كيف لعبت أميركا دوراً في إنجاح التقارب بين فتح وحماس بعد سنوات من الخلاف؟

الجمعة 29 سبتمبر 2017 01:24 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف لعبت أميركا دوراً في إنجاح التقارب بين فتح وحماس بعد سنوات من الخلاف؟



الاناضول

يتفق محللون سياسيون فلسطينيون على أن الولايات المتحدة الأميركية قد رفعت الحظر الذي كانت تفرضه على إتمام المصالحة الفلسطينية.

واستندوا في موقفهم هذا إلى عدة قرائن، أهمها البيان الذي أصدرته الخميس 28 سبتمبر/أيلول 2017 "اللجنة الرباعية الدولية"، التي تضم الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، ورحبت فيه بجهود المصالحة، ولم تهاجم حركة حماس، كعادتها.

وقال مبعوثو اللجنة الرباعية الدولية، في بيانهم، إنهم "يدعمون الجهود المبذولة لإعادة تمكين السلطة الفلسطينية من تسلُّم مسؤولياتها في قطاع غزة".

وحثّ البيان "الأطراف على اتخاذ خطوات ملموسة لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية الشرعية".

وكان موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، قد قال لوكالة الأناضول، في حوار نُشر الخميس 28 سبتمبر/أيلول 2017، إن الولايات المتحدة الأميركية قد رفعت الحظر الذي كانت تفرضه سابقاً على إتمام المصالحة.

تغيير بالسياسة الأميركية

ورداّ على سؤال عن مصادر معلوماته في هذا الشأن، قال أبو مرزوق: "وصلتنا معلومات عبر مصادر خاصة بهم، وأخرى من دبلوماسيين غربيين، تؤكد أن الولايات المتحدة رفعت الفيتو عن المصالحة الفلسطينية، وهذا ما أشارت إليه تقارير صحفية أميركية؛ بأن هنالك تغييراً في سياسة الإدارة الأميركية".

ويرى طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة "الأيام"، الصادرة في رام الله بالضفة الغربية، أن "الأحداث التي تجري على الساحة الفلسطينية، وتصريحات الممثلين الأمميين فيما يتعلق بملف المصالحة الفلسطينية، تشير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية رفعت فعلياً الفيتو عن ذلك الملف".

ويرتبط توقيت رفع الفيتو عن المصالحة بالتحرك السياسي الأميركي بشكل عام في المنطقة، والذي يتجه نحو تحريك ملف السلام الإقليمي، وفق "رؤية غير واضحة"، بحسب عوكل.

وأوضح أن بيان اللجنة الرباعية الدولية يأتي بطلب من واشنطن، بعد غياب طويل لها عن الساحة الفلسطينية؛ لتعزيز الموقف الذي يقول إن "المجتمع الدولي كلّه أصبح يطالب بتحقيق المصالحة ومستعد لدعمها".

وقال عوكل: "كما يأتي ذلك البيان في إطار تبني ودعم الرباعية الدولية للتحرك الأميركي نحو التسوية الإقليمية".

وتهدف "الرباعية الدولية"، من خلال دعمها جهود المصالحة، إلى "إزالة العقبات من أمام السلطة الفلسطينية، والمشاركة في هذا الحراك السياسي، والتعامل معه بشكل إيجابي".

القبول بحماس

وكي تنجح جهود "الرباعية الدولية" لتعزيز المصالحة وتُعطي مصداقية لمواقفها، لم تأتِ على انتقاد حركة حماس، أو وصفها بـ"الإرهابية"، وفق عوكل.

ولفت إلى أن اللجنة الرباعية الدولية "تقبل بحركة حماس؛ لكونها منخرطة بالسلطة الفلسطينية، التي ستبسط سيطرتها مجدداً على غزة، خاصة أن حماس لن تكون معارضاً لهذه الخطوة ولن تنفرد بحكم القطاع".

وقال: "حماس قدمت ما عليها من تنازلات من باب نزع الذرائع والإيمان الحقيقي بضرورة تسهيل أي مصالحة وقدمت مرونة لتسهيل عمل الحكومة".

واتفق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، مع عوكل، في أن "المؤشرات على أرض الواقع تشير إلى وجود توافق دولي لإنجاح المصالحة الفلسطينية".

وأضاف: "سلوك الولايات المتحدة، والمبعوثين الأمميين للضفة الغربية وقطاع غزة، وما صرح به أبو مرزوق، يشيران إلى أن أميركا رفعت الفيتو وأعطت الضوء الأخضر لإنجاز المصالحة".

