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه. نعم، إنها معركة طويلة وتحتاج الى نفس طويل، أهم ركائزها تعزيز صمود المواطن الفلسطيني في أرضه، فهنا تكمن بدايات الانتصار.
إن الوزارة اذ تدين بأشد العبارات مسلسل الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين ضد أبناء شعبنا، فانها تشكر (اوتشا) على استمرارها في نشر هذه التقارير واصرارها على إتمامها، وفضح الانتهاكات الاسرائيلية برغم أن الاحتلال بغطرسته وقوته العسكرية وترهيبه للدول الاخرى واعتماده على حماية الدولة العظمى، لا يبالي بمثل هذه التقارير، لكنها على الاقل تعطي للمراقب نبذة عما تقوم به سلطات الاحتلال يوميا من اجراءات قمعية وفاشية، لعل الاصوات المدافعة عن الاحتلال والتي تعتبره (احتلالا حميدا) تتعظ من ذلك.