ويرى إبراهيم أن بيان "الرباعية الدولية" يعزز من فكرة رفع "الفيتو" عن المصالحة، وإعطاء ضوء أخضر لإنجاحها.

ويتابع إبراهيم: "المناخات الدولية والتسويات التي تجري في الإقليم أو على المستوى الدولي، كل ذلك ساهم وعزز إلى الآن التوصل إلى هذه المصالحة".

وتبقى اللجنة الرباعية الدولية، على حدّ قول إبراهيم، مكوّناً من مكوّنات المجتمع الدولي، وتمثّل موقفه العام.

قطاع غزة

كما يرى إبراهيم أن إسرائيل على ما يبدو ترحب بتقارب مصر وحركة حماس؛ لكونه يُبعد شبح المواجهة العسكرية في قطاع غزة.

وقال: "نشرت الصحافة الإسرائيلية أنهم راضون عن تقارب حماس ومصر، وتعتبر عملية تبريد جبهة قطاع غزة مهمة بالنسبة لإسرائيل، في الوقت الذي يزداد فيه التوتر بالطرف الشمالي (الحدود مع لبنان وسوريا)".

ويرى أن نجاح المصالحة الفلسطينية سيؤخر من حدوث أي عملية عسكرية في قطاع غزة.

ويتوقع المحلل السياسي أن للإدارة الأميركية دوراً في تحريك ملف المصالحة، مشيراً إلى أن إعلان الأمم المتحدة إنشاء صندوق لدعم تسلّم حكومة الوفاق مهامها بغزة، يؤكد ذلك.

وكان نيكولاي ميلادينوف، منسق عملية السلام في الشرق الأوسط، قد قال خلال زيارته لقطاع غزة، الإثنين الماضي، إن الأمم المتحدة ستعمل على إنشاء صندوق لدعم تسلُّم الحكومة بغزة مسؤولياتها.

وفي السياق ذاته، يتفق الكاتب والأكاديمي الفلسطيني أسعد أبو شرخ، مع سابقيه، في وجود موافقة دولية لإنجاح المصالحة بين حركتي فتح وحماس.

ويعتقد أبو شرخ في حديث مع "الأناضول"، أن الأطراف الدولية التي تدخلت لإنهاء الانقسام تشاورت مع إسرائيل. وقال: "إسرائيل لها مصلحة في المصالحة.. هي لا تريد حروباً أو عنفاً في هذه المرحلة، وكل تركيزها الآن خارج فلسطين".

ويعتقد أن "الرباعية الدولية" تدعم المصالحة؛ من أجل "تحجيم دور المقاومة، وإدخال التنظيمات المسلحة ما وصفها ببيت الطاعة".

غير أن أبو شرخ يؤكد أن ذلك الأمر سيكون مستحيلاً بالنسبة للفصائل، إلا أنه من الممكن "عقد تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل من خلال تحرك دبلوماسي تشارك قيه (الرباعية)".

وتريد الأطراف الدولية، كما يؤكد أبو شرخ، التعامل مع السلطة كجهة وحيدة، على أن تكون حركة حماس تحت جناحها.

وأضاف: "العملية السلمية فشلت فشلاً ذريعاً، وإسرائيل وأميركا لا تعترفان بحل الدولتين ولا تصرحان بذلك، ولمحاصرة وتفادي ذلك ترى تلك الأطراف في المصالحة والوحدة حلاً".

والمصالحة من وجهة نظر الأطراف الدولية، كما يرى أبو شرخ، تضبط المنطقة، وتُبعد شبح الحروب.

وفي 17 سبتمبر/أيلول الجاري، أعلنت حركة حماس حلّ اللجنة الإدارية التي شكّلتها في قطاع غزة لإدارة المؤسسات الحكومية؛ وذلك "استجابةً للجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام".

ودعت الحركة، في بيان لها آنذاك، حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة؛ "لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فوراً".

وجاء حل اللجنة في إطار جهود بذلتها مصر، خلال الفترة الماضية، لتحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام المتواصل منذ منتصف 2007، في ظل وجود وفدين من قيادات "حماس" و"فتح" بالعاصمة القاهرة، آنذاك.

وأعلنت الحكومة الفلسطينية الثلاثاء الماضي، أنها ستتوجه الإثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017، إلى غزة، وستعقد اجتماعها الأسبوعي هناك، وستبدأ في تسلُّم مهام عملها.